.
في مواجهة التهديدات الأمنية التي مثلتها الهجمات التركية والإيرانية على كردستان العراق، قررت بغداد نشر قوات على الحدود الجارتين تركيا وإيران.
ومنذ فترة يشن الحرس الثوري الإيراني ضربات صاروخية على ما يزعم أنها مواقع تابعة للمعارضة الإيرانية الكردية، فيما جددت تركيا عمليتها العسكرية ضد ما تقول إنها مواقع لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال العراق وسوريا.
الناطق باسم قائد القوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول الزبيدي صرح لموقع “الحرة” أن القوات التي ستنتشر على الحدود مع دول الجوار هدفها “مسك الخط الصفري الفاصل بين العراق وتركيا وإيران من خلال إعادة الانتشار وتعزيزها بمخافر حدودية”.
ويشرح أن هذه القوات “ستسيطر على الحدود وتمنع أي عمليات تسلل وتأمين المناطق الحدودية العراقية”.
“تهدئة”
وأكد الزبيدي أن القرار العسكري العراقي سيدفع إلى “التهدئة” مع الجارتين إيران وتركيا، خاصة في ظل “وجود علاقات وجهود دبلوماسية جيدة وكبيرة مع هاتين الدولتين لمنع الاعتداءات على الأراضي العراقية”.
وتابع “لا اعتقد” أن هذا القرار سيعني “حدوث مواجهات مع إيران وتركيا”، خاصة وأن القوات العراقية ستبذل جهودها “لضبط الحدود وحماية الأراضي العراقية، ومنع أي عناصر من استخدام الأراضي العراقية للاعتداء على أي من دول الجوار”.
وكان الناطق باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني قد قال في تصريحات إن بلاده تأمل في “عدم استخدام الأراضي العراقية لتهديد أمن إيران”.
ويرى الباحث السياسي، سامان نوح أن إعادة نشر قوات على الحدود يمثل خطوة “أولية للتهدئة مع إيران”، مشيرا إلى أن هذا الأمر “كان مطلبا من طهران طلبته من بغداد”.
وأضاف في حديث لموقع “الحرة” أن هذا الأمر سيدعم أيضا التهدئة مع الجانب التركي خلال الوقت الحالي، ولكنه لن يشكل “ديمومة للحالة التركية، خاصة وأن أنقرة تؤمن بأن على القوات العراقية محاربة حزب العمال الكردستاني الموجود على الأراضي العراقية”.
ويوضح سامان أن سبب وصفه هذه الخطوة بـ”الأولية” لأن وقف الهجمات الصاروخية الإيرانية لا يتعلق بمنع “المتسللين وتهريب الأسلحة من المعارضين الأكراد الإيرانيين الموجودين بحسب المزاعم الإيرانية”، ولكنه يتعلق بتوقف التظاهرات في الداخل الإيراني.
وتتهم طهران هذه المجموعات بشن هجمات على أراضيها بالتسلل انطلاقا من العراق، وأيضا بتأجيج الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر.
ويرى سامان أن “إيران تريد تصدير أزماتها الداخلية للخارج، ولهذا هي تتذرع بوجود دور للمعارضة الإيرانية الكردية الموجودة على الأراضي العراقية، رغم أن هذه المعارضة في حقيقة الأمر ليست مسلحة ولا تمارس أي عمليات عسكرية، وهي موجودة في هذه المناطق منذ ثلاثة عقود ولم يشكل وجودها أي أزمات سابقا”.
ويعود وجود المعارضة الكردية في العراق إلى ثمانينيات القرن الماضي، وغالبا كان بدعم نظام صدام حسين في خضم حربه مع الجار الإيراني، فيما تشير معلومات إلى أن السبب وراء لجوئهم للعراق هو الروابط الوثيقة التي تجمع أكراد البلدين الجارين، وخصوصا أن كليهما يتحدث اللهجة الكردية السورانية، وفقا لتقرير سابق لوكالة فرانس برس.
وبررت إيران الخميس قصفها جماعات كردية إيرانية معارضة في كردستان العراق في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي على عدم وجود “خيار آخر” لديها لحماية نفسها من “جماعات إرهابية”.
وتابعت البعثة الإيرانية في رسالتها “كثفت هذه الجماعات مؤخرا من أنشطتها ونقلت بشكل غير قانوني كميات كبيرة من الأسلحة إلى إيران لتسليح الجماعات التابعة لها التي تنوي القيام بعمليات إرهابية”.
وفي ما يتعلق بتركيا، فهي قد تخفف من عملياتها العسكرية كرد فعل على إعادة نشر القوات العراقية على الحدود بحسب الباحث سامان، ولكنها “ستعود لمهاجمة قواعد في المنطقة، لأن ذلك يرتبط بوجود أهداف استراتيجية للسيطرة على المنطقة سياسيا واقتصاديا، وهي ترى أنها امتداد طبيعي لها منذ أيام الدولة العثمانية”.
وفي 21 نوفمبر أعربت الحكومة العراقية عن “إدانتها الشديدة” للقصف الإيراني الذي استهدف مواقع للأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة رافضة أن يتحول العراق “ساحة لتصفية الحسابات”.
وأضاف بيان لوزارة الخارجية العراقية أن “الحكومة العراقية تؤكد على أن لا تكون أراضي العراق مقرا أو ممرا لإلحاق الضرر والأذى بأي من دول الجوار”.
وأدانت حكومة إقليم كردستان الهجمات الإيرانية، ولكنها تقول في الوقت ذاته إنها “لا تريد أن تصبح أراضيها منصة انطلاق ضد دول الجوار”.
“البيشمركة”
وتخضع المناطق الحدودية في كردستان العراق لسيطرة البيشمركة، وهي قوات عسكرية خاصة بإقليم كردستان تتبع وزارة خاصة بها.
وقال نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، النائب سكفان يوسف سندي إن القوات العراقية التي سيتم نشرها على الحدود ستكون “داعمة ومساندة لقوات البيشمركة الموجودة على الحدود”.
وأكد في رد على استفسارات “الحرة” بأن هذا القرار لا يعني “التصعيد والمواجهة مع تركيا وإيران”، مشيرا إلى أنه “قد يوجد بعض الفراغ في مناطق حدودية، ولهذا يجب سد هذا الفراغ وضبط الحدود وتأمينها بما يخدم المصالح العراقية”.
وأوضح المتحدث باسم قائد القوات العراقية، اللواء الزبيدي لموقع “الحرة” أن “قوات البيشمركة هي قوات حرس إقليم كردستان العراق، وهي موجودة في الدستور العراقي”، وهي تختلف عن “قوات حرس الحدود التابعة لوزارة الداخلية” والتي تقوم بتأمين النقاط الحدودية.
وأوضح بيان للحكومة العراقية أن خطة إعادة نشر قوات الحدود العراقية ستوضع “بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان العراق ووزارة البيشمركة”.
والثلاثاء، التقى وفد من البيشمركة بممثلين عن وزارتي الداخلية والدفاع. واتفق الطرفان على “استراتيجية تهدف إلى تعزيز أمن الحدود”، بحسب بيان صدر عن إقليم كردستان العراق.
وقال الناطق باسم حكومة إقليم كردستان لاوك غفوري لوكالة فرانس برس إن “حكومة إقليم كردستان سترسل تعزيزات من البيشمركة إلى الحدود”.