بعد 5 آلاف طلعة جوية إسرائيلية.. سوريا لم تعد آمنة لجماعات إيران
حتى الان مازلت المجموعة التي تطلق على نفسها اسم “المقاومة العراقية” ملتزمة بالهدنة رغم الإشارات التي صدرت من ذلك الفريق في بيان الأربعاء الماضي، واحتمال عودة الصدام مع القوات الامريكية في الداخل. الفصائل المسلحة التي بدأت بخطاب تصعيدي قبل ايام بالتزامن مع احتمال اندلاع حرب في لبنان، ومع اطلاق السفيرة الأمريكية الجديدة في بغداد تصريحات “نارية” ضد ايران ودورها بالعراق، لا تريد هذه الفصائل– حتى اللحظة- خسارة قيادات ميدانية جديدة كما جرى في العراق ولبنان وسوريا بالاسابيع والاشهر الماضية.
لكن هذا لا ينفي وجود تحركات قبل اكثر من شهر، كشفتها (المدى)، في نقل الاسلحة والمقاتلين من جبهة سوريا الى لبنان، بسبب كثافة الهجمات على دمشق (عاصمة سوريا) من الفريق الغربي، للتحضير هناك لحرب “قاسية” كما يصفها سياسي عراقي.
وتلتزم الفصائل العراقية، ضمنيا، منذ 4 اشهر بالهدنة مع القوات الامريكية في العراق وسوريا مع استمرار عمليات القصف على اسرائيل، بحسب بيانات للجماعات المسلحة لم يؤكدها الجانب الاخر حتى الان.
مقدمات عودة الصدام
في حادث امني جديد يتزامن مع التغيرات الاخيرة، تعرضت جماعات مسلحة على الحدود العراقية السورية، أول امس، الى هجوم من جهة مجهولة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان افاد بأن طائرات مجهولة ضربت في وقت متأخر من مساء الجمعة الماضية، أهدافاً بالقرب من الحدود السورية العراقية.
وتحدث المرصد عن انفجار ضخم، وقال إنه سمع صوت تحليق طائرات في الوقت نفسه في بلد السكرية بريف البوكمال على الحدود السورية العراقية.
وقال رئيس المرصد رامي عبد الرحمن إن المنطقة تخضع بشكل أساسي لسيطرة “الميليشيات الإيرانية والموالية لإيران”.
وكانت فصائل عراقية مثل كتائب حزب الله، وكتائب سيد الشهداء، قد تعرضت في اوقات سابقة الى هجمات صاروخية في هذه المواقع، اتهمت حينها اسرائيل وواشنطن بمسؤولية تلك الحوادث. بالمقابل أكدت مصادر محلية في محافظة دير الزور في سوريا، بحسب وكالات غربية، بأن قصفاً جوياً أميركياً استهدف قافلة سيارات في بلدة السكرية على الحدود السورية العراقية.
وقالت المصادر إن النيران اندلعت في عدد من السيارات كما سمع دوي انفجارات في المكان.
وقال المرصد إنه لم يعرف بعد ما إذا كانت الضربة قد استهدفت أفراداً كانوا موجودين في المنطقة المستهدفة وكذلك شاحنة تحمل ذخيرة. تتوافق هذه المعلومات مع ما يذكره مثال الالوسي، السياسي والنائب السابق، الذي يقول لـ(المدى) بانه “منذ فترة تجري عملية نقل الأسلحة والمسلحين من العراق وسوريا الى لبنان”.
الالوسي كشف جزءا من هذه المعلومات قبل نحو شهر لـ(المدى)، ويشدد على ان “اسرائيل نفذت خلال الأشهر الماضية اكثر من 5 الاف طلعة في سوريا، لذا تم نقل المعركة الى لبنان، وستكون حربا قاسية”.
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، قال محذرا قبل ايام كذلك من توسع الحرب. واضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني بالإنابة، علي باقري كني، الذي زار بغداد قبل أسبوع: “اتساع الحرب في لبنان سيؤثر في المنطقة بشكل عام”.
هذه التحذيرات جاءت مع إعلان المجموعة التي تسمي نفسها “المقاومة الاسلامية في العراق”، عقد يوم الأربعاء الماضي، “اجتماعاً استثنائياً” للتباحث بشأن وجود القوات الأمريكية في العراق.
وقالت في بيان انها ناقشت “الفرصة التي منحتها للحكومة -قبل أكثر من أربعة أشهر- والمتضمنة جدولة انسحاب الوجود الأمريكي من العراق”.
وأكد المجتمعون، بحسب البيان، “على ضرورة الاستمرار بالسير لتحقيق سيادة البلاد، بعد مماطلة العدو وتعنته، ليبقى محتلاً لأرضنا (….) وكأنه لا يعلم ما ينتظره بعد هذه الفرصة”.
وألمحت الفصائل إلى أن “الشعب العراقي، ومقاومته الأبية، والمخلصين من السياسيين، ورجال العشائر، ونواب الشعب، قادرون ومصرون على إنهاء هذا الملف وإغلاقه، باستعمال السُبل المتاحة كافة، لإعادة الأمن والاستقرار، وتحقيق السيادة الكاملة”.
مصدر سياسي قريب من الاطار التنسيقي قال في اتصال مع (المدى): “حتى الان لم يؤشر لدينا وجود تحركات جديدة من هذه المجموعة.. مازالت ملتزمة بالهدنة”.
