نظرة على آخر المستجدات المتعلقة بإيران!
بعد الزيارتين المهمتين والتاريخيتين لوزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو (حتى يناير 2021) ونائب الرئيس الأمريكي السابق مايك بنس (حتى يناير 2021) إلى “أشرف 3” واللقاء بالسيدة مريم رجوي شهدنا موجة من ردود الفعل من جانب بعض القوى والتيارات وخاصة من النظام الحاكم في إيران، موجات تضمنت وحملت في طياتها وأشارت إلى تحولٍ كبيرٍ فيما يتعلق بإيران قبل أي تقييم أو تحقق بهذ الخصوص، إحتراقٌ واستياءٌ وغضب من جانب نظام ولاية الفقيه، وعلى الجانب الآخر فرحة وسعادة وإثارة ونشوة في الوصف في أوساط الشعب والتيارات الشعبية، وما هو مذهل حقا هو نهضة الناس ونشوتها وتحركاتها ونهوض الأفراد والتيارات الناشطة تحت المسميات والشعارات والعناوين الحيوية المختلفة التي تدعو إليها معارضة هذا النظام!
والتطورات الجارية على جانبي حدود إيران تدلل على حقيقة أن الحكومة الملالي الديكتاتورية في أضعف موقف ممكن، وأن حركة الاحتجاج الشعبية وعلى وجه الخصوص أنشطة وفعاليات وحدات المقاومة داخل إيران، وتألق المقاومة الإيرانية في أفضل مواقفها وفي أوج قدرتها.
البديل الديمقراطي الحقيقي الذي سيحل محل النظام الإيراني:
تسلط اللقاءات الأخيرة الضوء بشكل كبير على عنوان البديل الديمقراطي الوحيد في مواجهة النظام أي ( المجلس الوطني للمقاومة) وتبرزه، و في السنوات الأخيرة وبشكل خاص الأشهر القليلة الماضية كانت هناك المساعي والجهود من قبل الديكتاتورية الحاكمة وبعضا من دوائر الاسترضاء في الغرب لحرف مسار الانتفاضات الشعبية في إيران وتدمير هذا البديل (أو تحييده وجعله غير ذي جدوى على الأقل).. وفي طيات هذه الجهود يجب علينا أن نضع إصابعنا على مشروع كانت وزارة مخابرات النظام قد بدأته بالتسلل إلى صفوف المنتفضين وبدأت بترديد شعار ” طابت روحك رضا شاه” وبمعنى آخر(السلام على روحك رضا شاه) كتمجيد لحقبة الشاه وأبيه، وكذلك استخدمت فلول ديكتاتورية الشاه السابقة المتواجدة في خارج إيران، مشروع لم يكن في طياته سوى العمل على إبقاء الديكتاتورية في إيران!
الخصائص البارزة للبديل من أجل إيران ومُعرِفاته التي تُعرّفه!
قيل الكثير حتى الآن عن خصائص البديل في مواجهة النظام الديكتاتوري الحاكم في إيران، ولا زال بالإمكان قول المزيد ليضاف إلى إستحقاقه، ولكن ما يمكن الإشارة إليه كأهم الخصائص التي تعنون هذا البديل هي “تاريخ وجود البديل وثباته واستمراره البديل”، وهذه هي السمة الفريدة التي ينفرد ويخص بها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بمفرده باعتباره أطول وأقدم تحالف سياسي دائم في تاريخ إيران، وخاصة أن “منظمة خلق مجاهدي خلق” العضو المحوري فيه والتي لها تاريخ ” مواجهة ملحمية مع دكتاتوريتين” من عمر تاريخ إيران المعاصر إذ خطت طريقها وعبرت بمسير دام ومرت بأحداث باطلة واختبارات فُرِضت عليها وخرجت منها منتصرة على الدوام.. إنها مسيرة نضال شاقة ومكلفة، وهنا مهما كانت بوصلة الاتجاه الذي يتجه إليه الوضع الإيراني فإن هذه القوة قد قطعت الطريق على صناعة البدائل المزيفة (!) ووضعت مستقبل إيران لما فيه صالح الشعب!
ضمانات من أجل مستقبل إيران حرة !
