تدعم طهران قرار بغداد باخراج قوات التحالف الدولي، فيما تنفي واشنطن وجود خطط للانسحاب من العراق.
وفي الداخل رغم الحديث عن قرار حكومي بهذا الشأن، لكن لا يبدو الاطار التنسيقي، الذي يدير السلطة، متفق على رأي واحد، بحسب مراقبين.
قرار اظهر العراق، وفق المراقبين، بانه تابع الى ايران، فيما تسعى الحكومة الى اضفاء شرعية على القرار بأخذ رأي العراقيين بسؤال عبر رسائل الموبايل.
ويرى المراقبون بأن مستشاري رئيس الحكومة محمد السوداني، ورطوا الاخير في قضية اجلاء القوات الاجنبية، وستنعكس على زيارة متوقعة للسوداني الى امريكا.
ويوم الاثنين، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إنها لا تخطط حالياً لسحب قواتها البالغ عددها نحو 2500 جندي من العراق.
ويأتي هذا التصريح بعد ايام من اعلان الحكومة العراقية تشكيل لجنة للتحضير لإنهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في البلاد. وقال الميجر جنرال بالقوات الجوية الأميركية باتريك رايدر، في إفادة صحافية: “في الوقت الحالي ليس لدي علم بأية خطط (للتخطيط للانسحاب). نواصل التركيز بشدة على مهمة هزيمة تنظيم داعش”.
وأضاف أن القوات الأميركية موجودة في العراق بدعوة من الحكومة هناك.
وقال رايدر إنه ليس لديه علم أيضاً بأي إخطار من بغداد للبنتاغون حول قرار بسحب القوات الأميركية، وأحال الصحافيين إلى وزارة الخارجية الأميركية بخصوص أية مناقشات دبلوماسية حول الموضوع.
وجاء إعلان حكومة بغداد الاخير، عقب يوم من مقتل قائد فصيل مسلح في بغداد في غارة أمريكية مما أثار غضب الفصائل التي طالبت الحكومة بإنهاء وجود التحالف في العراق.
وبهذا الشأن يقول مثال الالوسي السياسي والنائب السابق في مقابلة مع (المدى): “لايوجد اي تفاوض ولا طروحات امريكية للخروج من العراق؛ كل ماهنالك ان واشنطن قالت لبغداد بأنها مستعدة لسماع كل الآراء التي تعزز استقلال القرار العراقي بعيداً عن هيمنة إيران والمليشيات”.
وتعلن طهران بشكل واضح دعم قرار العراق بسحب قوات التحالف، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانيّة ناصر كنعاني خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي “نحن مقتنعون بأن القوات المسلحة العراقية تملك السلطة والقوة اللازمتين لضمان الأمن، لقد حان وقت مغادرة واشنطن العراق”. ويضمّ التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، دولاً أخرى مثل فرنسا وإسبانيا. وأنشئ قبل نحو عشر سنوات لمكافحة تنظيم “داعش” الذي كان يسيطر على مساحات شاسعة من العراق وسوريا.
ويشير الألوسي، وهو عضو سابق في لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، الى ان “السوداني رغم توجهاته المدنية لكنه يتعرض الى ضغوط شديدة من ايران والفصائل قد تهدد مشروعه السياسي وحياته كذلك”. وبين النائب السابق ان “الولايات المتحدة ما زالت تنصح بغداد بتوفير الحماية للسيادة العراقية وسد الثغرات التي يفتحها الحرس الثوري والمليشيات، لكن الحكومة لا تسمع”.
ويرجح الالوسي بان التطورات الاخيرة في العلاقة مع قوات التحالف ستؤثر على زيارة متوقعة هذا العام للسوداني الى واشنطن للقاء الرئيس الامريكي جو بايدن، ويعقب قائلا: “اذا حدثت الزيارة فستكون تحت شروط قاسية وبروتوكول لا يتناسب مع رئيس حكومة دولة مثل العراق، وهي رسائل امريكية الى ايران لتتوقف عن التدخل بالشأن العراقي”.
وكان أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الامريكي، وجه في ايلول الماضي، دعوة رسمية الى السوداني لزيارة واشنطن، لكن يبدو تأجلت بسبب عدم القناعة باداء الحكومة حتى الان.
الى ذلك يقول احمد الشريفي، الباحث في الشأن السياسي والامني لـ(المدى) ان “قضية اخراج قوات التحالف لا تبدو تحظى باجماع داخل الاطار التنسيقي، كما ليس من صلاحية بغداد ولا حتى واشنطن الغاء تفويض دخول القوات الدولية الى العراق”.
وكانت مصادر قريبة من “الاطار” اشارت الى ان الاخير فوض السوداني لإجراء حوار مع الامريكان لإخراجهم من العراق، بالمقابل أرسلت الحكومة رسائل نصية الى هواتف بعض العراقيين تسألهم رأيهم في هذا الاجراء.
ويؤكد الشريفي ان العراق في 2014، عقب ظهور “داعش”، طلب من الأمم المتحدة المساعدة، والاخيرة كلفت مجلس الأمن بالموضوع والذي اتخذ قرارا بتشكيل تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة باعتبار ان العراق اصبح “بؤرة ارهاب”.
وعلى هذا الأساس يقول الباحث في الشأن الامني: “قرار الغاء هذا التفويض يحتاج الى عرض الامر على هيئة الاركان العليا في الأمم المتحدة والتي تضم ضباط اكفاء مرتبطين بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن، وهم يبحثون الأوضاع في العراق ويرفعون تقريرا الى الامم المتحدة لانهاء التفويض”.
ويرى الشريفي ان جيش المستشارين التابعين لرئيس الحكومة “ورطوا السوداني في تقديم مشروع لن ينجح، واظهروا العراق بانه تابع لايران، وكان من الاجدر ان يعلموه بتلك التفاصيل”.
اما عن بديل التحالف الذي لم تفصح عنه حكومة السوداني حتى الان، يخشى الشريفي تكرار رأي عادل عبد المهدي، رئيس الحكومة الاسبق، الذي جرى في ولايته صدور قرار من البرلمان بإخراج قوات التحالف.
الشريفي يقول ان “مشروع عبد المهدي كان يتضمن ابعاد كل القوات الاجنبية وتحل محلهم قوات بديلة صينية وروسية وايرانية”.
بغداد/ تميم الحسن