النظام الدكتاتوري الديني المتسلط على إيران هو استمرار للأنظمة الدكتاتورية السابقة التي تسلطت على إيران، ولقد كان غياب الاستقلال وقمع الحريات ونهب بيت مال الشعب من السمات البارزة للأنظمة الدكتاتورية في إيران، ولهذا السبب فإن الشعب الإيراني قد عقد العزم الآن على إنهاء أي نوع من الدكتاتورية في بلاده.
أصبح الترويج للحروب خارج حدود إيران منذ يوم اعتلاء الدكتاتورية المتسلطة على إيران سدة السلطة غطاءً للقمع داخل البلاد، وكانت أخر حلقاته ترويج دكتاتورية ولاية الفقيه للحرب في الشرق الأوسط، ولن يتسامح الشعب الإيراني مع هكذا النظام بعد الآن ذلك لأن طبيعة سياسات وخطط وبرامج النظام الحاكم وقبل كل شيء قد فُضِحت للجميع وتغير الزمن!
الحرس الثوري
في المواجهة والحرب غير المتكافئة الجارية التي تدور رحاها بين الشعب دكتاتورية ولاية الفقيه المتسلطة على إيران من أجل إنهاء الوضع القائم لا بد من التغلب على قوةٍ “رأسها” داخل إيران و”امتدادها” خارج الحدود، وتتواجد تحت مسميات مختلفة وتسمى “قوى النظام بالوكالة” أما “رأس أفعى الولاية فهي في طهران” وأداتها هي ما يسمونه بـ “الحرس الثوري”.
شكل ولي الفقيه المتحكم في إيران منذ بداية استيلائه على الحكم هذا الذي يسمى بـ “الحرس الثوري” واحتكر تدريجيا جميع أركان سلطات نظامه الثلاث، وخاصة وزارة الخارجية وجميع السفارات والقنصليات وفي الخطوة التالية انحصر اقتصاد البلاد في أيدي هؤلاء، وكانت نتيجة هذا القرار الإجرامي الوقح لـ ولي الفقيه ظهور ودخول المسمى بـ الحرس الثوري إلى سدة السلطة وباستخدام أداة القمع والنهب هذه تزايد الفقر في المجتمع الإيراني.
قمع الحريات داخل إيران
أُعدِم واغتيل حتى الآن أكثر من 120 ألف شخص من أبناء الشعب الإيراني، ومنهم 30 ألف سجين سياسي أُعدِموا بشكل بارز على نحو همجي على يد هذا النظام سنة 1988، وقد أصبحت أركان سلطة ولاية الفقيه سلطة الـ 4% (نقلا عن الحرسي محمد باقر قاليباف) في أيدي المقربين من بيت خامنئي وقادة الحرس، والجزء الأعظم من الموازنة السنوية للنظام مخصصة لبقاء الحرس وعمليات القمع وإثارة النظام للحروب، وقد أعلن البنك الدولي مؤخراً في تقرير له أن أكثر من 60% من موازنة إيران تم تخصيصها لشركات ومؤسسات عائدة لخامنئي والحرس وعتبة رضوية.
كتبت الصحف الحكومية مؤخراً أن ” مُعادل الرقم الحقيقي لخط الفقر في طهران يزيد عن 30 مليون تومان”، وأعلنت وكالات الأنباء أن “خط الفقر في إيران ارتفع بنحو 50% مقارنة بعام 2019″، فيما أعلنت وزارة التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية في الجمهورية الإسلامية أن مُعادل خط الفقر لأسرة مكونة من 4 أفراد في طهران هذا العام يقترب من 15 مليون تومان، واستناداً للمعلومات المنشورة يقبع ما يقرب من 60% من الشعب الإيراني تحت ظل الفقر.
إثارة الحروب خارج الحدود
اتجه ولي الفقيه الحاكم في مثل هكذا ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية للمجتمع الإيراني إلى الترويج للحروب خارج حدود إيران حتى يجعل من القمع والقتل وتغييب الحريات داخل الحدود أمراً طبيعيا ومشروعاً وعلى وجه التحديد قمع انتفاضة الشعب الإيراني! والحقيقة واضحة للجميع، ووضوحها في «في الرعب من توسع رقعة الحرب» حيث أعلن خامنئي وقادة النظام الآخرين أنهم لا يد لهم في حرب الشرق الأوسط، وتحديداً لا يد لهم في فلسطين وغزة!
رعب النظام الإيراني من تصنيف الحرس الثوري بالإرهابي!
صوّت البرلمان الأوروبي العام الماضي بأغلبية قاطعة على إدراج الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية لكن مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي رفض تنفيذه في عملية استرضاء مشينة مع الدكتاتورية الدينية في إيران. والأمر اللافت للنظر هو خوف النظام من هكذا إدراج بالقائمة الإرهاب كونها أداة تهدد وجوده.
قال التلفزيون الحكومي في تاريخ 19 يناير 2023 وهو يعرض صور حضور السيدة مريم رجوي في البرلمان الأوروبي لقد كانت هذه التسمية متأثرة بـ “الارتباط” بمجاهدي خلق ومريم رجوي! كما كتبت صحيفة اطلاعات الحكومية في تاريخ 21 يناير 2023 : “إن طلب إدراج الحرس في قائمة المنظمات الإرهابية أمر غير مسبوق ، وكان قد ورد مراراً وتكراراً قبل ذلك بعد سنوات عديدة في تصريحات قادة منظمة مجاهدي خلق”، كما قال هذا التليفزيون: إن مريم رجوي في لقاء عقدته في قصر رئاسة البرلمان الألماني بحضور عدد من نواب البرلمان الألماني قد دعت إلى بدأ الحكومات الغربية وخاصة الحكومة الألمانية بـ “فرض عقوبات شاملة خاصة على صعيد النفط والبنزين ضد النظام الإيراني ووضع الحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية”.
وكانت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية قد قالت مؤخراً في مؤتمر عُقِد بالبرلمان الأوروبي في (ستراسبورغ): “إن الطريقة الوحيدة لوقف الحرب والأزمات هي الوقوف في مواجهة الداعي الرئيسي للحرب، وهو النظام الإيراني”، ونيابة عن الشعب الإيراني أرسل تحياتها إلى السيد ألخو فيدال كوادراس نائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق والصديق القديم للمقاومة الإيرانية الذي تعرض للاغتيال مؤخراً وأصيب بجروح خطيرة على يد إرهابيين أُجراء تم استغلالهم من قبل ما يُسمى بـ الحرس الثوري في إسبانيا، ووصفته بأنه الصوت القيادي الرائد والمنذر المحذر من تهديد”أكثر نظام إجرامي في العالم” وقالت: “البروفيسور ألخو فيدال كوادراس هو اليوم ضمير أوروبا الثائر المنتفض في مواجهة الفاشية الدينية”، وقال السيد فيدال بشأن سياسة الاسترضاء مع الدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران في شهر سبتمبر: “دعوني أقولها بوضوح وبصوت عال: هذه سياسةٌ خاطئة، سياسةٌ خاطئةٌ وجبانة، سياسة خاطئة ومخزية وعديمة الفائدة وضارة.”.
الديكتاتورية الدينية عدوة جميع شعوب العالم
وضع النظام الإيراني السيد آليخو فيدال كودراس في العام الماضي على رأس قائمته السوداء، ولهذا السبب وبعد العمل الإرهابي الأخير ضده قال السيد فيدال حينما تم نقله إلى المستشفى: “ليس لدي أدنى شك في أن النظام الإيراني يقف وراء هذه الجريمة” و “ليس لدي عدو آخر سوى النظام الإيراني”، وقالت السيدة رجوي في هذا الصدد: إن الرصاصة التي أطلقت على السيد كوادراس هي عار في المقام الأول وقد فضحت قبل كل شيء سياسة الاسترضاء والمهادنة مع خامنئي… وفضحت سفارات نظام الملالي التي هي مقرات لقيادة إرهاب النظام في أوروبا”.
وعليه فإن ما يجب أخذه بعين الاعتبار بشأن إيران هو:
– لقد تغير الزمن ولن تعود الأوضاع إلى الماضي أبداً!
– لقد وصلت الدكتاتورية (والدكتاتورية الدينية خاصة) في إيران إلى نهايتها ولن يرضى الشعب بأقل من إسقاطها.
– الوضع فيما يتعلق بإيران خطير وحساس، واتخذت الدكتاتورية الحاكمة في إيران اليوم موقعاً “دفاعياً” وإجراءاتها “تعسفية” و”هستيرية” وستلجأ إلى أي جريمة في “محاولتها من أجل البقاء”!
– النظام المتسلط على إيران نظامٌ غير شرعي ومعادٍ للشعب، وإن أي تجاهل لجرائم هذا النظام والمهادنة والاسترضاء معه ستكون آثارها التدميرية أسوأ بكثير مما كانت عليه في الماضي، وستتوسع إلى أبعد من إيران!
– إن طرد هذا النظام من المجتمع الدولي هو الوقوف في الاتجاه الصحيح من التاريخ وأكبر خطوة في دعم حقوق الشعب الإيراني من أجل الوصول إلى الحرية والديمقراطية.
– إن إدراج الحرس الثوري على قائمة الإرهاب وتفعيل آلية الزناد استنادا على قرار مجلس الأمن 2231 وإحالة ملف انتهاكات حقوق الإنسان إلى هذا المجلس أمر ملح في التعامل مع نظام ولاية الفقيه المثير للحروب.
***
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني