قرار الحكومة العراقية بتمليك الأراضي والدور السكنية في النواحي وعشرات المجمعات السكنية بقضاء سنجار أدخل السرور بقلوب الايزيديين ومن المتوقع أن تشجع هذه الخطوة النازحين الايزيديين على مغادرة المخيمات والعودة الى ديارهم، ويمثل ذلك أحد النقاط في برنامج عمل الحكومة العراقية الجديدة.
وكانت الحكومة العراقية قد قررت الاسبوع الماضي تمليك الأراضي والدور السكنية التي بنيت ضمن حدود قضاء سنجار بعد عام 1975، وذلك وفق عدة إجراءات لم تعلن بعد، القرار سيشمل على الأقل 13 مجمع سكني وناحية، بينها ناحيتي سنوني والقحطانية (تل عزير) اللتان تعدان أكبر ناحيتين في سنجار.
إبراهيم خدر، مواطن ايزيدي من ناحية القحطانية عاد من النزوح الى منزله في تشرين الأول 2021، قال “سمعنا بالقرار، نأمل أن تستلم الحكومة مبلغاً قليلاً مقابل تمليك الدور السكنية، وأن نستفيد من أي قرار يصب في مصلحة أصحاب المنازل والأراضي التي سيتم تمليكها”.
بعد تمليك الأراضي والدور لاصحابها يتوقع أن ترتفع اسعارها، والأهم من ذلك سيكون بمقدورهم الاستفادة من السلف العقارية.
وقال ابراهيم، “فرحنا كثيراً بالقرار، نطلب بالتعجيل في تنفيذه”.
ابراهيم اشترى في عام 2007 منزلاً طينياً بناحية القحطانية (تل عزير) ثم أعاد بناؤه بالاسمنت على نفقته الخاصة، لكنه ينتظر منذ أعوام صدور قرار بتمليكه.
إجمالاً يوجد ما يقرب من 15 ألف منزل بدون طابو في ناحية القحطانية فيما لا يتجاوز عدد المنازل المملوكة الألف منزل، وهذه المنازل تم هدمها وتمليكها في عام 2000 خلال فترة حكم حزب البعث.
ماجد شنكالي، النائب عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني في البرلمان العراقي، وهو من أهالي سنجار أشار الى أن المساعي لتمليك الأراضي والدور السكنية متواصلة منذ أكثر من 10 سنوات، لكن كانت هناك عوائق أمام صدور القرار وتنفيذه.
منذ تأسيس سنجار استقر فيها الايزيديون ومن حقهم أن يتم تمليك الأراضي والدور السكنية فيها عليهم
وقال شنكالي، “مؤخراً، عملت منظمة تابعة للأمم المتحدة بشكل دقيق وميداني على قضية الأراضي والدور السكنية ووجهت بهذا الصدد تقريراً لرئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، دون وجود أية خطوات لتمليكها، القرار صدر الآن وستباشر لجنة خاصة بالتمليك مهامها بعد رأس السنة وستزور المناطق المشمولة القرار”.
بحسب ماجد شنكالي، القرار يشمل 13 ناحية ومجمع سكني، وأن “ما يقرب من 40 الى 50 ألف عائلة ستستفيد من القرار”.
“منذ تأسيس سنجار استقر فيها الايزيديون ومن حقهم أن يتم تمليك الأراضي والدور السكنية فيها عليهم”.
حول الأهداف وراء هذه الخطوة من الحكومة العراقية قال شنكالي، “من أهم أهداف القرار تشجيع النازحين على العودة الى ديارهم”.
يتواجد أكثر من 600 ألف نازح في اقليم كوردستان، يتوزع قسم منهم على 26 مخيماً، ويشكل الايزيديون نسبة 30 بالمائة من مجموع النازحين معظمهم من أهالي سنجار، وفقاً لإحصائية كشفت عنها دائرة الاستجابة للأزمات التابعة لوزارة الداخلية في حكومة اقليم كوردستان.
(كركوك ناو) تحدث مع عدد من النازحين الايزيديين، والذين عبروا عن سعادتهم بالقرار، لكنهم ينتظرون منحهم ضمانات أمنية وخدمية الى جانب تمليك الراضي والدور السكنية عليهم.
خوديدا جوكي، مدير ناحية سنوني –إحدى النواحي المشمولة بقرار الحكومة العراقية-، قال “حسب متابعاتنا، سيستفيد 90 بالمائة من الايزيديين من القرار”.
يعود تاريخ إنشاء ناحية سنوني، وفقاً لخوديدا جوكي، الى عام 1910، أي قبل تأسيس الدولة العراقية، لكن الحكومات المتعاقبة “لم تبذل جهوداً لتمليك الأراضي والدور السكنية فيها”.
