الكومبس – أجرت صحيفة إكسبرسن السويدية، تحقيقاً صحفياً اعتمدت فيه على تحقيقات الشرطة مع والدة زعيم العصابة المطلوب للسلطات السويدية رافا مجيد الذي يعتقد أنه يدير عصابته من خارج السويد. وتشير الوالدة في التحقيقات إلى أن رافا عاش معها في أوبسالا بعد انفصال والده عنها حيث كان حينها في سن السادسة وتتحدث عن مراهقته وكيف انقلبت حياته لاحقاً مع تورطه بالعديد من الجرائم.
وترسم مراسلة صحيفة Expressen هيلينا تروس صورة لحياة “الثعلب الكردي” بناءً على كلمات الأم، باري ليندبلوم صالح ،عن ابنها أثناء استجواب الشرطة.
وتقول الأم: “لقد كان في حالة جيدة حتى بلغ الثامنة عشرة من عمره”.
استخدم رافا، الدردشات المشفرة للسيطرة على تجارة المخدرات واسعة النطاق وشبكة من الأشخاص، مثل أصحاب المخازن والوسطاء والذين يقبضون أو يسلمون الأموال، بما في ذلك والدته وأبيه الذين ساعدها بطرق مختلفة في أنشطته الإجرامية.
وتظهر التحقيقات، صورة لأم تقف باستمرار إلى جانب ابنها وتدعي براءته، وفي الوقت نفسه كانت جزءًا من حياته الإجرامية.
طفولة رافا مجيد
جاء رافا إلى السويد، وكان عمره شهراً واحداً فقط، بعد فرار والديه من المناطق الكردية في شمال العراق في أواخر الثمانينات. وكانت الخطة منذ البداية هي الهروب إلى نيس في فرنسا، لكن كان على الأسرة إعادة التفكير عندما رفضت فرنسا
استقبالهم. وبدلاً من ذلك، انتهى الأمر بالمولود الجديد، الذي ولد قبل 37 عاماً في إيران (أثناء فرار الوالدين)، في مدينة أوبسالا الجامعية.
أثناء وجودها لأول مرة في السويد، تنقلت العائلة بين عناوين مختلفة. لفترة من الوقت، عاشت في منزل متعدد الشقق في حي يصنف بأنه ضعيف اجتماعيًا واقتصاديًا،
لكن حياة الأسرة في السويد، أخذت منعطفاً جذرياً عندما بلغ رافا مجيد السادسة من عمره. حيث انفصل الوالدان وترك الأب الأسرة والبلد لينتقل إلى موطنه في الجزء الكردي من شمال العراق. وهناك بدأ الأب العمل في التلفزيون والإذاعة، وكان أيضًا ناشطًا سياسيًا، وتزوج مرة أخرى وأنشأ عائلة جديدة.
ومع مرور الوقت، تزوجت الأم من رجل سويدي، وهو أمر كان حساسًا بالنسبة لأقاربها الذين بقوا في العراق.
وتقول في هذا الإطار: “إخوتي لم يكن من الممكن الحديث معهم.. لم يكن مرحبًا بي في كردستان”.
أعمال تجارية منذ المراهقة
في سن الرابعة عشرة، بدأ رافا في أعمال شراء وبيع العديد من الاشياء، بدءًا من السيارات وبطاقات الهاتف وحتى الآيس كريم والمواد الغذائية في وسط أوبسالا.
تقول والدته في التحقيقات: “كان رجل أعمال، لقد سار الأمر بشكل رائع بالنسبة له حتى بلغ 18 عامًا”.
اشترى رافا، كشكًا في أوبسالا، وهو عمل تجاري كان على والدته وصديقته، وهي فتاة من أوبسالا، أن تديراه.
سجن رافا
في عام 2010، حكم على رافا مجيد بالسجن لمدة 8.5 سنوات بتهمة ارتكاب جرائم مخدرات خطيرة
تقول والدته في هذا الإطار: ” كان بريئا. كان لدينا الأدلة وكل ما هو ممكن لحل القضية. وتزعم أن المحكمة لم تستمع لهم”.
وفي الوثائق الصادرة عن النظام القضائي وبلدية أوبسالا، والتي اطلعت عليها صحيفة Expressen، أصبح من الواضح بشكل متزايد كيف أثرت خيارات حياة رافا على المقربين منه.
ففي عام 2015، بينما كان رافا يقضي عقوبة السجن لمدة ثماني سنوات، قلصت والدته ساعات عملها كمدربة في مركز ساتس، لتتولى المزيد من المسؤولية في إدارة محل الآيس كريم.
وفي الوثائق المتعلقة بالتحقيق، اتُهمت الأم بتقديم معلومات غير صحيحة عن الدخل إلى مسؤول في الخدمات الاجتماعية، ووصفت أن عمل ابنها كان مصدرًا لعدد من المشاكل للعائلة على مر السنين. وفي شهادة طبية صدرت في مارس 2015، ثبت، من بين أمور أخرى، أنها تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة وأفكار كارثية عن الحرب وعائلتها.
وتقول في أحد الاستجوابات: ” لم أشعر أنني بحالة جيدة، كنت قلقة طوال الوقت”.
لا يمكن البقاء في السويد
وفي عام 2018، عندما أُطلق سراح رافا من السجن، حاولت الأم مساعدة ابنها على الوقوف على قدميه مرة أخرى، والعثور على منزل وعمل.
لكن الأم رأت أن الوضع في السويد سرعان ما أصبح غير قابل للاستمرار، عندما تم إطلاق النار على أحد أبناء عم رافا من قبل افراد عصابة
وقالت: “حينها اعتقدت أن رافا سيتعرض هو الآخر لإطلاق نار..لم يعد من الممكن العيش في السويد بعد الآن.
الانتقال إلى شمال العراق
أصبح ملجأ رافا مجيد هو الجزء الكردي من شمال العراق، وهي نفس المنطقة التي أتت منها والدته في الأصل. وهناك عمل في تجارة الذهب والعقارات مع أعمامه.
وتقول الأم: ” سارت الأمور بشكل جيد بالنسبة له. هذه هي الصورة التي لدي عن رافا”.
لكن الأسرة واجهت صعوبة في الاستقرار. ولم تكن شريكة رافا وأم أطفاله الثلاثة سعيدة بوجودها الجديد.
وقالت أمه عن ذلك: ” لم يكن عالمها، ولا ثقافتها”.
حاولت الأسرة في بعض الأوقات العيش في إنجلترا، ثم في هولندا. وبعد رحلة عطلة إلى دبي في عام 2020، وبسبب قيود كورونا، لم تتمكن العائلة من العودة إلى العراق، وبدلاً من ذلك عادت إلى السويد.
وخلال فترة الإقامة في السويد، والتي تصفها والدة رافا بأنها المرة الأخيرة التي تواجد فيها ابنها في البلاد، عاش معها أطفاله الثلاثة لبعض الوقت. وتُزعم أنها أجرت بعد ذلك اتصالات هاتفية شبه يومية مع ابنها بواسطة المحادثات المشفرة Enchrochat
في يوليو 2020، قيل إن رافا وعائلته غادروا السويد وعادوا إلى أقاربهم في العراق.
محاكمة الأم
وبعد ما يزيد قليلاً عن شهر، في أغسطس 2020، أصبح مطلوبًا دوليًا للاشتباه في ارتكابه جرائم مخدرات خطيرة بشكل خاص، ولا سيما تهريب المخدرات وارتباطاته بجرائم القتل في السويد.
حُكم على الأم، باري ليندبلوم صالح في سبتمبر 2022 في محكمة الاستئناف بالسجن لمدة 1.5 سنة بتهمة غسل أموال خطيرة حيث كشفت محادثات Encrochat بين رافا ووالدته عن تورطها في تعاملات ابنها الإجرامية.
وأثناء تفتيش منزلها في أغسطس 2020 في شقتها، عثرت الشرطة على ساعات رولكس وذهب وحقائب لويس فويتون ومبالغ نقدية كبيرة مخبأة، من بين أشياء أخرى، في جوارب بقيمة إجمالية قدرها 1.5 مليون كرون
ويبدو أيضًا أن كشك الآيس كريم الذي تديره العائلة في أوبسالا قد تم استخدامه كمركز في التعاملات الإجرامية لرافا ولغسل أموال شبكة “فوكستروت”.
خلال شهر سبتمبر، وقعت حوادث إطلاق نار متكررة في أوبسالا وأجزاء أخرى من السويد. استهدفت بعض الحوادث أشخاصا لديهم درجات متفاوتة من الارتباط العائلي برافا مجيد.
وفي بداية أغسطس من هذا العام، كان من المفترض أن تقضي باري ليندبلوم صالح، عقوبة السجن في إحدى المؤسسات الإصلاحية جنوب السويد لكنها لم تحضر أبدًا.
وفي طلب تأجيل إلى الخدمة الإصلاحية، بتاريخ 27 يوليو من هذا العام، كتبت باري ليندبلوم صالح، أنها خائفة، وأنها ليست على ما يرام وهي تتواجد حاليا في الخارج. وتعتقد أن الدخول إلى السويد لقضاء عقوبة السجن ينطوي على مخاطر أمنية كبيرة للغاية بالنظر إلى “الوضع المحيط بابنها”.
وعندما تواصلت صحيفة Expressen عبر الهاتف، بأحد المقربين من باري ليندبلوم صالح
قال: إنها لن تعود طالما استمرت حملة مطاردة ابنها.
ومنذ ذلك الحين، تم صدور حكم بالسجن غيابيًا على رافا مجيد، وهذه المرة للاشتباه في ارتكابه جرائم خطيرة للغاية تتعلق بالأسلحة وجرائم مخدرات.