قال تقرير نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية بعد نحو 30 دقيقة من الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، فجر الإثنين 6 فبراير/شباط 2023، إن “من المرجح وقوع أضرارٍ جسيمة، ومن المحتمل أن تكون الكارثة واسعة النطاق”، فيما قدّر التقرير أن الخسائر الاقتصادية ستصل إلى 1% من إجمالي الناتج المحلي التركي.
كان التقرير رصد آراء خبراء هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية والذين أشاروا إلى أن فرصة وقوع ما يتراوح بين 100 و1.000 حالة وفاة تبلغ 34%، أما فرصة وقوع ما يتراوح بين 1.000 و10.000 حالة وفاة فقد وصلت إلى 31%.
لكن الأرقام كانت أكبر من ذلك، حيث أعلن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة، مساء الثلاثاء 7 فبراير/شباط، أن إجمالي حصيلة الزلزال ارتفع إلى 5434 قتيلاً و31 ألفاً و777 مصاباً حتى الآن (الساعة 23.00 بالتوقيت المحلي).
32 “بيتا جول”
من جانب آخر، نقل تقرير “نيويورك تايمز” عن جانوكا أتاناياكي، عالم الزلازل في جامعة ملبورن الأسترالية، أن الطاقة التي انبعثت من الزلزال كانت تُعادل 32 “بيتا جول” تقريباً، لافتاً إلى أن هذا الرقم يكفي لإمداد مدينة نيويورك بالطاقة لأربعة أيامٍ على الأقل.
وأردف أتاناياكي: “من ناحية الطاقة، سنجد أن الزلزال الذي سجل 7.8 درجة أقوى بـ708 مرات من زلزالٍ بقوة 5.9 درجة”، في إشارةٍ إلى الزلزال الذي ضرب ملبورن الأسترالية عام 2021، عندما تعرضت المدينة لبعض الأضرار الخفيفة.
ويجري قياس قوة الزلازل باستخدام مقياس الحجم المحلي، الذي كان يُعرف في وقتٍ من الأوقات باسم “مقياس ريختر”. ويُعَدُّ هذا المقياس من المقاييس الخوارزمية، إذ إن كل زيادةٍ يسجلها بمقدار عددٍ صحيح واحد تعني زيادة حجم الطاقة المنبعثة من الزلزال بـ32 ضعفاً تقريباً.
لكن نطاق الضرر المحتمل للزلزال يعتمد على ما هو أكثر من حجمه. إذ تساهم كثافة السكان في المنطقة، وضحالة بؤرة الزلزال، في تحديد مستوى الدمار، حيث إن الزلازل الأقرب إلى السطح تؤدي إلى أضرار محتملةٍ أكبر. وقد وقعت بؤرة هذا الزلزال على عمق 16 كم تقريباً.
32 قنبلة ذرية
وفي تدوينةٍ على تويتر، قالت عالمة الزلازل سوزان هوغ من هيئة المسح الجيولوجي إن الزلزال لم يكن أقوى زلزال يضرب العالم في العقود الأخيرة، لكنه يُهدد بالخطورة على نحوٍ خاص نظراً لموقعه وضحالة بؤرته، بحسب التقرير.
ولا يشعر البشر بالزلازل التي تبلغ قوتها 1 درجة على مقياس ريختر. بينما يصف العلماء الزلازل التي تبلغ قوتها 7 درجات بأنها تمتلك “طاقةً تُعادل نحو 32 قنبلة ذرية كتلك التي ضربت هيروشيما”، وفقاً لمدير المعهد الفلبيني لعلم البراكين والزلازل ريناتو سوليدوم خلال حديثه إلى “نيويورك تايمز” البريطانية عام 2013.
ارتفاع مستوى البحر في إسكندون
يأتي ذلك بينما أدى ارتفاع مستوى البحر جراء الزلزال في قضاء إسكندرون بولاية هطاي التركية إلى غمر شوارع تحت المياه، وتشكلت برك مياه بطول نحو 200 متر من الساحل باتجاه القسم الداخلي في طريق مته أصلان بمنطقة تشاي.
وبينما ازدحمت المنطقة مرورياً، حيث يعاني السائقون صعوبة في التقدم بسياراتهم، كان من اللافت أن المياه غمرت الطرقات ولم تصل إلى المنازل.
وفجر الإثنين، ضرب زلزال جنوبي تركيا وشمالي سوريا بلغت قوته 7.7 درجة، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجة وعشرات الهزات الارتدادية، مخلفة خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات في البلدين.
الزلزال حرّك تركيا
بدوره، قال رئيس المعهد الوطني الإيطالي للجيوفيزياء والبراكين البروفيسور كارلو دوغليوني، إن الزلازل التي ضربت تركيا تسببت في تحرك البلاد (لوحة الأناضول) 3 أمتار نحو الغرب.
وأوضح دوغليوني للصحافة الإيطالية الثلاثاء، أن الزلازل حدثت عند نقطة التقاء صفائح شرق الأناضول مع الصفيحة العربية والإفريقية.
وأشار إلى أن التقديرات الحالية تشير إلى إزاحة الصفيحة 3 أمتار، لكن المعلومات النهائية سيتم الحصول عليها بعد الاطلاع على بيانات القمر الصناعي، لافتاً إلى أن الزلازل وقعت في أحد خطي الصدع الزلزالي اللذين يمران في تركيا.
وبحسب خبراء، فإن الزلزال الذي وقع في تركيا بولاية كهرمان مرعش، كان أقوى بألف مرة من زلزال 2016 الذي حدث في إيطاليا.
حالة طوارئ في تركيا
يجدر بالذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن حالة الطوارئ، الثلاثاء، في عشر ولايات تضررت بفعل زلزالين أسفرا عن سقوط نحو 5500 شخص، وأحدثا دماراً كبيراً بمنطقة واسعة في جنوب تركيا وفي سوريا المجاورة.
وبعد يوم من وقوع الكارثة، يكابد عمال الإنقاذ لانتشال المحاصرين تحت أنقاض مبانٍ منهارة في “سباق مع الزمن” متحدين ظروف الطقس القاسية.
ومع اتضاح هول الكارثة على نحو أكبر فإن عدد القتلى سيرتفع كثيراً على الأرجح. وقال مسؤول بالأمم المتحدة إن هناك مخاوف من مقتل آلاف الأطفال.
وسوّى الزلزال آلاف المباني والمستشفيات والمدارس بالأرض وجعل عشرات الآلاف بين مشرد ومصاب في العديد من المدن التركية والسورية. وبلغت قوة الزلزال 7.8 درجة وهو الأكثر دموية في تركيا منذ عام 1999 وأعقبه زلزال ثان بعد بساعات.
في الوقت ذاته، أعاق الطقس الشتوي القارس جهود البحث وتوصيل المساعدات وفاقم محنة المشردين، فيما تعيش بعض المناطق بلا وقود ولا كهرباء.
في السياق، عبَر مسؤولو مساعدات عن قلقهم على نحو خاص إزاء الوضع في سوريا التي تعاني بالفعل أزمة إنسانية بسبب الحرب المستمرة منذ قرابة 12 عاماً.