الإبداع السردي يمثل تنفيس لهموم واشجان الاستاذ ( واثق الجلبي / شاعر وقاص ) ويقتحم اصعب التقنيات التقنيات الحديثة في براعة الابتكار والتجنيس الأشكال الادبية في الصياغة السردية واللغوية , ان تجنح في أعالي الأفق بجناحين ( النثر والشعر ) هذا التجنيس يمتلك براعة ممن امتلاكه الإمكانيات لغوية وشعرية وبلاغية . وهناك تجنيس اعتقده الاهم , ان الحدث السردي تسيره جملة أو منطلقات من الأفكار الفكرية والفلسفية وهي التي تكون المقود والمحرك , وتلعب دوراً حيوياً في المعنى والمغزى والرمز بشكل عميق وبليغ , يوظف معارفه في نواحي الحضارة والدين والتراث , أو بمعنى تشريح الواقع القائم , او بشكل أعم ماديات ومعنويات الحياة والوجود والعدم , في صراعهم القائم بشكل ايجابي أو سلبي . ليس هناك ممنوعات في تناول الثلاثي في ( الحضارة والدين والتراث ) بعمق وبشكل رصين وهادف , أي يضع في مجهره الإبداعي بشجاعة في مخاطبة العقل من أجل إيقاظه من سباته , حتى يملك قدرة الوعي على مقارنة الأشياء والمكوناته , التي دأب عليها واعطته ميزة اسلوبية متمكنة , في الفرز بين السلفية المغلقة والانفتاح في العقلية , بين الخرافة والحقيقة , بين الدجل والزور والوعي الناضج , بين التصديق والتشكيك في المسلمات الظاهرة , التي تحرث في تخريب الواقع والعقل , لمآرب خبيثة شيطانية للضحك على عقول البسطاء والجهلة . أي يعزف في مرايات الواقع والحياة والوجود , المرئية و اللامرئية , يوظف رسائله المشفرة في الرمزية والدلالة , حتى في المسلمات الموت والحياة , يقتحم معادلتهما بطرح الصور التعبيرية والافكار والاحلام والامال, اي بكل بساطة لا يستسلم وانما يتسلح بقوة التمرد الهادف , ويحشر القارئ أن يتفاعل ويتأثر أن يمتلك ناصية التفكير والتأمل , لان المعروض على سطح الواقع , هو بضاعة مستهلكة غير صالحة , وإنما هي قشور الملح , أو فضلات الملح , مثل فضلات القمامة , لأن غايتها انهزام الوعي والعقل ان يغرقان بطوفان الخرافات المدمرة أو بثقافة التجهيل , يجري إنتاجهما بشكل مجدد وبشكل طاغٍ , والمجموعة القصصية القصيرة ( قشرة الملح ) تعزف في هذا الاتجاه , في المحاججة والحوار أو ما يسمى بحوار الجدل ( تكلم حتى اعرفك / سقراط ) . بكل تأكيد انها مغامرة محفوفة بالمخاطر , ولكن ليس هناك بديل الى الوصول الى ( إيثاكا ) حتى لو أغلقت الطرق بالأفاعي والوحوش الكاسرة , ولكن لابد من الوصول . مهما كان الثمن .
×× لنسنرتشف بعض السرديات القصيرة من المجموعة القصصية :
× في القصة القصيرة ( أبر وقرون ) : هي تتناول رحلة الحلاج الشاقة والصعبة في إيقاظ العقل من سباته وتمزيق تراتيل أهل الكهف , ليستنشق الحياة روحها , في جمالية العيش والسلام والمحبة , وقدم حياته , حتىى لا تنطفي شريعة السماء النورانية , وظلت شعلته خالدة بالسجود للعظماء .
× وفي ( قبلة واحدة ) :
( دعوني أخبر الموتى بأنهم ليسوا بأحسن حال , مما عليه نحن الآن …. ودعوني أخبار الأحياء بأنهم ليسوا بأحسن حال مما عليه الآن … نحن في منطقة بين الموت والحياة ) يعني الحياة والوجود في منطقة رمادية , يعني لا تبشر بالخير لا للاحياء ولا للاموات . طالما الحمقى بيدهم الجاه والنفوذ والمال و يلوحون بالسيوف المتلهفة لإجهاض الحياة والوجود بالدم .
× في سردية ( قشرة الملح ) :
هي مغامرة في إيقاظ العقل من سباته وانقاذه من الطوفان ( نم على الأنفال لتجد وسيلة تسترد بها نفسك …. هكذا كان السطر الأول ) العمل على موت العقل وتسفيه الوعي , لتكون الحياة في قعر البئر . أما بقية سطور الرسالة . نصفها ابتلعتها المعدة , والنصف الآخر عبارة عن ورقة بيضاء , تغوص في الوحل لتنتج قشور الملح , مستهلكة لا تصلح للحياة .
× سردية ( شجرة موسى ) :
( اذا كان الكفر الخروج من العتمة فأنا أول الكافرين .. هكذا بدأ سطره الذي اراد أن يخرج … كل مردفات العصر ميتة كانت ولادته العادية .. حد التقيؤ لم يستطع أن تنجيه ) لأن السلطة الالهة بالارض , مطلقة تميت وتحيا البشر, وبكل بساطة ترسل الاحياء الى القبور .
× في سردية ( الخاسر ) :
( سأكتب ما اقول .. ويقول . . وتقول ) ولكن هموم القرن ومصائبه هي أكبر ما أقول وما يقول وما تقول . وهي اكبر من ما افعل ويفعل وتفعل . لأن شريعة القتل والدماء , تخنق كل شيء , وحتى جدارية فائق حسن في ( ساحة الطيران ) التي رسمت الخيول العربية انهزمت من الجدارية .
× المقطوعة الشعرية ( مفاتح ) :
هي تمثل الرؤية الفكرية والفلسفية للمجموعة القصصية بأحسن تعبير .
كل شيء عار ….. ي
حتى الذي في ردهة الملكوت
خان الليالي …… لوحة الأرقام
كل شيء خالد الأضداد ………. إلا بغداد
كل شيء عار …. ي … الطفل والخمار
لا تستر الأشجار …. أصابع العذراء تنهشها الدماء المستضيئة .
لم يعطب الناي ….. بل وسوسوا للقرد أن يعطيه درس الغناء
كانت تجاربنا بطوناً في الظهور .. عشنا نخيلاً في زمن اللانخيل .
هكذا راى كل شيء فعزيَّ بذكره يا بلادي .