السبت, يناير 4, 2025
Homeالاخبار والاحداثالإبادة الجماعية.. ماذا تعني؟ وما أشهر نماذجها في القرن العشرين؟

الإبادة الجماعية.. ماذا تعني؟ وما أشهر نماذجها في القرن العشرين؟

صنّفت الحكومة البريطانية، الثلاثاء الماضي، أن جرائم القتل التي ارتكبها تنظيم داعش بحق الأيزيديين في العراق عام 2014 تشكّل “إبادة جماعية”.

يتزامن ذلك مع حلول الذكرى التاسعة للإبادة بحق الأقلّية الدينية، التي ارتكبها داعش إبان اجتياحه مناطق واسعة في شمال العراق وشرق سوريا.

وتُعد المملكة المتحدة خامس دولة أقرّت مصطلح “الإبادة الجماعية” كتوصيف للاضطهاد الذي تعرّض له الأيزيدون في إقليم سنجار منذ تاريخ 3 أغسطس 2014، بعد ألمانيا وأستراليا وبلجيكا وهولندا، كما تُعد هذه المرة الخامسة التي تصنّف فيها لندن جرائم قتل وانتهاكات بحق الإنسانية على أنها “إبادة جماعية” بعد محرقة اليهود (الهولوكوست)، ورواندا، وسريبرينيتسا، وكمبوديا.

“بالتالي هناك مسؤولية على المجتمع الدولية في هذا الموضوع، ولابد أن تكون المحاكمات لجرائم دولية وجرائم إبادة جماعية” حسب البياتي.

ما هي “الإبادة الجماعية”؟

تُعرّف على أنها سياسة قتل جماعي منظّمة، تقوم بها حكومة معيّنة ضد طائفة من الشعب على أساس ديني، أو عرقي، أو قومي أو سياسي، وصنّفتها الأمم المتحدة في اتفاقية اعتُمدت في 9  ديسمبر 1948 في اتفاقية خاصة بها بأنها جريمة دولية، وهي بذلك تُعد أول معاهدة لحقوق الإنسان تعتمدها المنظمة الدولية، إذ اعتُمدت قبل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ونصّت المادة (1) من الاتفاقية على أن الإبادة الجماعية “سواء ارتُكبت في أيام السلم أو أثناء الحرب، هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها”.

وجاء في المادة (2)، أن الإبادة الجماعية تعني “قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية”، عبر قتل أعضاء من الجماعة، وإلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، وإخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يُراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً، بالإضافة لفرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة، ونقل أطفال منها عنوةً إلى جماعة أخرى”.

وبحسب نصّ الاتفاقية الأمميّة، فإن العقوبات ضد الإبادة الجماعية ليست فقط على ارتكاب الجريمة، إذ تشير المادة (3)، إلى شمولها “التآمر على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية والتحريض عليها ومحاولة ارتكابها والاشتراك فيها”، فيما أكدت المادة (4)، على “عقاب مرتكبي الإبادة الجماعية سواء كانوا حكاماً أو أفراداً”.

وظهر مصطلح “الإبادة الجماعية” للمرة الأولى عام 1944، حين سعى محامٍ يهودي بولندي يُدعى رافائيل ليمكين إلى وضع وصف للسياسات النازية للقتل المنظّم، بما يشمل المذابح التي تعرض لها اليهود إبان الحرب العالمية الثانية، وقام بتشكيل مصطلح “الإبادة الجماعية” (genocide)، عن طريق الجمع بين كلمة (-geno) اليونانية، التي تعني سلالة أو عرقاً أو قبيلة، مع كلمة (cide-) اللاتينية، التي تعني القتل.

وفي العام التالي 1945، وجّهت المحكمة العسكرية الدولية في مدينة “نورمبرخ” بألمانيا، الاتهامات إلى كبار القادة النازيين بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”، واشتملت الاتهامات على كلمة “الإبادة الجماعية” للمرة الأولى، ولكن ككلمة وصفيّة، لا كمصطلح قانوني.

ويتم تحديد وقوع جريمة “الإبادة الجماعية” غالباً بواسطة السلطة السياسية، عبر اعتراف حكومة أو برلمان بلد ما بأنها كذلك، كما حدث عندما اعترف البرلمان الفرنسي عام 2001 بالجرائم ضد الأرمن الواقعة عام 1915 كإبادة جماعية.

ويمكن أن يتم الاعتراف أيضاً بواسطة حكم قضائي، سواء عبر محكمة خاصة، أو محكمة الجنايات الدولية، أو محكمة العدل الدولية. وكان القضاء الألماني أول من اعترف بأن الجرائم التي ارتكبت في حق الأيزيديين تشكل “إبادة جماعية”، في نوفمبر 2021.

أقر النواب الألمان مذكرة تصنّف ما ارتكبه تنظيم داعش بحق العراقيين الأيزيديين في شمال غرب البلاد، عام 2014 على أنه “إبادة جماعية”.

أبرز مذابح “الإبادة الجماعية”

رغم إقرار اتفاقية “منع الإبادة الجماعة ومعاقبة مرتكبيها”، فشل المجتمع الدولي في التدخّل لمنع الإبادة الجماعية في سريبرينيتسا عام 1992، وفي رواندا عام 1994.

ورداً على هذا الفشل، قدّم الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان عام 2004 خطة عمل ذات خمس نقاط لمنع الإبادة الجماعية، شملت استحداث منصب المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية، الذي تشتمل ولايته على أن يعمل بمثابة آلية للإنذار المبكر فيما يتعلق بالحالات التي يمكن أن ينجم عنها إبادة جماعية.

ومن أبرز الإبادات الجماعية في العصر الحديث:

1- المحرقة اليهودية (الهولوكوست)، التي ارتُكبت ضد ملايين اليهود إبان الحرب العالمية الثانية (1939-1945) بسبب هويتهم العرقية والدينية، على يد الحكم النازي في ألمانيا، الذي قتل أيضاً الغجر وذوي الإعاقة والمثليين.

2- مذبحة سريبرينيتسا، التي وقعت عام 1995، وراح ضحيتها أكثر من 8300 مسلم، قُتلوا على أيدي ما يقارب 20 ألفاً من جنود صرب البوسنة، بعد أن سيطروا على مدينة سربرنيتسا في شرق البوسنة.

3- مذابح رواندا، حين نفّذت قبيلة “الهوتو” إبادة جماعية بحق قبيلة “التوتسي” عام 1994، بعد أن حمّلوهم مسؤولية تحطّم طائرة الرئيس جوفينال هابياريمانا، واستمرت مذابح الإبادة في رواندا نحو 100 يوم، قتل فيها أكثر من 800 ألف من الهوتو والتوتسي.

4- مذابح كمبوديا، وتمّ تنفيذ الإبادة الجماعيّة فيها على يد نظام “الخمير الحمر” تحت قيادة “بول بوت”، بين عامي 1975 و1979، وقد قتلت الجماعة الشيوعية المتطرفة ما يقدر بـ 1.7 مليون شخص، في واحدة من أكبر وأشنع المذابح في القرن العشرين.

عبد الإله مصطفى

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular