الجمعة, سبتمبر 20, 2024
Homeاخبار عامةأطفال خارج المدارس.. كابوس يهدد الأجيال القادمة في البلاد العربية

أطفال خارج المدارس.. كابوس يهدد الأجيال القادمة في البلاد العربية

طلبة عراقيون في أحد مخيمات النازحين عام 2018 (صورة تعبيرية).
طلبة عراقيون في أحد مخيمات النازحين عام 2018 (صورة تعبيرية).

قدرت الأرقام الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، في سبتمبر الماضي، أن أكثر من  250 مليون طفل حول العالم محرومون من خدمات التعليم لظروف مختلفة.

وتمتلك الدول العربية حصة لا بأس بها من الأطفال المحرومين من التعليم بفِعل الاضطرابات التي عانت منها المنطقة خلال السنوات الأخيرة.

وقدّرت “اليونسكو”، في العام 2020، أعداد الأطفال المحرومين من الخدمات التعليمية في الشرق الأوسط بـ15 مليون طفل، متوقعة أن يصل العدد إلى 20 مليون طفل بحلول 2030.

هذه التقديرات لم تأخذ بعين الاعتبار اندلاع المزيد من الحروب الأهلية بالمنطقة كما جرى في السودان، وهي أزمة رفعت أرقام الأطفال غير القادرين على التعلُّم بشكل فلكي.

السودان.. أسوأ أزمة تعليمية بالعالم

في دراسته “أسباب التسرب المدرسي الاجتماعية وآثاره المستقبلية”، أكد الباحث صفوان مهيوب أن الصراع الذي يعيشه السودان ألقى آثاراً وخيمة في العملية التعليمية بعدما أُجبر ملايين الطلبة على الانقطاع عن المدارس لخدمة أسرهم أو العمل بإحدى الوظائف للتخفيف من الأعباء الواقعة عليهم بسبب ارتفاع الأسعار وقِلة المعروض من السلع.

الأمر نفسه امتدَّ إلى المُعلمين الذين اضطروا للعمل في وظائف أخرى لتوفير احتياجاتهم الضرورية، الأمر الذي حوّل مدارس السودان إلى بيئات طاردة للتلاميذ.

السودان: مأساة التعليم في ظل الحكم الإسلاموي
السودان: مأساة التعليم في ظل الحكم الإسلاموي

وبحسب تقديرات صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، في أكتوبر 2023، فإن الصراع المحتدم بين طرفي القتال في السودان تسبب في إغلاق أكثر من 10 آلاف مدرسة وحرمان 5.5 مليون طفل من الالتحاق بأي مدرسة.

أضيف هؤلاء الأطفال الضحايا إلى 7 ملايين طفل آخرين، كانوا محرومين بالفعل من التعليم بسبب الأوضاع السياسية المضطربة التي عاشتها البلاد خلال سنوات ما قبل الحرب الأهلية.

وفي أبريل 2024، أعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن عدد الأطفال السودانيين خارج المدارس بلغ 19 مليوناً، وهو ما دفع ممثلة اليونيسف في السودان، مانديب أوبراين، للتصريح بأن السودان يعيش “أسوأ أزمة تعليمية في العالم”.

مصر.. مشكلة مزمنة

في بحثها “الفقر وعلاقته بالتسرب من التعليم: دراسة ميدانية”، المنشور في يوليو 2021، أصّلت منار محمود راشد قِدم أزمة حرمان الأطفال من التعليم بمصر، مؤكدة أن وزارة التربية والتعليم خططت في عام 1962 بأن تصل نسبة الحضور بالمدارس الابتدائية إلى 81.9% مِمَّن هُم في سن الدراسة الإلزامية، لكن نسبة المنخرطين بلغت 71.6% فقط.

وفي سنة 1968 كان مقدراً أن يُقبِل 95.3% من الأطفال المُلزمين على الالتحاق بالمدرسة، إلا أن نسبة الطلبة لم تتجاوز 71.9% فقط، وهو ما أرجعته الباحثة إلى سوء توزيع الكفاءات والموارد التعليمية بين المدارس في المدن ونظيراتها بالقرى.

