وتتصاعد منذ الساعات الأخيرة مواقف العراقيين على شبكات التواصل لتحذر من خطر تواصل انهيار الدينارعملتهم الوطنية مقابل الدولار الذي ارتفعت قيمته الى 1560 ديناراً منذ أمس بعد ان كانت تتراوح بين 1450 و1455 دينارا مع توقعات بتواصل تهاويه خلال الأيام المقبلة.
وسبق لحكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي أن رفعت أواخر عام 2020 سعر الصرف أمام الدولار إلى 1460 ديناراً بعدما كان في حدود 1182 ديناراً بهدف تعويض تراجع الإيرادات النفطية حينها.
لكن رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني أعرب في تصريحات سابقة عن رفضه لقرار الحكومة السابقة حول سعر صرف الدولار داعيا إلى خفضه “لمنع آثاره السلبية” على حسب قوله.


بورصة سوق الأوراق المالية في بغداد حيث تجري عمليات التضارب بالدولار (تويتر)

عراقيون : المتهم .. أميركا.. ايران .. الفساد
وحول هذا التصاعد الكبير للدولار وانعكاساته الخطيرة على أسعار مفردات غذاء العراقيين فقد وجه هؤلاء وكل بحسب موقفه واتجاهه السياسي اتهامات متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي تابعتها “ايلاف” بالمسؤولية عن ذلك لكل من أميركا وإيران والفساد.
فقد لاحظ عبد اللطيف حسن ان واحدة من معارك قوى الاطار الشيعي مع رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي كانت لتحديده أواخر عام 2020 سعر رسمي للدولار يبلغ 1460 ديناراً وكانوا يقيمون الدنيا ويقعدونها معتبرين انه سعر مرتفع ضحيته الفقراء .. والآن نرى الدولار يسحق الدينار بلا رحمة ليرتفع تصريفه الى 1560 ديناراً ويزيد من رقعة الفقر فعلاً والآتي أخطر.
وخاطب حسن الإطاريين قائلاً “ها هو مرشحكم السوداني يعجز أو يتواطأ من أجل رفع سعر الدولار مقابل الدينار بشكل خطير.. فماذا انتم فاعلون ياتابعي إيران؟”.
وكتب عراقي اطلق على اسمه انكيدو (أحد ابطال ملحمة كلكامش السومرية) قائلاً “تعتقد وزارة الخزانة الأميركية أن الدولار هو أحد وسائل تزويد إيران بالعملة الصعبة من خلال غسيل العملة داخل العراق والتي تحول هذا الدولار الى سلع ومنتجات بقيمة غير قيمتها الحقيقية لذلك فأن الخزانة الأميركية عمدت لأسلوب جديد لتشديد العقوبات من أجل خنق إيران من خلال الدولار.
وأوضح أن أول هذه الضغوط يتم عبر منع العراق من تسديد قيمة ديون الغاز بالدولار للإيرانيين وهو ما أثار موجة خلاف بين الطرفين.. والثاني
فتح الية جديدة يتم من خلالها التشديد على نافذة بيع العملة في العراق ..والثالث أستبعاد المصارف التي تعتقد انها منخرطة في تمويل هذه المشاريع.
وأشار الى أنه لذلك فأن إرتفاع سعر الدولار لن يرى أي انفراجة قريبة وفق هذه الآلية الجديدة خصوصاً مع التدهور المستمر في العملة الإيرانية.
أما معن العزي فقد اشار الى انه “قد مضت 20 سنه على هذه الحال .. والآن عرفت أميركا أن الدولار يُهرب الى خارج العراق ويروح لإيران.. لا أدري من هو المتلاعب أميركا أم الإطار الشيعي لصالح إيران”.

خطة لأحزاب سياسية
أما عبد اللطيف كاظم فقد رأى أن رفع قيمة الدولار هو خطة لضغط نسبة الأنفاق الحكومي واستحداث عشرات الآلاف من الدرجات الوظيفية بحجة تعيين أصحاب العقود والمحاضرين ثم استغلال الاموال لدعم الأحزاب السياسية .. وعواقب هذه الكوارث ستعلق على شماعة العقوبات الأميركية.
من جانبه قال معن عزيز المياحي “سابقاً لم تكن هنالك عقوبات على إيران وعمليات التهريب كانت محصورة ضمن الاتفاقيات التجارية (صفقات فساد) لكن بعد الحصار الاقتصادي ضد إيران ومقتل (سليماني) أصبح (العراق) المنفذ الوحيد الى إيران للعملة الصعبة لمواجهة العقوبات”.
مازن الزيدي طالب رئيس الوزراء السوداني بمصارحة الشعب عن الدور الأميركي في الارتفاع المفاجئ لسعر صرف الدولار مقابل الدينار.. وقال إن ما يقوم به البنك الفيدرالي الأميركي يمثل إعلان “حرب اقتصادية” على حكومة السوداني ومن ورائها الشعب الذي سيتضرر من ذلك. ما يجري “تسخين” للشارع بأدوات أميركية!”.
وعد سعد صالح ارتفاع سعر الدولار “فرصة العراقيين للتحرر من أحادية عائدات النفط بالدولار وعلى الحكومة إعلان بيع النفط بالدينار العراقي بالعملات المحليه للدول المستفيدة.
دريد أشار الى أنه بعد اتهام الصدريين والكاظمي منذ سنة بالمسؤولية عن ارتفاع الدولار.. اليوم يتهمون الأميركان.. وغداً سيتهمون الأكراد والسنة !!.
من جهته رأى ماهر الأسدي “الآن قد تبين آكيداً ان ارتفاع صرف الدولار ماهو إلا لعبة سياسية جديدة” وعدم مطالبة الحكومة بخفض الدولار الى سابق عهده الذي كان من أولويات حكومة السوادني التي تعهدت بذلك وفعلت العكس!”.