بالإضافة إلى الماضي المشرق والمسيرة المنتصرة في العديد من التجارب التاريخية الصبورة المتأنية في خضم معركة مقاومة ومواجهة الدكتاتورية وهي المسيرة التي يمكن أن تكون مؤشرا جيدا ومرجعا سليما لتقييم قوة أصيلة ذات ثبات ومتجذرة في المجتمع الذي هو أساس تكوينها وبقائها، بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون لهذه القوة أيضا برنامجا حقيقيا وواضح من أجل المستقبل، واستندت إستراتيجية المقاومة الإيرانية منذ اليوم الأول على إسقاط نظام ولاية الفقيه وضغطت بهذا الإتجاه متابعة أهدافها ودفعت أثمانا باهظة لذلك، وبعبارة أخرى لم تحيد هذه القوة البديلة الوحيدة عن استراتيجيتها وشعارها الرئيسي شعار “لا للشاه.. ولا لولي الفقيه” وكانت خطة مسارها العام ولا زالت هي القضاء على الديكتاتورية في إيران.
تماشيا مع التعهد والتضحية اللامحدودة، ولضمان الخطط والسياسات والمشاريع المعلنة للمقاومة من أجل ” مستقبل إيران حرة ” ينبغي على المرء أن يضع إصبعه على منصة مشروع الموادة العشرة(مشروع الـ 10 مواد) للسيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة لهذا المجلس، منصة المواد العشرة التي تحظى بدعم وإسناد وتأييد الغالبية العظمى من الشعب الإيراني، وكذلك تحظى بدعم طيف واسع من المجتمع الدولي، وفي منصة مشروع المواد العشرة هذه تم التأكيد على الحريات، وحقوق النساء، وحقوق القوميات، وفصل الدين عن السلطة، والتعايش والسلام مع الدول وخاصة الدول المجاورة لإيران وكذلك رفض الأسلحة النووية.
مؤشر البديل المؤتمن ؛ قضية السياسة اليومية في إيران
بُذِلَت جهودٌ مكثفة على مر السنين من قبل بعض حكومات الاسترضاء والمهادنة على تقديم بديل لهذا النظام، لكن فقدان الشرعية الشعبية وأهداف هذه البدائل غير الوطنية وخاصة في ظل وجود بديل حقيقي وديمقراطي ألا وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية باءت كل هذه المساعي والجهود بالفشل، ولم تحظى بقبولٍ وترحيبٍ شعبي ولا عالمي.
إن لكلا الطرفين المطالبين بهكذ بدائل والمدعين الذين يقولون أنه (لا يوجد بديل) لهذا النظام هدف مشترك، إنهم يريدون “الحفاظ على الديكتاتورية” في إيران سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد قال السيد مايك بنس بخطابه في أشرف3 وفي حضور تجمع للمجاهدين: “يريد النظام الإيراني خداع الشعب، وكأن الشعب الإيراني يريد دكتاتورية ملكية، ونحن تنطلي علينا الكذبة القائلة بأن هذه الديكتاتورية ستُستبدل بديكتاتورية ملكية، يريد النظام الحاكم خداع العالم ليصدقوا بأنه لا بديل للوضع الحالي، ولكن هناك بديلا تم تنظيمه جيدا، وكفوءا ذي أهلية وشرعية تامة ويحظى بدعم شعبي، وكل الذين جاءا واجتمعوا هنا اليوم في أشرف3 جاءوا ليبثوا ويبعثوا الأمل لشعب إيران.
كلمة أخيرة!
تُبرز التطورات الكبيرة المتعلقة بإيران والمقاومة الإيرانية الحاصلة في السنوات والأشهر الأخيرة عدة رسائل واضحة منها:-
– أن النظام في أضعف حالاته، وأن تعيين إبراهيم رئيسي في منصب رئاسة الجمهورية هو أكبر سوء تقدير ارتكبه علي خامنئي، ومؤشر دقيق على تأزم النظام وضعفه الكامل في مواجهة الأزمات.
– فشلت سياسة الاسترضاء التي إنتهجها الغرب مع نظام الملالي، وأن وجود تيار يسمى بـ دعاة الملكية في المجتمع الإيراني لا أساس له من الوجود والصحة.
– بصفتها “البديل الحقيقي والديمقراطي الوحيد الممأسس والمنظم” في وجه النظام الإيراني، استطاعت المقاومة الإيرانية تخطي العديد من العقبات، وإعداد منصة مشروع واضح وعملي قابل للتنفيذ من أجل مستقبل إيران ويحظى بدعم من غالبية الشعب الإيراني، وطيف واسعة جدا من المجتمعات الإنسانية في هذا العالم.
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.