التعليم الديني في المغرب.. يد الدولة لكسب الشرعية ومحاربة التطرف
ينتشر في المغرب أكثر من 11 ألف كتاب قرآني (تابع لمسجد) يدرس بها 320 ألف طالب، وأكثر من 2100 مركز مستقل (غير تابع لمسجد) لتحفيظ القرآن يدرس بها 100 ألف طالب.

ووفق تقديرات الباحثة فإنه في 1980، بلغ عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس قرابة 3 ملايين طفل، وهي نسبة مرتفعة إذا ما قُورنت بإجمالي عدد السكان البالغ حينها 43.75 مليون تقريباً. وضعٌ ازداد سوءاً خلال السنوت التالية وخلال عام 1983\1984 إذ وصل عدد الأطفال المحرومين من التعليم إلى 7.1 مليون طفل، وهو ما دفع الحكومة لبذل جهودٍ ضخمة لتقليل هذه النسبة عبر تبنّي برامج مختلفة لتشجيع الأسرة على إلحاق أبنائها بالمدارس.

في دراستهم “محددات التسرب من مرحلة التعليم الأساسي في محافظة الشرقية” كشف عدة باحثين مصريين أنه في 2019، بلغت نسبة الأطفال غير الملتحقين بالمدارس قرابة 90.7 ألف طفل.

وفي 2022، أعلنت الحكومة أن حجم المنقطعين عن التعليم بلغ 25 ألف طفل بالمرحلة الابتدائية، و43 ألفاً بالمرحلة الإعدادية.

العراق.. توريث الفقر والجهل

في دراستها “فقر الأطفال متعدد الأبعاد والتسرب الدراسي”  أكدت الباحثة وديان كاظم، أن الطفولة العراقية “تعيش حياة مأساوية بسبب الفقر والنزوح والحرمان من التعليم”.

ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية لنشر التعليم الأساسي بين أطفالها فإن 1 من بين كل 5 أطفال من أبناء الطبقة الفقيرة يتركون دراستهم بالعراق لأسبابٍ اقتصادية، وفق تقدير الباحثة. وبحسب وديان فإنه وخلال عدة سنوات سوف يُصبح هؤلاء الأطفال المحرومون من مقاعد الدراسة فريسة للأمية وانعدام المهارات المهنية فيعجزون عن تحسين أوضاعهم المعيشية، والخروج من الفقر، وعندما يكبر هؤلاء الأطفال سيتزوجون ويُنجبون أبناءً يعجزون عن تعليمهم أيضاً ويكون مصيرهم مثل مصير آبائهم ما يؤدي إلى تأبيد الفقر والهامشية لهذه الفئات وجعلها تتوارث الجهل والفقر والعزلة جيلاً بعد جيل.

لعب تردّي الأوضاع الأمنية دوراً كبيراً في خوف العائلات من إرسال أبنائهم إلى المدرسة. في 2005، قُتل 64 طفلاً وأصيب 57 جراء 400 هجمة طالت المدارس، وفي 2007 لقي أكثر من 7 أطفال حتفهم بعدما أُطلقت قذيفة هاون على مدرسة إعدادية في بغداد، فضلاً عن تعرض بعض الفتيات لعمليات اختطاف واغتصاب بعد هجمات طالت مدارسهن طيلة السنوات الفائتة.

العنف في المدارس العراقية .. ما قبل 2003 وما بعدها
العنف في المدارس العراقية .. ما قبل 2003 وما بعدها

ومنذ 2016 تبذل “اليونسيف” جهوداً كبيرة بالتعاون مع الحكومة العراقية لتخفيف وطأة هذه المشكلة فقدّمت الدعم إلى 383 مدرسة ووزعت اللوازم المدرسية على 280 ألف طفل.

رغم ذلك استمر الوضع في التدهور. وبحسب إحصائيات “اليونسيف”  فإنه بين عامي 2020 و2021 تجاوز عدد الأطفال المحرومين من التعليم قرابة 3.2 مليون عراقي رغم بلوغهم سن المدرسة.

