أنهى عراك بالأيدي جلسة برلمان كردستان العراق، التي عقدت اليوم الاثنين لبحث تفعيل عمل المفوضية المستقلة للانتخابات للإشراف على انتخابات برلمان الإقليم المقرّرة في 18 نوفمبر المقبل.
وأظهر فيديو متداول حالة الفوضى التي عمّت المجلس وتطورت إلى اشتباكات بالأيدي، وتراشق بالعبوات ومحاضر الاجتماعات بين أعضاء الحزبين الحاكمين (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، قبل أن تقرر رئيسة البرلمان، ريواز فائق، رفع الجلسة.
ونشب الخلاف بعد إصرار “الديموقراطي الكردستاني” على التصويت على تفعيل عمل المفوضية، مقابل اعتراض نواب “الاتحاد الكردستاني” الذي يطالب بمزيد من التوافق بين القوى السياسية قبل الذهاب إلى الانتخابات.
ويملك الحزب الديموقراطي الكردستاني الأغلبية في مجلس الإقليم بواقع 45 مقعداً، من مجموع عدد المقاعد البالغ 111 مقعداً، يليه الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يمتلك 21 مقعداً.
الفصل الجديد من الخلافات بين الحزبين الحاكمين، جاء رغم الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مارس الماضي بين الأحزاب الأكثر نفوذاً في الإقليم، والتي تضمّ إضافة إلى “الديمقراطي” و”الاتحاد” كلاً من “حركة التغيير”، و”الاتحاد الإسلامي”، و”جماعة العدل”، و”الشيوعي الكردستاني” و”العمل والكادحين”، للمضي في الانتخابات البرلمانية وفقاً لقانون جديد
وتضمن الاتفاق تقسيم الإقليم إلى أربع دوائر انتخابية، هي أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة، بعد أن كان القانون القديم يتعامل مع الإقليم دائرة انتخابية واحدة، على أن تقسم المقاعد في الدوائر الانتخابية استناداً إلى بيانات وزارة التخطيط في الحكومة الاتحادية.
لكن الخلاف بقي قائماً بين الحزبين على مقاعد الكوتا البالغ عددها 11 مقعداً (5 مقاعد للمسيحيين، و5 مقاعد للتركمان، ومقعد واحد للأرمن)، وسط تنافس بين الحزبين على تركيز مقاعد الكوتا في مناطق النفوذ، إلى جانب الخلاف على تفعيل عمل المفوضية المستقلة للانتخابات، والذي فجر الخلاف داخل المجلس.
أزمة عميقة
المحلل السياسي الكردي، مسعود عبد الخالق، ينظر إلى “المشاجرة البرلمانية” في سياق الخلافات المزمنة بين الحزبين الحاكمين، إلى جانب خلافات متشابكة بين الأحزاب الأكثر تأثيراً داخل الإقليم.
ويقول في حديثه لـ “ارفع صوتك”، إن “الاشتباك بالأيدي ما هو إلا تعبير عن الحالة التي وصل إليها الإقليم في ظل التنافس الحاد على السلطة بين الأحزاب المسيطرة، دون مراعاة لمصالح الشعب الكردي، ودون النظر إلى مستقبل استقرار الإقليم”.
وتسببت الخلافات السياسية في تعطيل إجراء انتخابات برلمان الإقليم التي كانت مقررة في أكتوبر 2022، ليصوت البرلمان على تمديد ولايته نهاية العام 2023، وهو التمديد الذي تواصل المحكمة الاتحادية النظر في دعوى عدم شرعيته.
ويعتقد عبد الخالق أن جذور الخلاف عائدة إلى خوف بعض الأحزاب من إجراء الانتخابات بسبب تراجع فرص فوزها بحصّة أكبر من المقاعد، الأمر الذي يدفعها إلى التصعيد على أمل عقد توافقات جديدة تؤهلها للفوز بغض النظر عن جماهيريتها.
ويستطرد: “هذه الصراعات وإن إخذت صبغة حزبية إلا أنها تعكس حالة التنافس بين العائلات المسيطرة على المشهد السياسي والأحزاب التي يحركونها وفقاً لمصالحهم الخاصة”.
ويتخوف عبد الخالق أن يؤدي استمرار هذا النهج في إدارة مصالح الإقليم إلى خروج الأوضاع عن السيطرة وتفكك المؤسسات الرسمية، معبراً عن اعتقاده أن طريق الخروج من “الواقع المتأزم” يكمن في تشكيل جبهة عريضة من الأحزاب خارج السلطة والقوى المدنية لمواجهة سيطرة الأحزاب التقليدية.