هذا اسم كِتاب، وهو من مذكرات (الشيخ إسكندر يوسف الحايك)، الطبعة الأولى منه صُدر عام 1936، إلاّ أن الكتاب هو عبارة عن انطباعات الشيخ إسكندر يوسف الحايك، خلال رحلة قام بها عام 1914كمترجم برفقة السيد (باسيل كورباه) أحد رجال الحكم القيصري الروسي الذي جاء الشرق ليجوب البادية الآهلة بالقبائل العربية لغاية سياسية حسب ظن كاتب المذكرات. اعتبارا من الصفحة 100 يتحدث المؤلف في مذكراته عن ايزيدية شنكال/سنجار الذي دخل عليهم هو ورجل الحكم القيصري الروسي من بوابة قلعة (أم الديبان)، إحدى قلاع الجزيرة الكبيرة وذلك في السادس عشر من شهر نيسان 1914بعد أن زودوا بانطباع سيء عن الايزيدية من قبل جاويش القلعة.
سوف لا أتطرق الى تفاصيل ما كتبه الشيخ إسكندر ومرافقه عن الايزيدية أثناء مرورهما بجبل شنكال، والى السردية والوصف السيء جداً الذي قدمه جاويش قلعة أم ديبان لهما (ص 100)، بل أشير الى حادثة وقعت بين جمال باشا/ والي الموصل، كما يذكر الشيخ إسكندر في مذكراته على لسان جاويش القلعة (ص 101) وبين رئيس قبيلة ايزيدية (يسميه أمير ايزيدية من دون ذكر اسمه)، يقول: “ما كدنا نصل على وسط القبيلة حتى رأينا أميرها راكباً جواده يحيط به عدد كبير من رجاله. فدنوت منه وقلت: أيها الأمير ان القادم اليكم هو جمال باشا والي الموصل الجديد. قال: يمكنه أن يؤدي لنا مبلغاً وافراً من مال الخزينة. قلت: ذلك يصعب عليكم. وإذا ما تصلبتم برأيكم حسبت الدولة عملكم هذا عصياناً عليها وتمرداً. قال: ولماذا تعتبرون ذلك عصياناً؟ أليست الأرض أرضنا؟ أما نحن أحرار فيها نسمح بمرورها لمن نشاء، ونمنع من ذلك من نشاء؟..اضطررت ان اعلم الباشا بما كان يدور بيني وبين ذلك الأمير. حينها دنا منه جمال باشا. ماذا تطلب أيها الأمير؟ قال: الخوة (رسم المرور). قال الباشا: أليست هذه البلاد خاضعة للدولة العلية؟ أجاب الأمير: بلى، ولكن خضوعنا هذا لا يحول دون طلبنا رسماً على مرور أراضينا.
وعندها أخذ الباشا يلاطفه ويقنعه بالعدول عن مطلبه مبيناً له ان عمله هذا يجر الويل عليه وعلى قبيلته. ثم قال له: اننا لا نحمل دراهم، ولكننا سنرسل اليكم الرسم بعد رجوعنا الى الموصل. فأطلق الأمير سبيلنا وتابعنا المسير الى عين الغزال ورجعت الى القلعة في اليوم التالي. ويذكر في نفس الصفحة 101: “ان جمال باشا كتب الى الآستانة يخبر أولياء الأمر بما وقع، فجردت الدولة حملة بعثت بها الى اليزيدية. وقد مضى على وصول الحملة نحو ثمانية أشهر. وما زال رجال الدولة في حرب مع اليزيدية لم يتمكنوا من تدويخهم واخضاعهم لأنهم عصابات وجبالهم تساعدهم على المقاومة…وما زالت الدولة تحارب اليزيدية”. ويضيف الشيخ إسكندر (ص 103) ” وقد فهمنا انهم أوقفوا القتال منذ عشرين يوماً فان الدولة الروسية تدخلت تروم وضع حد لهذه الحالة. وسبب ذلك ان لليزيديين جماعة عديدة منهم يعيشون بين الروسيين على حدود روسيا”.
يبدو من سرد أحداث هذه المذكرات التي كتبت في نيسان 1914, ان الحملة العسكرية بقيادة/ أو بتحريض جمال باشا/ والي الموصل على ايزيدية شنكال حدثت أواخر شهر أيار 1914. إلاّ أنه رغم هذه الحملات العسكرية، فقد اضطرت الدولة العثمانية الى إعطاء ايزيدية شنكال نوعاً من الحرية والاستقلال الإداري معينة لهم حاكماً منهم معترفة لهم بحقوق خاصة يتمتعون بها. ولم يكن تصرف الدولة هذا مع شعب آخر من شعوب الجزيرة. (ص 100).
تتبع الحلقة الثانية (زيارة باسيل كورباه ومترجمه الشيخ إسكندر الى لالش ولقائهم مع ميان خاتون)