عندما كان الغذاء نادراً أيام العصر الحجري القديم، كان يتعيَّن على الإنسان تناول ما يقرب من متر من قصب السكر الليفي للحصول على كمية الطاقة نفسها التي يستطيع الحصول عليها الآن، من خلال تناول علبة واحدة من المشروبات الغازية.
لكن بصرف النظر عن حقيقة أنَّنا الآن لم نعد مضطرين إلى ملاحقة ما يكفي من حيوان الماموث والغزلان لكي نحتاج إلى هذه الدفعة من السعرات الحرارية، فهل يتسبّب ولعنا بالحلويات في الإضرار بصحتنا؟ وهل يتحول الأمر حقاً إلى إدمان؟ وهل يجب الابتعاد عن السكر المضاف تماماً؟ إليك الحقيقة الكاملة.
الفرق بين السكر المضاف والطبيعي
السكريات الحرة أو كما يطلق عليها المضافة والسكريات الطبيعية نوعان مختلفان من السكريات، إليك الفرق بينهما:
السكريات الحرة (Free Sugars)
– تشمل السكريات الحرة جميع أنواع السكر المضافة إلى الأطعمة والمشروبات، سواء كانت طبيعية مثل السكر الأبيض أو العسل، أو مصنعة مثل شراب الذرة عالي الفركتوز.
– تمثل السكريات الحرة سكراً مكرراً يمتصه الجسم بسرعة، ويمكن أن يزيد من مستوى السكر في الدم.
– توصي منظمة الصحة العالمية بتقليل استهلاك السكريات الحرة إلى أقل من 10% من السعرات الحرارية اليومية.
السكريات الطبيعية (Natural Sugars)
– توجد السكريات الطبيعية بشكل طبيعي في الأطعمة مثل الفواكه والخضراوات والحليب.
– تأتي السكريات الطبيعية في حزمة مع قيمة غذائية أعلى، وضمن ذلك الألياف والفيتامينات والمعادن.
– عند تناول السكريات الطبيعية بصورة كاملة من خلال تناول الفواكه والخضراوات، فإن الألياف الموجودة تساعد على تباطؤ امتصاص السكر في الجسم.
يُفضل الحصول على السكريات الطبيعية من مصادرها الطبيعية مثل الفواكه والخضراوات، بينما يُنصح بتقليل استهلاك السكريات الحرة المضافة إلى الأطعمة والمشروبات للحفاظ على صحة جيدة.
هل تناول السكر بكثرة يضر بالصحة؟
وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، فإن الأدلة ليست واضحة في هذا الصدد، لكن هناك بعض الأدلة على أنَّ السكريات المضافة يمكن أن ترهق الكبد، ما يسفر عن مشكلات صحية طويلة المدى، فضلاً عن احتمالية حدوث التهاب مزمن قد يكون سبباً لحدوث أمراض القلب.
في حين أنّ ما ندركه جميعاً هو أنَّ تناول الحلويات يؤدي إلى تسوس الأسنان بسبب الأحماض التي تنتجها البكتيريا داخل فمك.
من جهتها، تقول أخصائية التغذية، ليلي سوتر، إنَّ “السكريات المدمجة بشكل طبيعي في التركيب الخلوي للطعام، مثل السكر الموجود في الفاكهة والخضراوات، تنطلق ببطء في مجرى الدم”.
وتابعت: “هذا هو الحال أيضاً مع سكريات الحليب التي تجعلك تشعر بالشبع لفترة أطول”.
وأضافت: “نوصي البالغين بتقليص استهلاك السكريات المضافة إلى 5% فقط من إجمالي مدخول الطاقة، وهو ما يعادل نحو 30 غراماً يومياً للبالغين، هذا يساوي تقريباً 7 ملاعق صغيرة”.
كما أكد أنّ الأطعمة، التي تحتوي على نسبة عالية من السكريات الحرة، تتسم بأنَّها عالية السعرات الحرارية، ما يزيد من سهولة الإفراط في تناولها ويزيد من مخاطر الإصابة بمشكلات صحية تشمل أمراض القلب وداء السكري من النوع الثاني.
بينما أشار بعض الباحثين أيضاً إلى أنَّ الأطعمة ذات المحتوى العالي من السكر مع الدهون والملح غالباً ما تكون ذات نكهات معززة، ما يزيد من احتمالية استهلاكنا لها حتى في حالة الشعور بالشبع.
في حين أنّ الأطعمة، التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والدهون، تدفع الدماغ للمطالبة بتناول المزيد منها في وقتٍ لاحق.
السكر المضاف خطر على القلب
في دراسة نُشرت عام 2014 في JAMA Internal Medicine، وجد الدكتور فرانك هو، أستاذ التغذية بجامعة هارفارد الأمريكية، وزملاؤه ارتباطاً بين اتباع نظام غذائي عالي السكر وزيادة خطر الوفاة بسبب أمراض القلب.
على مدار الدراسة التي استمرت 15 عاماً، كان الأشخاص الذين حصلوا على 17% إلى 21% من سعراتهم الحرارية من السكر المضاف أكثر عرضة للوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 38% مقارنة بأولئك الذين استهلكوا 8% من سعراتهم الحرارية كسكر مضاف.
كيفية تأثير السكر في الواقع على صحة القلب ليست مفهومة تماماً، ولكن يبدو أن له عدة روابط غير مباشرة.
على سبيل المثال، كميات كبيرة من السكر تفرط في الكبد، إذ يقوم الكبد باستقلاب السكر بنفس طريقة تناول الكحول، ويحوّل الكربوهيدرات الغذائية إلى دهون.
مع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تراكم أكبر للدهون، مما قد يتحول إلى مرض الكبد الدهني، وهو عامل مساهم في مرض السكري، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
إن تأثيرات تناول السكر المضاف- ارتفاع ضغط الدم، والالتهابات، وزيادة الوزن، ومرض السكري، وأمراض الكبد الدهنية- كلها مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
السكر المضاف يؤثر على الدماغ أيضاً
ووفقاً لما ذكره موقع WebMD الطبي الأمريكي، فإنّ تناول السكر يؤدي إلى زيادة هائلة في مادة كيميائية تبعث على الشعور بالسعادة تسمى الدوبامين.
وهذا يفسر سبب رغبتك في اشتهاء قطعة حلوى في الساعة 3 مساءً أكثر من اشتهاء تفاحة أو جزرة.
ونظراً إلى أن الأطعمة الكاملة مثل الفواكه والخضراوات، لا تجعل الدماغ يطلق قدراً كبيراً من الدوبامين، يبدأ دماغك في الحاجة إلى المزيد والمزيد من السكر للحصول على الشعور نفسه بالسعادة.
هذا يسبب مشاعر أنه عليك تناول الآيس كريم أو المشروبات الغازية بشكل دائم والتي يصعب مقاومتها.
تأثير السكر المضاف على المزاج
يمكن أن تمنحك الحلوى أو البسكويت العرضي دفعة سريعة من الطاقة (أو “ارتفاع السكر”) عن طريق رفع مستويات السكر في الدم بسرعة.
عندما تنخفض مستوياتك مع امتصاص خلاياك للسكر، قد تشعر بالتوتر والقلق (المعروف أيضاً باسم “تحطم السكر” المخيف).
ولكن إذا كنت تستخدم وعاء الحلوى في كثير من الأحيان، يبدأ السكر في التأثير على مزاجك بعد ذلك الركود في الساعة 3 مساءً، لذلك دائماً ما يتم في الدراسات الربط بين تناول كميات كبيرة من السكر وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب لدى البالغين.
حتى المفاصل أيضاً
إذا كنت تعاني من آلام المفاصل، فإليك سبباً إضافياً للتخلي عن السكر المضاف، إذ إن تناول كثير من الحلويات يؤدي إلى تفاقم آلام المفاصل، بسبب الالتهاب الذي تسببه في الجسم.
إضافة إلى ذلك، تشير الدراسات إلى أنّ تناول السكر أو شربه يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي.
تلف الكلى
إذا كنت مصاباً بداء السكري، فقد يؤدي الإفراط في تناول السكر إلى تلف الكلى التي تلعب دوراً مهماً في تصفية الدم.
بمجرد أن تصل مستويات السكر في الدم إلى كمية معينة، تبدأ الكلى بإفراز السكر الزائد في البول.
إذا تُرك مرض السكري دون رقابة، يمكن أن يتلف الكلى، مما يمنعها من أداء وظيفتها في تصفية الدم من الفضلات. هذا يمكن أن يؤدي إلى الفشل الكلوي.
“عربي بوست”