أکثر من ثلاثة عقود والمجتمع الدولي بما فيه بلدان المنطقة، يطمحون"بل وحتى يحلمون"، بأن يبادر
القادة والمسٶولون في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بإجراء ثمة تغيير على نهجهم"وليس على
النظام" بما يضمن عدم الاضرار بأمن وإستقرار بلدان المنطقة والعالم ولکن، وکما أثبتت الاحداث
والتطورات لم يتم لمس أبدا أية خطوة أو إجراء أو ثمة نشاط يدل على إمکانية التغيير الجزئي الإيجابي
في هذا النظام.
لماذا لم يتمکن قادة النظام الايراني من إجراء أي تغيير جزئي في نهجه بما لايٶثر سلبا على بلدان
المنطقة والعالم؟ الحقيقة الصادمة والتي من الملفت للنظر إن بلدان المنطقة والعالم لاينتبهون لها
ولايمنحونها الاهمية المطلوبة، هي إن هذا النظام مبني على أساس نظرية دينية متطرفة مفاهيمها
مرتبطة ببعضها کحلقات سلسلة محکمة لو تم فتح أي واحدة منها فإن ذلك يعني بأن النظرية ستنهار، إذ
أن التخلي عن التدخلات في بلدان المنطقة والتي هي من صلب واحد من أهم مبادئ النظام والمسمى
ب"تصدير الثورة"والمثبت في ثلاثة مواد من الدستور الايراني، لذلك فإن التخلي عن التدخلات أو
تحديدها يعني وضع النظام أمام تساٶل أمام مصداقية نظرية ولاية الفقيه أولا، وکذلك وضع النظام أمام
تساٶل الشعب الايراني عن سبب إهدار مئات المليارات من ثروات البلد على نهج ثبت عدم جدواه؟
من الواضح جدا إن قادة النظام الايراني أدرکوا ويدرکون المخاطر التي جلبوها ويجلونها على السلام
والامن والاستقرار في المنطقة ومدى سخط وسأم بلدان المنطقة والعالم منهم، ولذلك فإنهم وفي مقابل
ذلك ولأجل توفير مظلة أمن للنظام، فإنهم يقومون بإطلاق وعود هلامية وضبابية لايوجد أي أساس
واقعي لها، تماما کمزاعم الاصلاح والاعتدال التي طوال 4 ولايات رئاسية لمحمد خاتمي وحسن
روحاني، لم تتمکن من تجسيد أفکارها ومفاهيمها على أرض الواقع وفي النتيجة تم إبعادهم وتهميشهم،
إذن فالمسألة في خطها مرتبطة بالاساس الفکري للنظام والذي لو تم إجراء أي تغيير عليه فإن النظام
برمته يتأثر سلبا بذلك، وإذا ماأخذنا بنظر الاعتبار الاوضاع السلبية القائمة في البلاد وسخط الشعب
المتزايد على النظام ولاسيما وإن أسباب ومقومات إندلاع إنتفاضة 16 سبتمبر2022، التي دامت لأشهر
لازالت على حالها، فإن النظام يتخوف کثيرا من أي تصرف يمکن أن يقلب الطاولة على رأسه، ولذلك
فإنه يکتفي بإطلاق الوعود التطمينية النظرية التي ليست لها من أي صوت أو صدى على أرض الواقع،
ولعل هذا هو ماقد فهمه الشعب الايراني وأدرکه ولذلك فإنه تيقن من إن التغيير يجب أن يکون شاملا
وعاما بأن يجعل مصير هذا النظام کسلفه، وهذا هو مادعت وتدعو له منظمة مجاهدي خلق طوال العقود
الاربعة الماضية وتصر عليه لکونه الطريق الوحيد للخلاص للشعب الايراني وبدونه فإن ذلك لايعدو
کونه أکثر من الدوران في حلقة مفرغة!