الآن نذهب إلى الصفة الأخرى عن الاسم السومري ألا وهي مقطع الـ”إن-en”. أنا الإنسان الكوردي البسيط أجد أن هذا المقطع حللوا رمزه خطأ، أو دون خطأ، أو دون عكسياً أي يجب أن تكون هكذا ne- ني عنده يكون اسم على مسمى أي القصب وهي نەی – Nai باللغة الكوردية؟ كما قلت في عنوان المقال، هذا رأيي عن الاسم المذكور في عنوان المقال، وفي كل ما يخص سومر أقارن بين مفردات اللغة السومرية واللغة الكوردية. سبق وقلنا في إحدى كتاباتنا،أن قناة العربية ذات مرة قدمت تقريراً علمياً عن سومر وفي سياقه ذكر التقرير اسم مدينة نەیپور – نَيبور – Naipor – Nippur: كانت نيبور (نەیپور) مدينة مكتظة بالقصب.. . أي مدينة القصب. عندها قلت لزوجتي لقد قاله المتحدث دون أن يعي ماذا يعني الاسم؟ حقاً إنه اسم على مسمى مدينة القصب، لأن بيوت وأكواخ نيپور كانت مبنية بالقصب؟. وهذا النمط في قيام المنازل والمضايف سائدة إلى اليوم في الأهوار عند أولئك الذين استعربوا بعد الغزو العربي في صدر الإسلام حيث كثرة القصب والبردي الوفيرة على المسطحات المائية. وفيما يتعلق بالقصب، جاء في قاموس الكتاب المقدس: القصب الفارسي الذي يكون ارتفاعه ما بين 15و 20 قدما. وساقه يلوح في الهواء ويتمايل. وقد ضرب المثل بالقصب التي تحركها الريح. يقصد قاموس الكتاب المقدس بالقصب الفارسي إي القصب الإيراني، لأن البلد في ذلك التاريخ كان اسمه فارس، فلذا قال قاموس الكتاب المقدس القصب الفارسي. كأنك في زمن يوغسلافيا تقول عن شيء ما يوغسلافي أو صربي، مع إنه يمكن أن يكون كرواتي أو بوسني أو كوسوفي. بالمناسبة أن المؤرخ ملا(محمد جميل روژبياني) يقول أن كلمة هور كوردية ويشرح: إن كلمة هوراو تعني المستنقع – المستنقعات. ويضيف روژبیاني: من المحتمل أن العرب قد استعاروا الكلمة من اللغة الكوردية وحوّروها إلى (هور) وجمعها (أهوار). الذي تفضل به العلامة روژبياني يتطابق مع كلمة هَور- هەور- Hawr أي الغيم- السحاب الذي يحمل الماء؟. لاحظ الرسم السومري لكوخ القصب أدناه:
عزيزي المتابع، كانت لنبتة القصب رموز روحية ترمز إليها في العقائد القديمة وذلك لاستقامة طولها التي يقولون ترمز إلى حياة الاستقامة الروحية، والمادة البيضاء التي في داخلها قد ترمز إلى بياض السيرة إلخ. فعليه نجد أن هناك جمع من الآلهات حملن صفة “نَي” قبل اسمهن؟ كـ “نَيدابا- نەیدابا- Naidaba” أو “نَيسابا- Naisaba” التي كانت آلهة القصب والبعض يقول كانت آلهة الخصب، لا فرق كثيراً بين التسميتين، وهي التي جعلت القصب تخصب وتنموا في مسطحات المائية . لاحظ أن آلهة الـ”نَي” – القصب، تسبق اسمها صفة الـ”نَي” “نَيدابا- نەیدابا- Naidaba” أو “نَيسابا- Naisaba” يظهر أن الكثير من الآلهات والأشخاص ليس من باب الصدفة أنهن أو إنهم حملن أو حملوا اسم العمل الذي يقومون به، مثال الملاح أورشنابي، بالفارسية السباحة في