نقله :
غازي فخري مرار
22 اكتوبر 2022
اضواء على خطاب الرئيس الفرنسي الموجه الى الشعب الفرنسي , وهذا خطاب لابد للسياسيين والدبلوماسيين من دراسته بعنايه فيه امور هامة حول السياسة الدولية والعلاقات الاوروبية مع الولايات المتحده وصورة العالم في المرحلة القادمه .
اجرى ماكرون تحليلا عاما للوضع الدولي الحالي جاء فيه : الهيمنة الغربية تقترب من نهايتها، النظام الدولي ينقلب بطريقة جديده كليا وانا متاكد من ان هذا اضطراب كبير في تاريخنا، وله عواقب بعيدة المدى في جميع المناطق تقريبا، انه تحول في النظام الدولي , وتكامل جيوسياسي , واعادة تنظيم استراتيجي . نعم يجب ان اعترف بان الهيمنة الغربية قد تقترب من نهايتها .. لقد اعتدنا منذ القرن الثامن عشر على نظام دولي قائم على الهيمنة الغربية . هذه فرنسا مستوحاة من عصر التنوير من القرن الثامن عشر , هذه بريطانيا من القرن التاسع عشر بقيادة الثورة الصناعية هذه امريكا خرجت من القرن العشرين بعد حربين عالميتين , جعلت فرنسا والمملكة المتحده والولايات المتحده من الغرب عظيما لمدة 300 عام . فرنسا ثقافة , انجلترا صناعة , وامريكا حرب . تاتي بعض الازمات من اخطائنا في الغرب , بيبنما تاتي ازمات اخرى من تحديات الدول الناشئة , داخل الدول الغربية ادت الخيارات العديده الخاطئه التي اتخذتها الولايات المتحده في مواجهة الازمات الى زعزعة هيمتنا بشده . لاحظ ان هذا لم يبدا فقط مع ادارة ترامب فقد اتخذ الرؤساء الاخرون للولايات المتحده خيارات اخرى خاطئة قبل فترة طويلة من ترامب وسياسة كلينتون تجاه الصين وسياسة بوش الحربية وازمة اوباما المالية العالمية وسياسة التسيير الكمي . السياسات الخاطئة لهؤلاء القاده الامريكيين كلها اخطاء جوهرية هزت الهيمنة الغربية . يجب ان نعترف بان الصين وروسيا قد حققا نجاحا كبيرا على مر السنين في ظل انماط القيادة المختلفه . تبرز الهند ايضا بسرعة كقوة اقتصادية وفي الوقت نفسه قوة سياسية . لم يعودوا يؤمنون بالسياسة الغربية لكنهم بداوا في متابعة ثقافتهم الوطنية . لا تكمن نهاية الهيمنة الغربية في التدهور الاقتصادي ولا في التدهور العسكري بل في التدهور الثقافي . ان الخيال السياسي للبلدان الناشئة يفوق كثيرا خيال الاوروبيين اليوم انتشلت الصين 700 مليون شخص من براثن الفقر وسيتم انتشال المزيد من الفقر في المستقبل , لكن في فرنسا يعمل اقتصاد السوق على زيادة عدم المساواه في الدخل بمعدل غير مسبوق . الازمة وجدت في فرنسا عندما لم تعد الطبقة الوسطى حجر الزاوية لبلدنا , انهم في بريطانيا يكرهون الاتحاد الاوروبي , ويكرهون السياسة القديمة , ويريدون شيئا اكثر ابداعا من الناحية السياسية .
بالنسبة للولايات المتحده : فعلى الرغم من ان الامريكيين ينتمون الى المعسكر الغربي الا ان لديهم دائما معايير انسانية مختلفه ( تعني الدين ) عن اوروبا . ان الفجوة بين الاغنياء والفقراء في الولايات المتحده اكبر بكثير مما عليه في اوروبا . هناك فجوة واضحة بين الحضارة الامريكية والحضارة الاوروبية على الرغم من ان الولايات المتحده واوروبا متحالفتان بشده الا ان خلافاتنا كانت موجودة . ادى وصول ترامب الى السلطة الى تضخيم الخلافات الاصلية . يجب ان اؤكد ان اوروبا مختلفة عن الولايات المتحده لكن متابعة اوروبا طويلة الامد مع الولايات المتحده لطرد روسيا من القارة الاوروبية ليس صحيحا بالضروره . الولايات المتحده بحاجة الى مواجهة روسيا واوروبا , لكن هل تحتاجها اوروبا . تتعاون اوروبا مع الولايات المتحده لطرد روسيا وهو ما قد يكون اكبر خطا جيوسياسي لاوروبا في القرن الحادي والعشرين . نتيجة طرد روسيا هو ان بوتين ليس لديه خيار سوى احتضان الصين , وهذا يمنح الصين وروسيا فرصة للاحماء . لو لم تطرد اوروبا روسيا لما كانت سياسات روسيا معادية للغرب على الاطلاق ,
يبين هذا الحديث للرئيس الفرنسي قناعاته المهزوزة في الولايات المتحدة ويلقي اضواء هامة على ما سببته الادارات الامريكية باخطائها المتكرره وموقفها من روسيا ابعاد روسيا عن العلاقة مع اوروبا ,
حلف الناتو وعدم تسليح اوروبا يجعلها تحت السيطرة والاوامر السياسية للولايات المتحده .