يطالب الايزيديون بتمليك منازلهم منذ عقود
وقال جوكي، “على سبيل المثال، أعيش في منزل يعود تاريخه لأكثر من 100 عام، لكن لم يتم تمليكه حتى الآن، القسم الأعظم من المنازل في مركز ناحيتي سنوني والقحطانية (تل عزير) تعاني من نفس المشكلة”. وحسب خوديدا، من المتوقع أن يستفيد 100 ألف شخص من قرار الحكومة الاتحادية.
وأضاف، “لم تصلنا بعد تفاصيل القرار بشكل رسمي، لكن القرار صدر من مجلس الوزراء ومن المقرر أن تشكل لجنة من إدارة محافظة نينوى وستزور سنجار”.
قضاء سنجار (120 كم غرب الموصل)، منطقة متنازع عليها ضمن محافظة نينوى وتقطنها غالبية ايزيدية، وقع القضاء في يد مسلحي تنظيم داعش وتعرض الآلاف من المكون الايزيدي للقتل، الاختطاف والنزوح، قبل أن تتم استعادته في تشرين الثاني 2015.
“يطالب الايزيديون بتمليك منازلهم منذ عقود، منظمة تابعة للأمم المتحد كانت وراء صدور القرار”.
وجاء القرار بعد أن قرر رئيس الوزراء العراقي الجديد، محمد شياع السوداني، في 9 تشرين الثاني 2022، حسبما جاء في المنهاج الوزراي لكابينته، إلغاء إجراءات التدقيق الأمني في المناطق التي استعيدت من قبضة “الدولة الاسلامية في العراق والشام –داعش”، من ضمنها محافظة نينوى.
حرمان الأيزيديين من التملك في سنجار.. قرار عراقي ينهي مأساة عمرها 47 سنة
يعيش الأيزيديون في قضاء سنجار، منذ آلاف السنين، وبرزت قضيتهم في السنوات الماضية بعد استهداف داعش العنيف لهم في العراق. لكن ربما لا يعلم كثيرون أن هؤلاء المواطنين كانوا لا يملكون حق ملكية منازلهم وأراضيهم، في مأساة عمرها 47 عاما، تسبب بها قرار أصدره النظام السابق عام 1975. قبل أن تصدر الحكومة العراقية قرارا ينتهي هذا الوضع.
ويقول، دخو شنكالي، الناشط الإيزيدي من سنجار، لموقع “الحرة” إن سنجار أو (شنكال) وهو الاسم الثاني للقضاء “مرتبط بالإيزيديين بعمق، حيث عاشوا فيه منذ قديم الزمان، ولديهم فيه الكثير من المعابد والأضرحة الدينية، كما تعرضوا فيه لأبشع فاجعة في هذا العصر”، حيث سيطر تنظيم داعش على مناطقهم واستهدفهم بالقتل والخطف.
ويضيف أنه “مع هذا، لم يكن بإمكان الإيزيديين تملك بيوتهم وقطع الأراضي التابعة لهم في القضاء، بسبب سياسات مفروضة من النظام السابق، الذي جمع مكونات القضاء في مجمعات سكنية، ولم يملكها لهم”.
ويعود قرار عدم تمليك الأراضي للإيزيديين والكرد في سنجار إلى عام 1975، خلال فترة رئاسة، أحمد حسن البكر، وحزب البعث للدولة العراقية.
ويقول شنكالي إن “وجود الحركات التحررية الكردية والصراع بينها وبين الحكومة المركزية جعل سنجار في قلب هذا النزاع، وأثر على الإيزيديين منذ عقود”.
وأصدر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، والأمم المتحدة، الأربعاء، بيانا مشتركا حول قرار يتعلق بمنح الإيزيديين حق ملكية منازهم وأراضيهم في سنجار.
ويقول الصحفي والناشط الإيزيدي، سامان داود، إن قرار مجلس الوزراء الأخير يمثل خطوة إيجابية في حسم ملف تمليك الأراضي للايزيديين في قضاء سنجار ممن لم تتملك أراضيهم السكنية منذ عام 1975.
وقال البيان الذي نشره المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء إنه “بسبب السياسات التمييزية، لم يكن مسموحا لنحو ربع مليون مواطن عراقي إيزيدي في قضاء سنجار بمحافظة نينوى، من تملك منازلهم وأراضيهم السكنية منذ عام 1975”.
وأضاف البيان أنه “في 12 كانون الأول 2022، وافق مجلس الوزراء العراقي على مرسوم تقديم حل شامل ودائم للإيزيديين في سنجار، يمنح المرسوم ملكية الأراضي السكنية والمنازل في 11 مجمعا سكنيا، لشاغليها، وهي مجمعات: خانصور (التأميم)، دوﮔري (حطين)، بورك (اليرموك)، ﮔوهبل (الأندلس)، زورافا (العروبة) ودهولا (القادسية)، في ناحية الشمال / قضاء سنجار، ومجمعات تل قصب (البعث) وتل بنات (الوليد)، في ناحية القيروان / قضاء سنجار. ومجمعات: تل عزير (القحطانية) وسيبا شيخدري (الجزيرة) وكرزرك (العدنانية) ناحية القحطانية/ قضاء البعاج/ محافظة نينوى”.
وأنشأ النظام العراق السابق هذه المجمعات، بحسب الصحفي، سامان داود، لـ”السيطرة على المكونات التي تعيش في هذه المنطقة”.
وتعتبر منطقة سنجار، التابعة إداريا لمحافظة نينوى (الموصل) من المناطق المتنازع عليها، وتعيش فيها أغلبية إيزيدية مع عدد من العرب السنة أغلبهم من قبيلة “شمر”.
وقال السوداني بحسب البيان إن “قرار الحكومة العراقية بتمليك العراقيين الإيزيديين لمنازلهم في سنجار، التي حرموا من تملكها منذ أكثر من 47 عاما يأتي بسبب السياسات الإقصائية الظالمة التي انتهجها النظام الديكتاتوري السابق، وفي سياق سعي الحكومة العراقية، الواضح والصريح، لرعاية حقوق المكوّنات العراقية، وخصوصاً المكوّن الإيزيدي الكريم في سنجار وسهل نينوى”.
ويقول الصحفي، سامان داود، لموقع “الحرة” إن القرار يلقي أيضا “الضوء على قدم مأساة الإيزيديين في علاقتها الشائكة مع الحكومات المتعاقبة، وبالتحديد منذ عام 1975 في ضوء السياسات التي تبناها نظام البعث بعد احتواءه الحركة الوطنية الكردية في أعقاب اتفاقية الجزائر منذ 47 عاما، وترحيل الأيزيديين قسريا من قراهم في محيط جبل سنجار، والتدمير المنهجي لقراهم وردم الآبار والينابيع وتجريف الأراضي والبساتين، ثم إعادة ضبط السكان عبر جغرافيا أمنية في مجمعات صممت لغرض مراقبة واحتواء السكان وإفقارهم اقتصاديا”.
وتابع أن هذا القرار “يعد خطوة ثالثة لحل معضلة سنجار وإنصاف الإيزيديين، بعد اتفاق اربيل-بغداد بشأن سنجار وقانون الناجيات الإيزيديات”.
وبعد تحريرها من سيطرة داعش، شهدت المنطقة نزاعات بين القوى الكردية التابعة لإقليم كردستان، والقوى التابعة للحشد الشعبي، وكلهم يمتلكون فصائل مشكلة من إيزيديين من المنطقة، كما زاد وجود حزب العمال الكردستاني في سنجار من تعقيد المشهد.
ومؤخرا، عقد اتفاق بين إقليم كردستان وبغداد لحل وضع سنجار.
ويقول داود إن “العبرة ليست في إصدار القرار فحسب، بل في طريقة تنفيذه وعلى نحو يشجع النازحين على العودة، ولا يشكل عامل إنقسام أو نزاعا جديدا، وأخيرا أن لا ننسى تنفيذ مقررات اتفاق سنجار الأخرى مثل حل معضلة الأزدواجية الإدارية، إعادة إعمار القضاء، والتعامل مع تعدد المرجعيات الأمنية والفصائل المسلحة، وتوفير الخدمات”.
وتعرضت الأقلية الإيزيدية، وهي جماعة ناطقة بالكردية يعتنق أبناؤها ديانة توحيدية، لمئات السنين للاضطهاد بسبب معتقداتها الدينية، كان آخرها على يد تنظيم داعش الذي قتل أبناءها وهجرهم وسبا نساءها.
ووفرت سنجار، أو جبلها بالتحديد، ملاذا آمنا للإيزيديين الهاربين من سيطرة داعش، لكنها أيضا شهدت بالإضافة إلى جريمة القتل الجماعي بحقهم، مجاعة كبيرة هددت حياة اللاجئين إلى الجبال قبل أن يتم إنقاذهم.
وقبل سبع سنوات فقط من هجوم داعش على سنجار، قتلت تفجيرات في المنطقة ما يقرب من 800 شخص وأصابت أكثر من 1,500 آخرين.
وتقع منطقة سنجار أيضا في مرمى نيران الغارات الجوية التركية المتفرقة التي تشنها أنقرة ضد قواعد حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه “إرهابيا”.