الأربعاء, ديسمبر 25, 2024
Homeمقالاتمليون خيمة : منى سالم الجبوري

مليون خيمة : منى سالم الجبوري

قبل 44 عاما من الان، وعندما صفيت الامور والاوضاع بطريقة أو أخرى لصالح الخميني. فإنه خاطب الشعب الايراني قائلا:” علاوة على ما نسعى إلى تحقيقه من الحياة المادية الكريمة لكم نحرص على أن تكون حياتكم المعنوية ايضا كريمة ومرفهة” وقد تعهد ب” بناء المساكن وجعل الماء والكهرباء مجانيا للفئات الفقيرة وتوفير باصات النقل العام مجانا للفقراء”، وقطعا فإن الخميني ومن ورائه نظامه، قد ملأوا الدنيا صخبا بترکيزهم على المستضعفين ونصرتهم، ولکن، وبعد کل هذه الاعوام، هل تم أوفى النظام الايراني بتلك الوعود المعسولة التي قدمها مٶسسه للشعب الايراني؟

في خطبته التقليدية المعهودة بمناسبة عيد النوروز، خرج خليفة خميني عن المألوف ولم يذکر الشيطان الاکبر ولا المستکبرين وترك متعمدا الديباجة الروتينية المعهودة التي يمکن القول بأن النظام نفسه قد مل منها قبل الشعب، وخصص خطابه للترکيز على الاوضاع الاقتصادية، وبقدر ماکان هذا التغيير في الخطاب السنوي التقليدي بهذه المناسبة ملفتا للنظر، لکن ماقد حدث قبل الخطاب في 16 سبتمبر 2022، والتحرکات الاحتجاجية المستمرة في سائر أرجاء، قد کشف السر الکامن وراء خطاب خامنئي هذا.

الاوضاع الاقتصادية الوخيمة التي يعاني منها الشعب الايراني وإن کانت لها ثمة جذور من النظام الملکي السابق، لکن من نافلة القول إن الباع الاکبر في تفاقمها وبلوغها حدودا ومستويات غير عادية، کان للنظام الحالي! ومن المفيد جدا هنا الإشارة الى إن خامنئي عندما مهد الطريق في الانتخابات الرئاسية عام 2021، لجعل إبراهيم رئيسي، رئيسا لإيران، کان قد وعد قبل ذلك وفي خضم الاوضاع الاقتصادية السيئة خلال عهد الرئيس السابق حسن روحاني، ب”الحکومة الاسلامية الفتية”التي ستقوم بحلحلة معظم المشاکل، وهذه الحکومة التي بشر بها هي الحکومة التي شکلها إبراهيم رئيسي والتي ضربت رقما قياسيا في عمليات التغيير والاقالات والاستقالات فيها، وقطعا فإن مجرد الإشارة الى عمليات التغيير والاقالات والاستقالات، يکفي لتقييمها. علما بأن خامنئي کان أيضا قد وصف رئيسي بمناسبة تنصيبه بأنه”حلوى”السنة الايرانية في مارس 2022، وکان ذلك بمثابة تأکيد على ثقته الکبيرة به، لکن هل کان الرجل هذا الذي يذکر اسمه بمجزرة آلاف السجناء السياسيين لعام 1988، حيث کان عضوا في لجنة الموت التي نفذت المجزرة، هل کان بمثابة حلوى للشعب الايراني؟!

رئيسي، الذي عاصر أيام الخميني، يبدو إنه قد إستلهم ولايزال يستلهم منه الکثير ولاسيما وإنه محسوب على الجناح المتشدد للنظام، وعلى ذکر وعده المعسول مع وصوله الى موقعه الرئاسي ببناء مليون وحدة سکنية، فإن الذي لفت النظر هو إنتشار ظاهرة جديدة للسکن في إيران، وهي النوم على السطوح المٶجرة، ومن المفيد هنا الإشارة الى ماقد جاء في التقرير الذي نشره موقع”رويداد”الحکومي مٶخرا حيث جاء فيه من إنه:” إذا أراد الناس الاقتراب من المدينة عليهم نصب الخيام على أسطح المنازل” واشار التقرير الى ازدياد الاوضاع سوء يوما بعد يوم مع التضخم الذي لم يتمكنوا من السيطرة عليه، مرجحا احاطة المدينة بمدن الصفيح.

الملف للنظر هنا، إن صحيفة”اقتصادي” المقربة من خامنئي قد إعترفت بأنه لم يتم بناء أي مساكن قط، مشيرة الى  آخر إحصائيات مركز الإحصاء الإيراني التي تفيد بوصول بناء المساكن في العاصمة إلى أدنى مستوى له في الـ23 سنة الماضية. وبنفس السياق وفي مقالة بعنوان” لم يتم بناء منزل واحد في مدينتي”، انتقد موقع رويداد فشل مشروع رئيسي داعيا الى مساءلة معظم الوزراء، كما اشار الى ثلاث وزارات بدون وزراء، و التضخم الذي يحطم الأرقام القياسية، وعجز في مواكبة الاتجاه المتزايد لسعر الصرف.

خلاصة القول، إن وعد رئيسي ببناء مليون وحدة سکنية سيتم إنجازه ولکن بطريقة أخرى وهي نصب مليون خيمة”إن لم تکن أکثر” على أسطح المنازل!!

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular