السيد مسرور بارزاني المحترم
يقول الشيخ أحمد البارزانى رحمه الله( سيأتي زمانٌ يصبح فيه المخلص مفلسًا) وبات قوله واقعًا مريرًا
وملموسًا!!
الفساد مرض خطير وما أن يصاب مجتمعًا أو مؤسسة او دولة إلا ويفتك بها حتى تنتهي بها الى الحضيض
والدرجات الدنيا، الفساد أنواع منها المالي والإداري اللذان أكثرها تأثيرًا ولكن الفساد السياسي والأخلاقي
والتعليمي والاجتماعي والثقافي والصحي ليست اقل شأنًا منهما.
الفساد قديم ومارسه الإنسان بأساليب مختلفة وبنسب متفاوتة وهذا لا يعد سببًا لتبريره او عدم مكافحته من
قبل السلطات العامة، لأن الفساد صفة مذمومة وعمل مشين والفاسدين اشخاص لا قيمة لهم ولا وزن وهكذا
يجب أن يكونوا.
على الرغم من كون الفساد خطرًا ولكن الأخطر منه بدرجات كبيرة عندما يصبح هذا الفعل الخبيث ظاهرة
علنية منتشرة يمارسه فرق وجماعات ويقبله غالبية أفراد المجتمع بكونه عملًا شجاعًا وبطوليًا ويصبح
سلوكًا وثقافة، بدلًا من كونه حالة فردية منبوذة وسرية.
لكل منا اصدقاءه ومجالسه الذي يحضره اعداد مختلفة ومتنوعة، نرى الفاسد العلني في رأس المجلس جالسًا
ثرثارًا متكبرًا ومتفوهاً ومتحدثًا عن أساليب فساده المالي والإداري وكيف خدع رؤساءه وجمع المال
وأستحوذ عليه وأقنعهم بأنه الصالح المصلح، كأنه قاهر الجماعات الارهابية او حاصد للجوائز العالمية من
النوبل والأوسكار في خدمة وطنه والإنسانية، رافعًا صدره وشامخًا رأسه عاليًا في مكانه بين مجالسيه الذين
يسمعون إليه بلهف وينصتون بشغف ويصفقون له ويجعلون من هذا الفاسد المتعفن بطلًا لا مثيل له وخبيرًا
في الإدارة وكسب المال.
أما الصالح المسكين الذي يتجنب كل أنواع الفساد استحياءاً من دماء شهداء وطنه ونضال رجاله الشجعان
وعرق جبين المخلصين وخوفًا من الله سبحانه وتعالى بالحساب يوم القيامة وان الفساد حرام بكل المعايير
وفي كل الأديان والثقافات، سيبقى في الدرجات الأدنى لا صوت له ولا ثقل.
هذا الصالح يصبح هدفًا لسخرية الجالسين متهمًا بالجبن والسذاجة والغفلة ولا يجيد بناء مستقبله ومستقبل
أولاده، غير مسموع الكلام والاعتبار في نظر هؤلاء المغفلين.
في الحقيقة ان هذا الصالح هو الاصل والثابت والباني الصحيح والخادم الفاعل والمؤثر والعزيز والباقي،
على الرغم من قلتهم وكثرة الفاسدين، فالكثرة لا تمنح الشرعية للفعل الخاطئ والقلة لا يسلب منه الصحة
والأحقية.
ان ما ذكرناه، هو واحد من حالات كثيرة ومتكررة بشكل يومي واضح ولكل منا امثلة متعددة عن هذا الامر
والتي تؤثر في نفسية المواطن الصالح الذي يشعر بقوته تجاه الهجمة الشرسة عليه ونظرة المتطفلين من
الناس له وسيبقى هو الأقوى والأصلح بينهم.
مثل هذه الثقافات الدنيئة في المجتمعات تحتاج إلى إرادة قوية وجهود كبيرة ومشتركة من اجل محاربتها
وإقلاعها من الجذور وبناء إنسان صالح ومصلح.
حكومة إقليم كوردستان برئاستكم أتخذت اجراءات وخطوات سليمة في هذا المجال وحققت نجاحات كبيرة
ولكنها مطالبة بالمزيد والمزيد فالمواطن يأمل فيكم وبجهودكم من أجل كوردستان امنٍ ومزدهر.
والله ولي التوفيق.
عبدالله جعفر كوفلي/ باحث اكاديمي
kuvileabdelah@yahoo.co.uk
٩/١/٢٠٢٣