السبت, سبتمبر 28, 2024
Homeاخبار عامةتغيير الجنس "حرام شرعاً" في إقليم كردستان... مجلس الإفتاء في مواجهة ناشطين...

تغيير الجنس “حرام شرعاً” في إقليم كردستان… مجلس الإفتاء في مواجهة ناشطين مدنيّين

مجلس الإفتاء في إقليم كردستان العراق.

مجلس الإفتاء في إقليم كردستان العراق.
في فتوى مفاجئة جديدة، أعلن المجلس الأعلى للإفتاء في إقليم كردستان العراق “تحريم عمليات تغيير الجنس”، الأمر الذي اعتبره العديد من الناشطين المدنيين والثقافيين مصدراً للقلق، سواء من السلطة التي يخوّل المجلس نفسه التدخل فيها، بما يتجاوز تفاصيل العبادات وإدارة الشؤون الدينية، أم من حيث نوعية الخطاب الذي يستخدمه، معتبرين أن مساعيه الراهنة تدخل في خدمة القوى السياسية والاجتماعية المحافظة في الإقليم، ومحاولة لتحديد الحريات الفردية والعامة المدنية التي يمتاز بها الإقليم.
المجلس قال في الفتوى الأخيرة إن “تغيير الجنس من ذكر إلى أنثى، أو بالعكس، هو خارج تعاليم الإسلام، ويُعتبر حراماً شرعاً”، مضيفاً في النص الذي وزعه على وسائل الإعلام المحلية “أن هذا العمل (تغيير الجنس) هو تغيير لخلق الله، ويحرم إجراؤه بأي شكل من الأشكال، وعلى الأطباء أيضاً أن يعلموا أن مجرد الاشتراك في إجراء عمليات جراحية بشأن ذلك هو حرام شرعاً ويُؤثم عليه الطبيب”.
سجالات
وضجت وسائل التواصل الاجتماعي في إقليم كردستان بحوارات ومواقف حول الموضوع، رأى بعضها أن فتوى المجلس هي مسعى للحفاظ على الهوية الثقافية والاجتماعية لمواطني الإقليم، حيث إن الأغلبية المطلقة منهم “مسلمون سُنّة”. فيما اعتبر آخرون، أغلبيتهم من الناشطين الاجتماعيين والثقافيين، أن المجتمع الكردي لم يعد فئة واحدة، حتى تخوّل جهة ما لنفسها تحديد آلية الحفاظ على هويته ونوعيتها، معتبرين أن الحريات العامة هي الجوهر الذي ينظم العلاقات والخلافات بين الطبقات الاجتماعية في الإقليم.
وكان السجال تفاعل في إقليم كردستان حيال مسألة المتحولين جنسياً بعد مقتل دوسكي آزاد، الشاب الذي تحول إلى أنثى، في نهاية كانون الثاني (يناير) من العام الجاري.
دوسكي أزاد
الناشطة المدنية براف هماوند شرحت في حديث مع “النهار العربي” المشكلة الجوهرية بين أبناء الجيل الجديد من مواطني الإقليم، بما تمثله المؤسسات والمنظمات المدنية والثقافية، وبين مؤسسة المجلس الأعلى للإفتاء. تلك العلاقة التي وصلت إلى وضع يجب أن يسعى البرلمان والحكومة الإقليمية والقضاء لحلها، بحسب رأي الناشطة، لأنها الجهات المخولة، وفق القانون، الحفاظ على الحريات المدنية، الفردية والعامة، التي هي الجذر المؤسس للحياة العامة في الإقليم.
تقول هماوند: “ثمة مشكلة كبرى في آلية فهم أعضاء المجلس ووعيهم لكل تفاصيل القضايا التي يخولون أنفسهم التدخل فيها. ففي هذه الفتوى الأخيرة لا يعرف المرء إلى أي درجة ثمة اطلاع لديهم على نتائج الدراسات البيولوجية والطبية الحديثة، التي تنفي أن يكون الشخص ذكراً أو أنثى قطعاً، وأن المسألة أكثر تركيباً وصعوبة مما يفترضه العقل التبسيطي والذكوري لأعضاء المجلس. كذلك يفترض أن الأساس في كل ما تذهب إليه هو الثوابت العقلية التي اعتادت عليها مؤسسة الإفتاء منذ قرون، وليس المشكلات والأزمات والعذابات التي قد يعانيها آلاف البشر، جراء ما قد يواجهونه من مشكلات هرمونية وعضوية وجسدية، وحقهم في اختيار ما هو أكثر يُسراً لحياتهم اليومية”.