الجزائر.. تأثيرات نفسية خطيرة

وفق ما كتبته الدكتورة جميلة محمدي في بحثها “الأمية والتسرب من التعلم”، بلغ عدد الأطفال الذين تخلوا عن الدارسة أو أجبروا على تركها 532 ألفاً في 1998. ونقلاً عن تقديرات المجلس الوطني للتخطيط فإن 600 ألف طفل خسروا مقاعدهم الدراسية في 2001.

وفي دراستها “عمالة الأطفال والتسرب المدرسي: الجزائر نموذجاً”، نقلت الباحثة حرقاس وسيلة إحصائيات عن الاتحاد العام للعمال الجزائري قدّر خلالها في 2006 عدد الأطفال (عُمر 6-14 سنة) في سوق العمل بـ1.8 مليون طفل أغلبهم لا يلتحقون بالمدارس.

ولا تتوقف تداعيات مثل هذه الظاهرة على شيوع الجهل بين الشباب وعدم امتلاك مهارات كبيرة يحتاجها سوق العمل. وإنما تمتدُّ إلى ماهو أكثر خطورة بعدما تترك تأثيرات سلبية في شخصياتهم.

وبحسب دراسة إحصائية أجراها الباحث الجزائري عبد السلام دعيدش عام 2022 بين عائلات عددٍ من الأطفال الذين حُرموا من استكمال مسارهم التعليمي، فإن هؤلاء الأطفال عانوا من الحزن والشعور بالخجل وضعف الثقة بالذات، فضلاً عن مخاوف مرضية مثل الخوف من التحدث أمام الآخرين وصعوبة اتخاذ القرارات وتفادي المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.

سوريا وتونس.. أوضاع متداعية منذ 2011

في سنة 2021، قدّرت “اليونسيف” بأن الاقتتال الداخلي في سوريا تسبّب في نزوح 2.6 مليون طفل داخل البلاد وحرمان 2.4 طفل من التعليم.

وفي ظل تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد أجبر ما يزيد على 90% من الأطفال اللاجئين على العمل لتغطية نفقات أسرهم.

الحرب الدائرة في سوريا منذ 2011، ألقت بظلالٍ وخيمة على القطاع التعليمي بعدما أدّت إلى فقد سوريا 100 ألف معلم من إجمالي 450 ألفًا قبل الحرب فضلاً عن خروج 7 آلاف مدرسة -من إجمالي 24 ألفًا تملكها سوريا- عن العمل، بعدما دُمرت أو تحولت إلى مركز إيواء للنازحين أو لثكنة عسكرية أو مركز اعتقال تابع لإحدى الفصائل المتحاربة.

وبحسب تقديرات دولية فإن منشآت مدرسية تعرضت إلى 700 هجومٍ واجَه فيها الأطفال من تلاميذ هذه المدارس انتهاكات جسيمة.

سوريا: الدروس الخصوصية ترهق الأهالي سنوياً وسط نظام تعليمي متهالك
“وقعنا بين إهمال المدارس الحكومية والأسعار الكاوية للدروس الخصوصية، ولا يوجد عندنا خيار ثالث”، يقول السوري أمجد الحسن، معرباً عن حيرته حيال مشكلة يعانيها مئات الآلاف من الآباء السوريين في مناطق النظام السوري، في كل عام دراسي جديد.

أما تونس فلقد أكد الدكتور بسّام عبيدة في أطروحته “التسرب المدرس في المرحلة الإعدادية بتونس” المنشورة في مارس 2021 خطورة حرمان الأطفال من التعليم بالمدارس في بلاده، وهو أمر وصفه بـ”ظاهرة اجتماعية متعددة الأبعاد” تعيشها تونس خلال السنوات العشر الأخيرة.

يقول بسّام: “يغادر المدرسة 100 ألف تلميذ سنوياً نصفهم لا يتمُّ مرحلة التعليم الأساسي”، كما نقل عن دراسات أخرى وجود أكثر من مليون مراهق خارج المدارس شكلوا فئة “هشة يصعب دمجها في المجتمع مهنياً”، على حدِّ وصفه.

أحمد متاريك

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular