أعلن مجلس الوزراء الاتحادي قرارا بأغلاق مخيمات النازحين في الصيف القادم، ورافق صدور القرار جملة من التعليمات، التي يتطلب الوقوف عندها، ومعرفة فرص نجاح هذا القرار وتأثيراته المباشرة على أوضاع النازحين، واثار ولايزال انتقادات وجدالات كثيرة وخاصة لدى النازحين الايزيديين الذين أغلبهم لايستطيعون العودة بسبب تهدم منازلهم في سنجار.
قراءة متفحصة ودقيقة للقرارات التي صدرت بخصوص غلق المخيمات ليست خالية من التساؤلات الكثيرة، والكثيرة جدا، فإصدار القرارات ومع حزمة من التعليمات التي لاتسد رمق العطش للعودة الى منابع الديار التي غاب عنها النازحين عشر سنوات وتثير حفيظة الغالبية، وتثير جملة من التساؤلات المحيرة … كيف لعائلة فقدت كل شيء وفقدت عمود الدار وتعيش في خيمة منذ عشر سنوات ومنزلها مهدم ان تفكر بالعودة وهي لاتملك مبلغ تأجير سيارة لنقل حاجياتها الى مسكنها الاول… ؟ كيف لعائلة تفكر بالعودة لمنطقة ؟ قتل من أهلها الرجال وخطفوا النساء ولاتزال مهدمة وتطلبون منهم العودة …أين العودة بكرامة ؟؟
أوضاع النازحين في العراق تتوزع في عدة اتجاهات ومواقع وتخص مختلف المكونات العراقية سواء في جرف الصخر او مناطق مختلفة في محافظة صلاح الدين – عزيز بلد ويثرب وسامراء – في تلعفر والعياضية او سنجار في جنوب الموصل و مناطق متفرقة من محافظة الانبار والحديث عن مناطق العودة في كركوك اصبح أشبه بحلم لاينفر يرافق كل من ترك منزله ولايستطيع حتى التفكير بالعودة خاصة مناطق تقاطع مكتب خالد ومامة ومناطق اخرى كثيرة تابعة لقضاء الحويجة وغيرها الكثير ..
أن هذه العشوائية والمزاجية في التعامل مع ملف النازحين منذ عشر سنوات هي السبب في بقاء النازحين في مواقعهم وهي السبب في حصول الفساد والاستخدام السيء لهذا الملف سياسيا او كأداة للتسقيط السياسي وحتى للانتقام أحيانا..
لابد من القول ان قرار العودة يجب أن يقرره النازحين أنفسهم لأن هذا قرار يخصهم ويجب أحترام أرادتهم في العودة او عدم العودة ..والعودة بكرامة أولا واخيرا.
انا اشك كثيرا في أن تكون العديد من الجهات المتنفذة في الحكومة مع عودة النازحين الى ديارهم، والشكوك في محلها وهناك مؤشرات على عدم رغبة تلك الجهات لعودة النازحين الى مواقعهم وخاصة في سنجار – ومناطق حويجة وكركوك وبعض المناطق الاخرى التي تمت الاشارة أليها ..هذه الجهات هي التي تتحكم بهذا الملف وعلى الارض في مناطق العودة هي التي تعرقل والدليل على ذلك ملف التعويضات – الألاف في مناطق مختلفة من العراق ولكن غالبية النازحين الاكثر أستحقاقا لم يستلموا لا بل لم يكملوا معاملاتهم خاصة في سنجار – ألم تسال الجهات المعنية نفسها ولماذا لم تعالج هذه المشكلة رغم مضي سبع سنوات بالعمل على هذا الملف؟.
وبخصوص المنطقة الاكثر سخونة لهذا الملف ألا وهي سنجار من مجموع اكثر من – 30 الف – عائلة تستحق التقديم على التعويضات لم تكتمل سوى – 12 الف معاملة – بعملية حسابية بسيطة يعني تحتاجون عشرين سنة اخرى تكملون كل المعاملات اذا في سبع سنوات فقط 12 الف معاملة حسمت / طبعا حسمت
ولم يقبضوا اي فلس – من اهالي سنجار والغريب في الامر مع مضي اكثر من سبع سنوات مستمرة للعمل على هذا الملف لم يستلم التعويض من أهالي سنجار سوى حوالي 100 شخص فقط بحسب مصادر حكومية .. فعن أي أنصاف تتحدثون وعن أية احترام للكرامة التي انتهكت تقررون مصير الناس، دون أنصافهم وتعويضهم تعويضا عادلا يليق بالمعاناة والمآسي ونتائج الابادة المستمرة على الايزيدية خاصة في سنجار .. وطبعا ألاف العوائل من مناطق مختلف تعاني هذه الماسي .
أي غلق للمخيمات ولاتزال ألاف الدور السكنية مهدمة وأصبحت أثرا من الماضي في المجمعات السكنية جنوب سنجار وتريدون من الناس العودة اليها صاغرين، وكأن غلق المخيم مثل غلق محل متجاوز ستعلقون لافتة عليها ويكتب مغلق بسبب التجاوزات … ! ماهذا الاستهتار الذي لاينم سوى إعادة المأساة والتعمد في أن يبقى ضحايا الابادة مهمشين حد العظم — ويتم الترويج لأعادتهم كأنه نصر حكومي — كيف ؟ …. لإعادتهم لكي يعيشوا على ركام الابادة ؟ ولايملك سقفا يأويه ؟
أن قرار غلق المخيمات لم يدرس جيدا ، اذ فيه الكثير من الانتهاك لحقوق الانسان والتمييز فكيف يعقل مثلا ان يتم تخصيص فقط مبلغ ( 4 مليون دينار لكل عائلة تريد العودة من ساكني المخيمات ) أريد أعرف ليش الي عادوا عادوا قبل ثلاث سنوات وعدتهم وزارة الهجرة والمهجرين بدفع مليون ونصف كم واحد منهم قبض ؟ — ثم أي تمييز ان يكون المبلغ فقط للنازحين في المخيمات — يا سادة ياكرام مصادر حكومية في دهوك فقط تشير ان هناك حوالي (( 25 الف و600 عائلة داخل المخيمات – بینما 37 الف وثمانمائة عائلة تعيش خارج المخميات في العشوائيات وساحات عامة وقرى مهجورة نفوسهم الاجمالي للفئتين – 337000 شخص )) أمام هذا الرقم المهول فقط في دهوك، كيف يتم قراءة هذا الملف وكيف سيكون مصير هذه الألاف بعد غلق المخيمات؟.. التي جعلت الناس تعيش هما أخر غير هموم الفقر والعوز والحرمان ودمار مناطق سكناهم ..
ان التصريحات و قرارات الوزارات بالاسراع في تمشية معاملات التعويض لاتجعل من هذا القرار ممكنا – لأن كلنا نعرف تاثير الروتين والانتماءات على تمشية المعاملات .. وطبعا لا ننسى التفكير بالمناطق البديلة التي يروج لها قرار غلق المخيمات – هل تحديد المناطق البديلة بهذه السهولة؟ اين هي المناطق البدلية ؟ وهل تم تهيئتها ؟ وتحديدها بعد دراسة من أن لاتخلق او أن تؤدي الى مشاكل جديدة ؟؟
الخوف ان يكون وراء هذا القرار مرة أخرى استهداف سياسي لحكومة الاقليم حتى تجعله امام تحدي جديد في تحمل الاهتمام بملف النازحين وتتهرب الحكومة الفدرالية من مسؤولياتها لخلق الفتنة والكراهية بين فئات المجتمع ويترك مصير ألاف العوائل مجهولا بلا مأوى ولا دعم ولا خدمات، خاصة بعد تبليغها للمنظمات الدولية بوقف مشاريعها في مخيمات النازحين بحسب النازحين أنفسهم .. نتمنى ان لايكون هذا الرأي في خيال البعض .. وقد يكون موجودا أصلا ؟؟
ثم تعليق اخير بخصوص مناطق العودة ومرة أخرى عودة الى سنجار تحديدا – بخصوص فكرة تخصيص مساحة 50 دونم او اكثر بقليل لبناء دور سكنية – ترحووووو کم عائلة ستأوی هذه الخمسین دونم .. نحن نتحدث عن اکثر من خمسين الف عائلە نازحین موجودین فی دهوك — البيوت المهدمة ما بنيتوها راح تبنون بيوت جديدة ؟؟ – ما أفهم شلون تخلون الناس تترك مخيم وتروح لمساحة ارض تنتظر بنائها – أخاف متعاقدين وية شركات صينية التي تبني بيوت خلال يومين او ثلاثة وأحنا ماندري ؟؟ نورونا وفرحونا انكم ستدفعون لكل عائلة خمسين مليون دينار حتى تستطيع بناء منزل لها وتعود بكرامة هذا اللي يجب ان يحصل…!!
القصص كثيرة والاراء عديدة ولكن ليتصور اي مسؤول عراقي من الذين يروجون ليل نهار لعودة النازحين – إعادة النازحين – غلق المخيمات ليتصور اي مسؤول ان منزله مدمر في اي مجمع سكني في سنجار او تلعفر او اي مكان أخر ..ولايملك مبلغ بناء غرفة كيف سيبني دارا تليق به وبعائلته في مجمع سكني أغلبه بيوت طينية مدمرة … هلى تقبلون ان تعود عوائلكم الى هكذا مناطق ؟
لاتنسوا ان مسؤولية مؤسسات الدولة رد الاعتبار وحفظ كرامة النازحين وتعويضهم تعويضا عادلا وسريعا ومجزيا وليس تحديد التعويض بحسب أمزجة اللجان والقيل والقال، ويتطلب من الحكومة التريث في هذا القرار سريعا … هيئوا الارضية قبل غلق المخيمات – ثم اذا غلقتم المخيمات كيف ستؤمنون الخدمات لهؤلاء الناس الذين يفضلون البقاء، هل تريدون ان تعيش الناس مشردين مجددا وبقرار حكومي هذه المرة ، بعدما كانت الهجرة والنزوح والتشرد بسبب سيطرة تنظيم داعش الارهابي في المرة الأولى…
أعتذروا للنازحين لانكم فشلتهم في ادارة هذا الملف – أعتذروا لانكم لم تستطيعوا تحقيق العدالة وانصاف الضحايا وتعويضهم تعويضا عادلا، وأعادة بناء منازلهم المهدمة وتأمين الارضية المجتمعية لبناء الاستقرار والثقة التي أنهارت بكم وبالمجتمع المحيط الذي تسبب في هجرتهم وتشردهم وتعرضهم للابادة وجرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية …
هذه القراءة والتعليقات لاتستهدف اية جهة ولاتمثل أية جهة ولاتعتبر تقليل من جهود اية جهة تعمل مع او لصالح النازحين الذين مضى على وجودهم مهجرين مشردين بعيدين عن ديارهم عشر سنوات، بل في سبيل تسليط الاضواء على اوضاع النازحين وهذا الملف الانساني البحت الذي نأمل ان لايتحول الى ملف سياسي بحت.