عمليات التجميل
وكان مجلس الإفتاء في الإقليم قد أصدر قبل عام تماماً فتوى مثيرة للجدل أيضاً وقتئذ، نصت على أن جميع العمليات “التجميلية غير الضرورية” هي محرمة شرعاً، محددة نوعيات غير قليلة من تلك العمليات، مثل “تصغير الفم والأنف والأذن”، إلى جانب “رفع الشفاه والخدود والوجه وإزالة علامات الشيخوخة”، معتبرة أن “التجميل لمجرد التجميل” أمر محرم شرعاً.
القوى المدنية النسوية في إقليم كردستان تعترض عادة على معظم الفتاوى الصادرة عن المجلس، معتبرة أنها في المحصلة تستهدف القوى النسوية وحقوق النساء في الإقليم، وتذكر بما طالب به رجل الدين الملا مزهر لجنة الإفتاء في الإقليم صراحة، بإصدار فتوى بـ”إغلاق جميع المنظمات النسوية، لتكون النساء في إقليم كردستان محميات من الجهات التي تسمم عقول النساء”. وأصر رجل الدين من خلال دعواته على تحريم تأجير المنازل والقاعات للقوى والمنظمات النسوية، كذلك اعتبر تخصيص حكومة الإقليم أي مبالغ مالية لهذه المنظمات النسوية أمراً “محرماً شرعاً”، لأن المنظمات النسائية تقوم بأمور “غير أخلاقية” بحسب رأيه.
صراع أجيال
الكاتب والباحث جومرد برهاني شرح في حديث مع “النهار العربي” كيف أن آلية “الصراع” في الإقليم تشبه باقي أنحاء المنطقة، من حيث سعي المجلس مع باقي القوى المحافظة إلى ضبط إيقاع التغيرات الحياتية في المجتمع، فيما تتدفق أجيال جديدة من المواطنين، لديهم خيارات حياتية مختلفة تماماً.
يشرح برهاني ذلك قائلاً: “لا يتعلق الأمر بالنساء فحسب، رغم أنهن الأكثر تعرضاً لتأثيرات ذلك، كونهن “العدو المثالي” للطبقات المحافظة ومؤسساتها، لكن المجتمع بكامله يجد نفسه في مواجهة. فمجلس الإفتاء، ومثله الدعاة ورجل الدين، يجدون أنفسهم يومياً في مواجهة أنماط جديدة من الحياة، تخرج الناس من تحت سلطتهم، وتمنح مزيداً من الحرية والفردانية والحق في تحديد سلوك الحياة من دون أي أبوية توجيهية من أي طرف، بينما لا تملك مؤسسة الإفتاء وغيرها من الجهات غير الرفض، ومن ثم التنازل والقبول النسبي، إلى أن ينتهي الأمر بها إلى التعامل والقبول بالأمر الواقع، حدث ذلك طوال السنوات العشرين الماضية في إقليم كردستان، وفي مختلف القضايا”.
يتابع برهاني حديثه محدداً الصعوبة التي تواجهها حكومة إقليم كردستان وغيرها من المؤسسات الشرعية الحاكمة، ويقول: “سلطة الإقليم تحاول أن تخلق توازناً ما، لإيمانها بوجود مختلف الطبقات في الحياة الاجتماعية. فمن جهة تخلق دعماً ورعاية للمنظمات النسائية وغيرها من الجهات المدنية، كالتزام أدبي وسياسي منها بجوهر دورها في الحياة العامة. ومن جهة أخرى، تسمح لمؤسسات مثل مجلس الإفتاء بأن يساهم نوعاً ما بالحياة العامة. لكن المشكلة تحدث حينما يختلّ ذلك التوازن في مرات غير قليلة، فتواجه الحكومة حرجاً ما. وهنا بالضبط يبرز دور القوى السياسية، التي هي مدنية/حداثية بأغلبيتها في الإقليم، وهي المشكلة للحكومة، وتالياً عليها القيام بواجب الدفاع عن الحياة والحقوق المدنية، سواء عبر الحكومة أم المجتمع”.
المصدر: النهار العربي
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular