أكثر لغز حيرَالإنسان منذ نشأته على هذا الكوكب هو لغز الموت والحياة. وأختلفت الآراء في تفسير وتحليل ما بعد الموت .وكانت المعتقدات والتفاسيرمختلفة بأختلاف إِيمان المجاميع البشرية من الأديان والمذاهب المتعددة . فالأديان السماوية مثلا تؤمن بوجود الملكوت والنار وهناك الثواب والعِقاب . و جماعة منهم تؤمن بأن الإِنسان التقي والصالح سيعيش فترة زمنية على الأرض بسعادة بعد الموت وسينتهي كل شيئ بعدها. وهناك معتقدات أُخرى تؤمن بأن الروح تنفصل عن الجسد وتخرج لتحط في جسد آخر وهذا مايسمى بأستنساخ الأرواح ومعتقداد اُخرى كثيرة.
وأختلفت هذه المعتقدات أيضاً قبل مجيئ الرُسل والأنبياء ومعرفة الإِنسان بوجود الله الأزلي الذي خلق كل ماهو منظور وغير منظور في هذا الكون العجيب الذي لم يكتشف منه عقل الإِنسان الا جزء ضَئيل جداً .
فالإِنسان البدائي عبدَ الألهة وألأصنام وعبدَ الشمس والقمر و الدواب وحتى عوامل الطبيعة التي تؤثر على حياتهِ البسيطة مثل المطر وغيرها، وذلك لفهمهِ البسيط ولتأثرهِ بكل مايُؤثر على معيشتهِ بسبب محدودية تفكيره وأدراكهِ .
مما لاشك فيه إن الطفرة الكبيرة التي حَدَثتْ في تطور البشرية وبعد معرفة وجود الله عبر الرُسل والأنبياء . أختلف مفهوم الإِنسان للحياة والموت.ولكن ظلَ لُغز الموت محيراً لقرون طويلة الى اليوم ، وقد كان للفلاسفة والعلماء آرائهم وتفسيراتهم الخاصة.
فمثلاً يقول الفيلسوف اليوناني أفلاطون في دراساتهِ عن الموت بأنّ الموت هو تحرر النفس من الجسَد، فهو يُؤمن أنّ النفس(الروح) موجودة قبل ميلاد الإنسان، وأنّها تملك صفة الخلود بعد الموت، و لها القدرة على التَحكُم في الجسد، فهي شبية بالآلهة الخالدة.
أمّا الفيلسوف جاك شورون فيقول: أنّ الإنسان الأول كان يعتبر الموت نتيجة لعوامل خارجية تحمل الشر بين طياتها، ولم يَدرك أنّ الموت ضرورة حتمية لكل كائن حي على وجه الأرض، إلّا بعد ما حصل له من التطور في قدراتهِ العقلية وفي إدراكه الذي ساعده على الأستنتاج بالمقارنة لما يراه من أحداثٍ أنّ البشر مائتون، حتّى و إن لم يكن وراء ذلك أسباب ملحوظة.
يبقى لغز الموت مؤلم ومحير ومحزن لعقل الإنسان عبر المشاهد اليومية للموت التي تمر أمامه وبطرقٍ مختلفة سواء نتيجة الحروب أو المرض او القتل وغيرها.ويكون وقعه اكثر إيلاماً عندما يفقد عزيزاً عليه وهو غير قادر على تصديق ذلك ويتساءل . هل يمكن أن ينتهي الإنسان بهذه البساطة ؟ وهل يمكن أن تموت كل تلك الذكريات والقصص التي عايشها ؟. ولكن طبيعة االبشر تمتاز بنعمة النسيان مع مرور الزمن ويتقبل ذلك مرغماً ولا حول بيده ولا قوة الا بالله.
تبقى حقيقة الموت ثابتة وهي فناء الجسد مهما طال عمر الأنسان وقَصُر، وتبقى الحقيقة الأُخرى أن النظام الذي وجده الله حسب رأي المؤمنين بوجود الخالق والمدبر لهذا الكون وهم( الغالبية العظمى). أو (بحسب نظام الطبيعة التي انتجت هذا الأنسان) وحسب بعض العلماء مثل العالم دارون ونظريته (أصل الأنواع) . تبقى الحقيقة المطلقة أن الإِنسان زائل من الوجود على الأرض ولكن ديمومته جاءت من عملية التزاوج البشري وديمومة نسله على الأرض. ولذلك وبتحليلي الشخصي أن الانسان لايموت حتى كجسد . فإذا ماتزوج واصبح له بنين اوبنات فأن الكثير من الكروموسومات اي الصفات الوراثية تنتقل الى ذريته وانما ما يتغير هو الفكر والروح فالفكر والعقل سيتغيران بحسب البيئة والظروف ، فاذا تربى في بيئة مترفة ومتطورة سوف لن يكون مثل أبيه الذي تربى في بيئة فقيرة وتقاليد وعادات صارمة وقوية، وهذا الأختلاف سينتج سلسلة من الأجيال تنتمي لجسد واحد لكن نمت وترعرت في بيئات وظروف مختلفة .
ولكن أثر ما يتأملهُ الإِنسان أياً كان ومهما كان تفكيره هو أملهُ أن تبقى روحه حية خالدة ، وانه من الممكن أن تكون هناك حياة أبدية مختلفة عن الحياة الأرضية التي توصف بأنها متعبة ومرهقة لما بها من مخاطر واقدار وامراض والم وجوع وفقر وووالخ. لذلك يعتقد المؤمنون بكل أنواعهم وأختلافاتهم بوجود الحياة الأُخرى وبأن الحياة الثانية ستكون خالية من الجسد المادي الذي يرهق الروح . وستكون الحياة الأُخرى خالية من الجوع والألم والموت .
لقد فسر الفلاسفة الأغريق وغيرهم علاقة النفس بالجسد .
فارسطو الفيلسوف الأغريقي فسر علاقة النفس مع الجسد بأنها علاقة غير منفصلة عن بعضهما . وهو يعتقد انهما من نفس الطبيعة ويقول أن النفس تُفنى مع فناء الجَسد. لكنه في النهاية يقول (ارسطوا )هناك جزء من النفس البشرية لا يفنى بعد موت الجسد لأنهُ يتقارب مع الروح الآلهية .وبهذه الجزئية يتفق أرسطو مع الفيلسوف أفلاطون حين قال أن النفس حين تغادر الجسد لاتموت وتبقى خالدة وهي تشبه الروح الالهية الأزلية .
في الختام يمكننا القول بأن الموت وفقاً لمعظم الديانات والمعتقدات وبعض المذاهب هي بداية الرحلة للوصول الى مكان آخر من الوجود نستغني ونترك أجسادنا في عالمها الخاص والتشبث في جزء لايموت من أنفسنا نسميها الروح او الطاقة التي ستنقلنا الى عالم آخر جديد مختلف تماماً عن الذي عاشتهُ الروح بداخل الجسد القاني.
وتبقى الحقيقة الأكبر والأكثر وضوحاً والتي أعطت للبشرية املا قوياً للخلود الأبدي وبقاء أرواحها خالدة، هي تجسد روح الله الأبدية بجسد الإنسان وهو المُخلص الذي جاء ليعطي الخلاص لكل نفس طيبة نادمة من ذنوب الجسد ومؤمنة بمن خلق الروح بجسدها. أنه إبن الله بالروح أنه المخلص العظيم السيد المسيح الذي قال قولته العظيمة التي هي المفتاح والأجابة لمقالنا وتساؤلاتنا . ((أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي ولو مات فسيحيا )).