الفصائل ادعت في احصائية اصدرتها بمناسبة 200 يوم على حرب غزة في نيسان الماضي، أنها نفذت 90 هجوما بالداخل منذ تشرين الاول 2023، قبل ان تتوقف في شباط الماضي.
بالمقابل بيانات تلك الفصائل مازالت مستمرة حول استهداف مواقع داخل اسرائيل، وصلت حتى الان الى اكثر من 110 هجوم، وهي ضربات لم تؤكدها اسرائيل حتى اللحظة.
السياسي القريب من الفريق الشيعي والذي طلب عدم نشر اسمه، يقول ان “الفصائل تخشى قبل عودة الصدام مع الولايات المتحدة، خسارة قيادات ميدانية كما جرى مع ابو باقر الساعدي (مسؤول ملف سوريا في كتاب حزب الله في شباط الماضي)، ومقتل ابو طالب التابع لحزب الله في لبنان الشهر الحالي”.بدوره يؤكد مثال الالوسي ان “رسائل تبعث من العراق الى الولايات المتحدة لتجنب القصف الاسرائيلي بالداخل”.
الالوسي يشير الى ان “اسرائيل تريد الاستمرار بالهجمات داخل العراق لكن هناك ضغطا امريكيا يمنعها حتى الان”.
قبل وقوع الكارثة
الولايات المتحدة قبل ايام كانت قد اعلنت انصار الله الاوفياء، احد فصائل الحشد، وزعميها في العراق حيدر الغراوي “إرهابيين”.
الخارجية الامريكية قالت في بيان يوم الثلاثاء الماضي، إن “حركة أنصار الله الأوفياء ميليشيا متحالفة مع إيران، وتمثل جزءاً من المقاومة الإسلامية بالعراق”، وقد جرى تصنيفها مع أمينها العام، حيدر مزهر مالك السعيدي (المعروف أيضاً باسم حيدر الغراوي)، “إرهابيين عالميين”.
والفصيل هو منشق عن التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وبدأ مشواره السياسي متحالفا مع رئيس الوزراء الاسبق ابراهيم الجعفري في 2013، تحت اسم حركة الصدق والعطاء. وفي عمليات التحرير ضد “داعش” شارك الفصيل كاحد تشكيلات الحشد الشعبي في المعارك وبقى لسنوات على الحدود مع سوريا.
ويعتبر “أنصار الله” من احد الجهات التي تطلق على نفسها بـ”المقاومة العراقية”، وكان الجناح السياسي للفصيل قد شارك في الانتخابات المحلية في 2014.
وسبق هذا القرار تصريحات تريسي جاكوبسون وهي خليفة الينا رومانوسكي السفيرة الأمريكية في العراق، والتي قالت إن “إيران ممثل خبيث في العراق، ومزعزع لاستقرار المنطقة”.
ويقول قاسم التميمي الباحث في الشأن السياسي في اتصال مع (المدى) ان “سكوت بغداد والخارجية العراقية على تلك التصريحات، يفهم منه بانه قبول ببعض ماتقوله الولايات المتحدة”.
الحكومة فعليا لم ترد بشكل مباشر على جاكوبسون، بينما وصف مستشار رئيس الوزراء للشؤون الأمنية خالد اليعقوبي، حديث السفيرة المرشحة للعمل في العراق بانه “تدخل في شؤون العراق” و” وإساءة لجيرانه”. ويرى قاسم التميمي ان السيناريو الامريكي الان “يشبه ما حدث قبل 2003 خلال الإطاحة بنظام صدام حسين، حيث هيأت واشنطن الارضية والمجتمع لاستقبال القوات الامريكية”.
ويضيف: “الان كما يبدو امريكا بعدما سمحت لجماعات كثيرة بأخذ دورها سياسيا قد تسحب من تحتهم البساط. اذا لم ينتبه القادة السياسيين للأحداث في الداخل، سوف يأخذ الامر جانبا مخيفا”.
ويتوقع التميمي ان الفترة المقبلة: “ستكون صعبة جدا، مع احتمال توسع حرب غزة الى جنوب لبنان، والحرب حينها ستؤثر على الداخل العراقي، وستكون فيها انعكاسات خطيرة”، مبينا ان: “العراق سيكون منطلقا لهجمات اقوى على اسرائيل، بالتالي يجب ان تكون الحكومة واعية”.
الحكومة والاطار التنسيقي تقفان مع التهدئة، بحسب ما يراه حسن فدعم القيادي في تيار الحكمة، بزعامة عمار الحكيم.
فدعم يقول في اتصال مع (المدى)ان: “العراق اخذ موقفا واضحا تجاه فلسطين هو داعم للمقاومة ومارس دورا اساسيا ضاغطا على الكيان الصهيوني لإيقاف الحرب”.
ويضيف: “الاطار التنسيقي هو جزء من هذا القرار السيادسي، كل قوى الاطار داعمة وتدعو الى وقف الحرب ومارست دورا اساسيا لمنع توسع الصراع”.
ويؤكد فدعم ان “العراق والاطار حذرا اكثر من مرة من تداعيات التصعيد الاخير والمؤشرات على احتمال اعتداء على لبنان حينها ستحرق المنطقة بالكامل”، مبينا ان “الاطار يقف الى جانب التهدئة والحوار والحلول السلمية”.
لكنه يقول كذلك ان: “المقاومة العسكرية في دعم فلسطين والشعب الفلسطيني هو واجب اخلاقي وانساني قبل كل شيء”.
بغداد/ تميم الحسن