الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في قهرمان مرش” في فجر 6 شباط 2023، وامتد تأثيره إلى مناطق واسعة، أخاف الناس كثيراً، وأخرجهم من بيوتهم ليلاً، وأبقاهم خارجاً لأيام، ولأكثر من مرة، حتى في الجهات البعيدة عن المركز، ومنها إقليمنا: إقليم كوردستان – العراق الحبيب، وكان الدمار كبيراً، والضحايا والإصابات كثيرة، وإلى اليوم، يجري البحث عن الذين علقوا تحت الأنقاض، وهم أموات غالباً بعد مرور أسبوع تقريباً على حدود الزلزال الرهيب.
والدمار الذي امتد إلى مناطق كثيرة، لم يسلم منها أهلنا وأخوتنا الكرد، خارج حدود تركيا الآن، وخاصة في عفرين، جنديرس، وأحياء في حلب، مثل حي الشيخ مقصود..
لقد انهارت مئات البنايات على أهليها، وقليلون نجوا، وهم مرعبون، وليس هناك غير العراء والبرد، والخوف والبكاء على أقربائهم وأفراد عائلاتهم.
ولم يكن هناك تقديم يذكر من المساعدات الإنسانية والعدَّة المطلوبة لرفع الأنقاض بحثاً عن العالقين تحتها، عدا عن محاولات رأيناها على شاشة التلفزيون من جهات مختلفة، لمنع وصولها، إلى المناطق المكنوبة، وخاصة جنديرس، الأكثر تضرراً في الخراب والضحايا والمصابين.
وليكون لإقليم كردستان، كما هو معهود فيه، الدور القومي الكوردي والإنساني المشرف، لإرسال قوافل طويلة من مساعدات مختلفة، إلى هذه المناطق، رغم أن الطريق طويل وغير آمن كذلك، ولكن الدافع القومي الكوردي والإنساني كان أقوى، وكان بالغ التأثير حتى في نفوس الذين كانوا يضطهدون أبناء شعبنا في تلك المناطق، لأن هناك من كانوا منهم عالقين تحت الأنقاض كذلك، وضحايا ومصابين، حيث تم إسكانهم فيها بعد الغزو التركي لعفرين والجوار،إلى جانب الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا، ورؤية هذه القافلة الطويلة من المساعدات، رغم إمكانات الإقليم المحدودة، بسبب الظروف القاسية التي يعيشها، ومسئولياته القومية الكبرى، ومصاعب الطريق، لا بد أنها كانت رسالة إلى الذين يريدون بالكورد السوء، أو يروجون لإشاعات تسيء إليهم، وهم لم يكونوا كذلك، كما ظهر ذلك في موقف القيادة الشجاعة لحكومة الإقليم، والدور الكبير للرئيس مسعود بارزاني، وما حملته جمعية بارزاني الخيرية من مساعدات كانت محل تقدير الجميع .
كل ذلك يستحق توجيه الشكر لحكومتنا، والبارزاني في الواجهة، ودون نسيان أبناء شعبنا في مختلف المحافظات والمدن والقرى، وهم يكثفون جهودهم، لجمع المساعدات، وإرسالها إلى أخوتهم، وغيرهم في مناطق الزلزال المنكوبة .
وأعتقد أن موقفاً إنسانياً مثل هذا، ليس الوحيد، فما أكثر مثل هذه المواقف القومية والإنسانية، كما في احتضان أهلنا من كورد روجآفا كوردستان، واحتضاننا نحن الكوردالإيزيدية والذين احتموا بالإقليم بسبب الغزو الداعشي الهمجي، وتقديم كل ما يلزم ..
لكم هو جميل أن يشعر أحدنا بوجع أخيه الإنسان ومصيبته، وخاصة إذا كان من أبناء جلدته، أن يقدّم يد المساعدة لأي كان، دون مكابرة، لأن ذلك سيمنحه سعادة روحية، وقيمة في مجتمعه، ولدى الآخرين، وقد أثبت شعبنا في مثل هذه الحالات نخوته وحبه للآخرين، وللتسامح كذلك، والتاريخ لا بد أنه سيحتفظ بمثل هذه المآثر التي لا ولن تُنسى أبداً أبداً .