* كتبت هذه القصة القصيرة باللغة الكردية وترجمتها إلى العربية والانكليزية.
رجل فقير ماديا كله شرف وكرامة, تألم في حياته كثيرا بسبب الحرمان, خرج من شدة الألم من المدينة وبدأ يمشي في البراري متجها نحو المجهول وعندما تسلق احد التلال بدأ يصرخ عاليا في السماء: يا الهي حسب ما سمعت منهم جميعا بأنك انت اعطيتهم كل ما يملكون, سألت رجال الدين ورجال الحكم والاغنياء عن املاكهم فقالوا الله انعمنا بها لاننا خدمناه طوال حياتنا ونشرنا افكاره بين الناس بالكلمة وبالسيف بموجب كتابه المقدس الذي يضمن حقوقنا, يا الهي اذا كنت حقا موجود وخلقت الانسان فهل يعقل انك تحتاج للانسان ليساعدك في نشر افكارك والدفاع عنك؟, لماذا انت هكذا ظالم, جعلت قلة من الناس اغنياء وبيدهم الحكم وجعلت اكثرية البشر فقراء يعيشون العبودية. ايها الاله الظالم, اسألك المساعدة, فاذا كان حقا في كتابك حقوق الفقراء موجود ومحفوض بالتساوي مع الاغنياء فهل انت اعمى واصم وابكم, اما ترى كل يوم الاغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقرا والذين يحكمون الناس والسلطات الدينية والدنيوية بايديهم كلهم من انجس الناس, كذابون, منافقون, محتالون, لصوص, قتلة, زناة باعراض الناس, الجشع لايشبع اعينهم اطلاقا, واريدك ان تنعم عليّ فانا اموت من الجوع والعطش بسبب جشع رجالاتك رجال الدين والحكم, اسألك قليلا من الطعام والماء واذا كنت لن تردّ عليّ فأنا لن اغفر لك ظلمك ولن اشكرك على اي شيء لانك خلقتني وتركتني اعيش بين الالم وساموت من الالم, فإن قتلتني لن أخسر سوى حذائي المرقع ولباسي المرقعة والالم الذي لا اعرف سواه في كل حياتي واذا التقي بك في يوم ما سنرى من منا سيحاسب الآخر..؟. في ذلك الحين سيد القوم ومعه بعض الاغنياء من رجال الدين والسلطة كانوا قد خرجوا معا لممارسة هوايتهم المفضلة وهي الصيد في البراري القريبة من المدينة فسمع احدهم حديث الفقير مع الله المفترض وجوده في السماء ونقله الى سيد القوم الذي كان مع اصحابه في وادي قريب من التلة, ضحك الجميع وتكفل رجل الدين بالردّ عليه وسلك الوادي العميق وتقرب من التلة وهو مخفي لايمكن مشاهدته وبدأ يصرخ في الوادي وصدى قوله وصل للفقير: اسمع يا من خلقتك عندما الفت كتابي المقدس حفظت فيه حقوق الفقراء والاغنياء معا وأنا قبلت مناجاتاك لي وقررت اعطاءك كل الاراضي التي بإمكانك دعسها بقدميك واترك الامر لك ومدى قدرتك على المشي. فرح الفقير وتبسم لاول مرة في حياته رغم شكّه بأنّ الله تحدث معه فنزل من التلة وبدأ يحسب كل خطوة من خطواته بنصف متر ومشى عشرة آلاف خطوة اي خمسة كيلومترات, لكن الجوع والعطش أهلكه فوقف للاستراحة ثم اعاد التفكير بسبب الطمع وقال لنفسه لماذا لا اقطع خمسة كيلومترات اخريات واصبح غنيا, وتابع السير وعندما وصل الى تلة عالية اخرى بدأ ينادي الله: يا الهي لقد نفذت امرك ومشيت عشرة كيلومترات لكن الجوع والعطش قتلني واني اكاد أن اموت, يا الهي ما فائدة هذه الاراضي التي اعطيتني اياها, يا الهي لا اريدها, اريد فقط قليلا من الماء والاكل كي لا اموت. فجأة سقط الفقير على قمة التلة ومات من الجوع والعطش بعدما فقد كل الطاقة الباقية في جسده, وهو الذي كان قد هرب من الوحوش البشرية بحثا عن الماء والطعام واصبح طعاما لذيذا لوحوش البراري. في ذات اليوم ذهب رجل فقير من احدى القرى القريبة الى المدينة بحثا عن عمل, وشاهد في طريقه النسور يتقاتلون على تلة وعندما شاهدوه ابتعدوا وهو تسلق المرتفع فشاهد جثة رجل مأكولة بعضها وقال لنفسه انها جثة ميت من اتباع الديانة الزردشتية لان الزردشتية ديانة طاهرة تقدس النار والهواء والماء والتراب واتباعها يعتبرون جسد الميت فاسدة مملوءة بالباكتيريا ولا يجوز دفنه في التراب فيضعوه على المرتفعات لتأكله الوحوش والنسور. بعد الوصول الى المدينة وقف الرجل في سوق العمل ينتظر احدا يناديه ويعطيه عملا ما, لكن لسوء الحظ جاء الليل ولم يأتي اليه العمل وجيابه فارغة فنام على الرصيف جائعا ثم مرّ شرطي من هناك وبعد الاستفسار فهم بانه فقير لا يملك المال والحكومة لا تساعد من امثاله فدله الى بيوت العبادة لعلهم يساعدوه وذهب الفقير يبحث عن المعابد, دخل كنيسا لليهود فشاهد انهم يناطحون حائطا من الحجارة ويقرؤون التوراة ووقف بالقرب منهم لكن اليهود لم يعطوه اي اهتمام فصرخ فيهم :ان قوما يعبد حائطا حجريا بناه الانسان بيديه ويصرخ في الله لاعطائه مزيد من المال لا خير فيه, فناداه كاهن يهودي يعمل في قرض الاموال مقابل الربا وقال له: هؤلاء هم بني اسرائيل يعبدون الإله (ايل) وحده, فرد الفقير, ومن هو اسرائيل, فقال الكاهن, هو نبي الله يعقوب الذي نزل الله اليه احتراما ذات ليلة وحدث سوء فهم بينهما وصارعه يعقوب بعد عراك طوال الليل ومنذ ذلك الوقت اصبح اسمه اصرع ايل (اسرائيل) اي الذي صارع الإله ونحن اليهود منه ننحدر, اما بالنسبة للحائط فقد بنيناه تيمنا بحائط المبكى في القدس لانه مقدس لدينا, ابتعد الفقير عن اليهود وهو يردد لا يمكن ان اقبل الخير من قوم عنصريون حتى الههم الذي خلقهم يرونه اقل منزلة منهم فهم يعبدون الها خلق الانسان ثم تنازل ليدخل في عراك بالايادي مع الانسان واستطاع ان يصارعه الانسان اليهودي وينتصرعليه !؟. ذهب الفقير الى المسيحيين وشاهد المسيحيون يقفون امام صليب عليه جثة رجل ويقرؤون الانجيل فسأل احد رجال الدين من هو هذا الميت فأجاب بأنه الرب يسوع المسيح الذي قتله منذ الفين عام الحاكم الروماني بيلاتوس, فسأله عن المساعدة, فأجابه بأن الكنيسة تساعد فقراء المسيحيين والطريق امامك مفتوح, اصبح مسيحي ونحن سنساعدك, فكر الفقير وقال لنفسه لن اعبد الا الها حيا يتكلم مباشرة مع البشر ولا يمكن ان اعبد الها ميتا تم قتله بيد البشر. اتجه الفقير من هناك نحو المسلمين وشاهد الناس تخلع حذاءها وتدخل الجامع فقلدهم وبعد الدخول وقف في الخلف وشاهد الناس تضع جبينها على الارض وترفع قفاها فعجبه منظر القفا المرفوعة امامه وقال لنفسه انها ديانة سيكسية تثير الرغبة الجنسية وبعد انهاء الصلاة شرح وضعه لاحدهم فدله الى امام الجامع. بدء الامام يرحب به ويشرح له ليقنعه بان دخوله الاسلام سيجعله غنيا وسيتزوج اربعة نساء وان الاسلام هو دين الغزوات والحصول على الاموال والنساء وبعد الموت سيحصل المسلم في الجنة على حوريات وانهار من الخمر والعسل, فسأله الفقير بأن المسلمين لمن يتجهون ويسجدون, فاجاب الامام, المسلمون يسجدون ويتجهون نحو الله, فاجاب الفقير, فهل شاهدتم الله حتى تسجدوا وتتجهوا نحوه, اجاب الامام, نحن المسلمون في كل انحاء الكون نتجه نحو الحجر الاسود الموجود في كعبة مكة وهو بيت الله. طلب الفقير من الامام بان ينام في الجامع فقال له الامام, لدينا تعليمات من السلطة بعدم السماح لاي كان النوم في الجامع خوفا من ان يكون احدهم مطلوبا للعدالة. خرج الفقير من الجامع مع الامام ولم يشاهد حذاءه امام الباب وكان قد تم سرقته فطلب المساعدة من الامام لكن الامام قال له, عليك بالصبر ان الله سيعطيك بدلا منها احذية من الذهب في الجنة. ابتعد الفقير عن الجامع وهو يمشي حافيا ويتحدث مع نفسه: سرق المسلمون في اول لقاء لي معهم حذائي لكنهم لم يستطيعوا سرقة عقلي, ودينهم قائم على الغزوات والقتل والنهب واغتصاب نساء الاقوام المسالمة وذلك باسم الههم الذي هو عبارة عن صنم, (حجر اسود) يتجهون ويسجدون له من كافة انحاء الكون وهو يوعد الذين يعبدوه برشوة لا مثيل لها في الجنة وهي ممارسة جنسية مع النساء والسباحة في انهار الخمر وكأن جنة المسلمين عبارة عن خمارة وبيت للدعارة. عاد الفقير الى سوق العمل بعدما حصل على بعض من بقايا الطعام من احد المتسولين ذووا الخبرة في المدينة وهناك شاهد احد ابناء قريته يبحث عن راعي للبقر فاتفق معه وقبل الآجار الذي تم عرضه. قال له جاره, لقد خرجت للتو من القرية واراك ملهوفا بالعودة اليها, فرد جاره الفقير, آه لو تعلم في رحلة قصيرة جداً اكتسبت معرفة تحتاج الكثير من الوقت لاكتسابها, ثم قص عليه قصة سرقة حذائه وقال جئت من القرية البس حذاء والآن سأعود اليها حافي القدمين, فسحبه جاره الى احدى المحلات واشترى له حذاء وعادا معا الى القرية وهو يردد باستمرار, لقد اكتشفت بأن قريتنا اطهر واشرف مكان في الكون كله لانه لا يوجد فيها معبد ديني واحد واهل القرية في الصباح جميعهم يتطهرون باشعة الشمس قبل البدء باعمالهم.
* .