الإثنين, سبتمبر 23, 2024
Homeمقالاتكوكب اليابان وهموم سوسيولوجية معصرنة في رواية - الصرخة الصامتة - للروائي...

كوكب اليابان وهموم سوسيولوجية معصرنة في رواية – الصرخة الصامتة – للروائي الياباني كانزا بورو أوي !؟:عبدالجبارنوري أبورفاه

توطئة : يقول الكاتب والروائي الياباني ” كانزابوروأوي ” : عندما كنتُ طفلا وعدتُ أمي بأن أحصل على جائزة نوبل بالفيزياء ، بعد 20 سنة من الوعد لوالدتي فزتُ بها وقلتُ لها : أنظري لقد حققتُ الوعد وفزتُ بجائزة نوبل ، فقالت والدتي لا هذا ليس وعد ، انت وعدتني بأن تفوز بجائزة نوبل بالفيزياء بل أنت فزت بالأدب —!؟ .
الروائي الياباني ” كانزا بورو أوي ” ولادة سنة 1935 الحائز بجائزة نوبل للأدب عام 1994عن روايته ” الصرخة الصامتة ” وهي رواية فلسفية ذات منحى وجودي وأوجاع جيل ما بعد الحرب الكونية الأولى وصراع فكري بين الريف الياباني والمدينة والتأثير المتبادل بينهما ،ووضع الماضي في الحديقة الخلفية والسير بخطا ثابتة لمواكبة النهضة الحداثوية الرقمية للعالم الغربي وأمريكا ، من أنجازاته الأدبية :
-كتاب علمنا كيف نتجاوز جنوننا
– وكتاب أستيقظ أيها الأنسان الجديد
تلقب اليابان أحياناً ب” كوكب اليابان ” بسبب التقدم التكنلوجي الكبير والتغيير الثقافي االذي تتمتع به ، اللقب يعكس أنطباع الناس عن اليابان بأنها بلد منفرد ومختلف تماما عن بقية العالم بوصفهِ كوكبا منفصلا ربما لهذه الأسباب :
التطور التكنلوجي: يعد اليابان واحداً من الدول الرائدة في مجال الأبحاث والقفزة الرقمية الفائقة السرعة في مجالات الروبوتات وا لألكترونيات والأتصالات ، وريادة الفضاء ، وأمتلاك اليابان ثقافات متميزة ومنفردة كفنون القتال الكاراتي والجودو ، وفنون الزينة مثل ” المانغا والأنيمي وطقوس الشاي ، وقد لمع نجمها في السنوات الأخيرة في مجال الأبتكار والأبداع ، وثقافة المواطنة في كونترول أنضباطي في التعاملات الشخصية وثقافة سياحية متنيزة في تقبل السواح بأبتسامته وتحيته المتميزة .
النص : تصنيف الرواية من الأدب العالمي ، هي واحدة من أشهر أعمال الكاتب الياباني ” كينزابوروأوي ” تم نشرها لأول مرة عام 1967 ، في هذه الرواية يتناول (أوي) موضوعات معقدة تتعلق بالهوية الفردية والجماعية لجيل ما بعد الحرب العالمية الثانية ، والرواية تقدم نقدا أجتماعيا وثقافيا للواقع الياباني في تلك الحقبة مستعرضا التغيرات والتحديات التي واجهتها البلاد الخارجية والداخلية حيث الصراع بين التقاليد والحداثة ، ومسألة الأغتراب الروحي والمادي ، والتشوهات السوسيولوجية للمجتمع الياباني الذي ذاق ويلات الحرب ولا زال يدفع فاتورتها الثقيلة حتى الأن جيلا بعد جيل وكأنما هي اليابان مسؤولة عن الحرب الكونية !؟.، تفهم الكاتب والروائي ( أوي ) العالم من حول جغرافية اليابان وسط ظروف قاسية ومحبطة ، بيد أن براعة (أوي) بأستخدامه الترميزية في طرح تساؤلات فلسفية عن الحياة والموت والأنسنة والعدمية السوداوية ، مما يجعل من الرواية تأملية واعدة عميقة تتجاوز مجرد سرد للأحداث ، وتعتبر رواية ” كينزا ” من أرقى أشكال التعبير اللغوي في تجسيد ما يجيش في أعماق اللاوعي للجيل الياباني ما بعد الحرب من المشاعر والأحاسيس الوجدانية وتناقضاتها وربما أرهاصاتها من حب وكراهية وحركة وسبات ورفض وأستكانة وقبح وجمال وتدور تلك ا لأشارات حول محورالأنسان الذي هو في قائمة الأحياء ضمن فضاءات كوكب اليابان تلك التسمية المجازية ، وقد لمستُ الواقعية السحرية في سرديات الكاتب للرواية بأجمل صورها وهو يتحدث عن مستلبات المرعبة ما بعد الحرب ببراعة حسية ( عقم الحروب وعبثيتها ) في تدوير الخسائر البشرية بملايين قتلى وجرحى وأسرى ومفقودين ومرضى نفسيين ومعوقين ، وطرح الكاتب ( أوي ) سؤالا بصيغة رافضة ومحتجة هل كانت تلك الحرب ضرورية ؟ وهل أستبقت زمنها ؟ حينها رفع الروائي القدير راية التحدي والكفاح من أجل التغيير بموصول غرائبي تحت وابل من زخات الأوجاع والأستلاابات الروحية والمادية بأنسياقية نحو الواقعية والأنطلوجية الرقمية الحداثوية ببرمجيات نهضة شاملة للشعب الياباني .
