بمناسبة مرور عشرين عاماً على سقوط نظام صدام حسين في العراق، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً عن العلم الأميركي الذي قام جنودٌ أميركيون بتغطية وجه تمثال صدام به أثناء إسقاط التمثال في ساحة “الفردوس” في العاصمة العراقية بغداد في التاسع من أبريل 2003.
الصحيفة زارت الجندي الأميركي صاحب العلم الذي لا يزال يحتفظ به حتى اليوم في الطابق السفلي (القبو) من منزله.
تيم ماكلوفلين الذي انضم إلى البحرية الأميركية، وكان شاباً في العام 2000، اصطحب معه العلم الأميركي إلى العراق، وكان في باله أن يلتقط صورةً لنفسه مع العلم في مكانٍ ما في العراق ليستطيع أن يريها لاحقاً إلى أبنائه وأحفاده كتذكارٍ لخدمته العسكرية وقتاله في هذه الحرب.
صباح 11 سبتمبر 2001 كان تيم قد بدأ حديثاً عمله كضابط في مبنى البنتاغون وكان يقوم برياضة الجري على مقربة من مكان عمله حينما استهدفت طائرة مبنى وزارة الدفاع الأميركية، فأسرع حينها للمساعدة في عمليات الإنقاذ.
بعدها بوقتٍ قصير، اشترت قريبة له علماً أميركياً من متجر للتذكارات وأهدته إليه، وهو العلم نفسه الذي اصطحبه معه إلى العراق.
في العام 2003، حاول تيم أثناء تواجده في العراق أكثر من مرة التقاط صورة مع العلم قبل بلوغ العاصمة بغداد. محاولته الأولى قاطعها إطلاق نار، فيما فشلت محاولة ثانية عندما قام زميل له ممازحاً بدهس سارية العلم التي وجدها وعلقه عليها.
بعد ثلاثة أسابيع من بدء الحرب وصل ماكلافلين مع الجيش الأميركي إلى بغداد، كما يروي لـ”واشنطن بوست”، وكانت مهمة وحدته العسكرية المساعدة في حماية فندق “فلسطين” حيث يتجمع الصحافيون الأجانب.
في التاسع من أبريل وصل عشرات جنود المارينز إلى ساحة الفردوس حيث كان يتواجد صحافيون من فندق فلسطين ومتظاهرون من أجل السلام ومواطنون عراقيون بدأوا يتقاطرون إلى الساحة في مشهد يصفه ماكلافلين بالهرج والمرج.
أحد المواطنين العراقيين طلب من سائق آلية أميركية بسحب تمثال صدام لإسقاطه وبعد تدخل جنود البحرية الأميركية لمساعدة المواطنين العراقيين في إسقاط التمثال، طلب أحدهم من ماكلافلين أن يحضر العلم ليجد طريقه إلى العسكري الذي كان يربط السلسة المعدنية حول عنق تمثال صدام مغطيا إياه وجهه بالعلم الأميركي.
كان ماكلافلين يشاهد من الأسفل والتقط صورة بكاميرته، وكذلك فعل عشرات الصحافيين الذين نقلوا الحدث مباشرةً إلى وسائلهم الإعلامية وشوهد من قبل الملايين عبر العالم.
صور العلم الأميركي أثارت ضجة بين العراقيين، كما أغضبت بعض المسؤولين في البنتاغون الذين كانوا يحاولون التأكيد على أن الجيش الأميركي أتى إلى العراق لتحريره وليس لاحتلاله.
في 11 أبريل 2003 نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً تؤكد فيه على تعليمات البنتاغون الواضحة “بمنع أي رفع للعلم الأميركي على المركبات والمباني والتماثيل ومراكز القيادة”.
وصدر، بحسب الصحيفة الأميركية، أمر إلى الوحدات الأميركية “بعدم رفع العلم في أي مكان في العراق، باستثناء سفارة الولايات المتحدة”. وقال مسؤولون في البنتاغون للصحيفة إن “رفع العلم على المباني في العراق لن يؤدي إلّا إلى تعزيز الرسالة المعادية لأميركا بأن الجيش الأميركي موجود هنا لاحتلال العراق”.
صور العلم على وجه التمثال، وهو يسقط، تصدرت الصفحات الأولى للصحف الأميركية والعالمية كما جرت إعادة بث هذه اللقطات على محطة فوكس نيوز كل 4 دقائق ونصف وسي إن إن كل 7 دقائق ونصف في رصد أجراه باحث من جامعة جورج واشنطن، كما تنقل “واشنطن بوست” في قصتها.
في العام 2009، يقول تيم ماكلوفلين لمراسل الصحيفة، إنه تلقى رسالةً من المتحف الوطني لسلاح مشاة البحرية، تسأله إذا كان يقبل بالتبرع بالعلم لعرضه في المتحف بوصفه “علامة تاريخية فارقة”.
في ذلك الوقت، كان العلم محفوظاً في صندوق يعود لوالد ماكلافلين. سأل تيم المسؤولين عن المتحف مجموعة أسئلة حول كيفية عرض العلم وقرر بعدها أن أفضل مكان له في قبو منزله.
“ما يعنيه العلم بالنسبة لي مختلف عن ما يعنيه للآخرين ولا أريد أن تكون له كل باقي هذه المعاني بعد الآن”، يقول الجندي الأميركي السابق لـ”واشنطن بوست”.
ارفع صوتك