الماء، في النهر أو بحر تسمى شنا- Shna، والسباحة بالكوردية أيضاً تسمى سنَاو- Snaw. والرجل الذي يعرف سر الخلود، الذي قص قصة الطوفان، وأعمر (أكبر سناً) من الآخرين اسمه أوتو- نبشتم، باللغة الكوردية إلى اليوم يقولون للذي يسبق الآخرين بعمره يقول هاتنوپشتم، أي الذين جاءوا من بعدي إلى الحياة؟. بالمناسبة في اللغة الكوردية يقلبون الألف هاءَ وبالعكس، مثلاً يقولون للنهوض أَلس- ئەڵس و هَلس- هەڵس. أَلپَرگه – ئەڵپەرگە أَلپَرگه وهَلپرگە إلخ. واسم كَلگامش – کەڵگامش سبق وشرحناه في مقالات سابقة بأنه اسم مقطعي مكون من ثلاث مقاطع حيث أن كَل- کەڵ أو گَل- گەل، يعني باللغة الكوردية الكبير، العظيم. وگامش يعني الجاموس. لقد شرحنا في سياق هذا المقال أن گامش هو الآخر مكونة من مقطعين گا و مش أو ميش. وانكيدو صديق كلگامش كان قبل تعرفه على كلگامش يعيش مع الحيوانات البرية ويعدو معهم دون عناء، فلذا آخر مقطع من اسمه هو “دو- Du” و دَو- دەو- Dau باللغة الكوردية يعني العدو، الجري السريع. وهكذا جاء في ملحمة كلگامش التي ترجمها (طه باقر) في ص 59 يتحدث عن انكيدو:
إنه يجوب البراري والتلال يرعى الكلأ مع حيوان البر ويستقي معها عند مورد الماء إلخ.
وإله الشمس اسمه بالسومرية اوتو والشمس باللغة الكوردية حتى يومنا هذا تسمى: هَتاو – هەتاو- Hataw، وكلمة أمة التي تعني القبيلة، الجماعة بالسومرية، وايوم تجد في اللغة الكوردية كلمة ئێمە – ايمه- – Eyme Eimaإلخ. لمن يريد الزيادة عن اسم الأمة لنا مقال بعنوان: ما هو نوع العلاقة بين كلمة “أمة” السومرية بالرسم العربي وكلمة ئێمە- Eyme الكوردية؟. يستطيع الاطلاع عليه. هل من الصدفة هذا التشابه بين هذه الأسماء وموافقتها نطقاً ورسماً مع اللغة الكوردية اليوم؟. وفيما يتعلق بالقصب، يقول الدكتور المؤرخ جبار عبد الله الجويبراوي: القصب يرتبط بنشوء الحياة في بلاد سومر وبدء الخليقة. وسيد نبات الهور. وفيما يتعلق الأمر بآلهة الخصب فقد استخدم الأقدمون رموزاً لها لعل من أشهرها حزمتين من القصب برأسين معقوفين.. . ويقول المؤرخ الجويبراوي، وهكذا مثله قال طه باقر في ص 133 في المصدر المذكور: إن كوخ القصب أو بيت القصب ورد في ملحمة كلكامش. ويستمر: ففي اللوح الحادي عشر وفي قصة الطوفان ترد لفظة القصب في الخطاب الذي وجهته الآلهة إلى (أتو- نابشتم) (صاحب كوخ القصب):
أسمع يا كوخ القصب يا جدار يا جدار أسمع يا كوخ القصب وأفهم يا حائط أيها الرجل (الشروباكي) يا ابن ((أوبار- توتو)) قوّض بيتك وابن لك فلكا(سفينة).
بالمناسبة، تقريباً جميع المؤرخون العرب والأجانب المعتبرون والمعتمدون في مراكز العلم والأدب ومعهم المنجد في اللغة والإعلام يقولون: السومريون شعب غير سامي – غير عربي- استوطن بلاد سومر في جنوب العراق منتصف الألف 4 ق.م. أسسوا حضارة رفيعة امتد أثرها امتداداً واسعاً.
يتبع..