ملخص الرواية
تدور أحداث الرواية حول شخصيتين رئيسيتين هما ” ميتسو ” و “تاكا” وهما أخوان يعيشان حالة من الأغتراب والصراع الداخلي بعد وفاة والديهما وأنتهاء الحرب يعود ميتسو إلى قريته الأصلية التي كانت مركزا لتجارته ، ويجد حياتهُ وحياة اخيه أصبحتا مليئتين بالتناقضات والفراغ نجحت شخصية (أوي) في الأندماج بين حقائق البيئة والتطور التكنلوجي الفائق السرعة للمدينة – وقصد بها العاصمة طوكيو – بدراسة (جيمورفولوجية ) بشرأ وبيئة وأمتدادا حداثوياعموديا مفاجئا في السكن متقن ومدروس في تشخيص المستقبل الأستراتيجي للأجيال القادمة ، وكان ذلك أنجازا أسلوبيا غنيا للكاتب من خلال المهارة الدقيقة والرائعة فى سرد أحداث جيل ما بعد الحرب بأسلوب الفكاهة السوداوية ، وتتطور الأحداث عندما يكتشف الأخوان وجود تمرد محلي قديم في قريتهم ، ويتمحور الصراع حول محاولتهم فهم ماضيهم والتعامل مع الحاضر الذي أصبح مغرقا بالفساد والأنحلال ، فكانت مهمة (أوي) ليست سهلة بل شائكة ومعقدة لكونها أفرازات الصراع الطبقي بتناقضاته بين الهوية والموت والحياة سلسلة أضداده ، بيد إن حنكة وبراعة الكاتب نجح في معالجة (ثيمات) الرواية الهوية والموت والعزلة والتغيير الأجتماعي القادم حالا.
ا لسمات الأدبية للرواية
تعد الرواية عملا فنيا مليئا بالرمزية والوجود والمعاناة والأنسانية بتميز أسلوب الكاتب بالسرد المعقد وأستخدام عناصر الواقعية السحرية تعكس الرواية التوترات الداخلية والخارجية للشخصيات ، وهي تجربة تأملية في الوجود بواقعية سحرية ومألات المستقبل بفكاهية سوداوية ، تعتبر الرواية ” الصرخة الصامتة ” واحدة من الأعمال الأدبية المهمة التي أثرت في فضاءات الأدب الياباني الحديث ، حصلت على أشادة نقدية واسعة وساهمت في ترسيخ مكانة “أوي” كواحد من أبرز الأدباء اليابانيين حيت تراه عالما نفسانيا في تحليل التوترات النفسية والأجتماعية في سياق ما بعد الحرب ، وتراهُ في الرواية عالما أنثروبولوجيا حيث غوصه في أعماق سوسيولوجية المجتمع الياباني وينتزع جائزة نوبل عام 1994.
الأفكار الرئيسة في الرواية
-الأغتراب مفهوم ثيمة الأغتراب بارزة ومهمة ربما هو أحد رافعات الرواية بتحريك خيوط شخوص الرواية نحو العزلة عن الجماعة بسبب تعقيدات الهوية الفردية والمجتمعية في اليابان بعد الحرب الكونية الثانية المتمثلة بحياة الشقيقين ميتسو وتاكاشي ، أتجه الكاتب ببراعة أسطورية بمفهوم الأغتراب بمنحى وجودي مصيري ماراً بمطحنة الصراع الطبقي صراع القيم وحب البقاء والوجود ، وصور للقاريء حالة البؤس والتردي للشعب الياباني وهو خارج توا من ماكنة الحرب العبثية حاملا ثمة أمراض نفسية وجسدية وتصفير المعنويات بشعور عميق بالأغتراب والعزلة ودفع فاتورة الحرب الثقيلة في هيروشيما وناكازاكي بالأبادة النووية بمئات الآلاف من البشر وتدمير البنى التحتية في المدن الرئيسة هيروشيما وناكازاكي والعاصمة طوكيو ، وكأن اليابان هي المسؤولة عن أشعال فتيل الحرب ، فكان ” أوي ” موفقا وناجحا في مواجهة تحديات التحديث والعصرنة .
– النقد الأجتماعي : الرواية قدمت نقدا عميقا للمجتمع الياباني بسود اوية مأساوية في ظل الحرب ، وضرورة خلق فرص السلام للتعامل الأيجابي مع القيم التقليدية والتحولات الحديثة .
– البحث عن الهوية التي تؤكد معنى لحياة هادئة خالية من تجار الحروب .
– هموم شخصية في مواكبة التطورات الحداثوية للعالم الغربي وأمريكا ، والبحث عن الهوية الجديدة ، وأستيعاب خسائر الحرب ومواجهة تحديات العصرنة الحداثوية ، ترجمها بحنكته وبراعته الأدبية بمنجزيه التاليين الرائعين : كتاب علمنا كيف نتجاوز جنوننا – وكتاب أستيقظ أيها الأنسان الجديد .
كاتب وناقد أدب عراقي مغترب
أيلول- سبتمبر2024

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular

التخطي إلى شريط الأدوات