التحاق العراق بإيران ولبنان
أما كتلة المنتج الوطني البرلمانية فقد حذرت الحكومة العراقية والبنك المركزي اليوم من انهيار الدينار والدفع بالعراق لأن يكون وضعه الاقتصادي شبيهاً للوضع في إيران ولبنان.
وتوقعت رئيسة الكتلة النائبة إبتسام الهلالي في بيان صحفي اطلعت على نصه “ايلاف” اليوم ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار في نهاية الأسبوع الحالي أو في ليلة رأس السنة إلى 165 الف دينار لكل دولار”.. مؤكدة المخاوف من تأثير ذلك على المواطنين من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وأضافت الهلالي أن “بعض المصارف الأهلية والتجار بدعم من بعض الأحزاب السياسية يقومون بتهريب العملة الأجنبية إلى الخارج عبر المنافذ غير الرسمية بعد شرائها بالسعر الرسمي من نافذة بيع العملة في البنك المركزي العراقي وهذا يعد سبباً رئيسياً في ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي” في إ إشارة الى تهريب الدولار إلى ايران.
وحذرت النائبة من مخاطر “استمرار انهيار الدينار العراقي والارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار وتجاوزه 165 الف دينار في ليلة رأس السنة وان يكون الوضع الاقتصادي في العراق شبيهاً لوضع إيران ولبنان”.

غضب شعبي
أما رئيس حركة “كفى” السياسية النائب السابق رحيم الدراجي فقد حذر من اندلاع “ثورة جياع” في العراق بسبب ارتفاع الدولار المستمر في السوق المحلي.
وقال الدراجي وهو عضو في اللجنة المالية البرلمانية السابقة في تصريح اطلعت عليه “ايلاف” ان “استمرار ارتفاع الدولار سيرفع من أسعار المواد الغذائية وكذلك الأدوية والمواد الأخرى ما سيرفع نسبة الفقر في البلاد وبما يقود الى سحق الطبقة الوسطى وليس الفقيرة فقط.
وأضاف أن “تداعيات كارثة استمرار ارتفاع الدولار مقابل الدينار ستؤدي الى غضب شعبي عراقي يفجر ثورة جياع في البلاد وهذا ما نتمنى حصوله من اجل إزاحة أفسد طبقة سياسية حكمت العراق على مر السنين وكانت سبباً بدمار العراق على مختلف الأصعدة”.

توقعات للسوداني بثورة جياع
وحول ما أشار اليه مدونون على شبكات التواصل الاجتماعي بقيام السوداني بحذف منشورات سابقة له يطالب فيها حين كان نائباً بتخفيض سعر صرف الدولار متوقعاً انفجار ثورة للجياع في بلاده.
وقال عدد من هؤلاء المدونين ورواد الشبكات إن السوداني قام بحذف تغريداته السابقة إلا أن آخرين أكدوا عدم حذفه لها بهذا الشأن.
وازاء ذلك فقد تحققت وكالة ” بغداد اليوم” من ذلك فوجدت أن من بين التغريدات غير المحذوفة واحدة للسوداني في 22 آذار/ مارس عام 2021 والتي وجه فيها رسالة جاء فيها “إلى الحكومة والزملاء والمعنيين .. كفى عنادًا ولا تأخذكم العزة بالاثم، إعادة سعر صرف الدولار الى ما كان عليه لا بد منه لأن البديل “ثورة الجياع” وستكون باهظة الكلفة بأضعاف فرق السعر المتحقق”.
وفي منشور آخر على الحساب الرسمي للسوداني في فيسبوك فق كان عنوانه “ثورة الجياع قادمة اذا لم يخفض قيمة الدولار” نشرها في 24 آذار/ مارس من العام نفسه.
وكان صندوق النقد الدولي قد دعا العراق في بيان في السابع من الشهر الحالي إلى تعزيز الاستقرار المالي وتسريع عملية إعادة هيكلة المصارف الحكومية الكبرى باعتباره أولوية بالغة الأهمية.

د. أسامة مهدي