من أهم المميزات التي يتصف بها النظام الايراني منذ تأسيسه قبل 45 عاما من الان، هو مراهنته على
سياسة القبضة الحديدية وعلى زيادة القوة العسکرية من أجل حفظ النظام وليس المحافظة على إيران
والدفاع عن شعبها بوجه الاعداء الخارجيين، والاحداث والتطورات الجارية على طول الاعوام الماضية
تٶکد ذلك بکل وضوح.
الملفت للنظر هنا، إن هناك علاقة قوية بين سياسة القبضة الحديدية(الممارسات القمعية والاعدامات في
داخل إيران) وبين زيادة القوة العسکرية بشکل جنوني، إذ أن زيادة القوة العسکرية وحتى مضاعفتها
تأتي من باب دعم تصدير التطرف والارهاب وضمان بقاء وإستمرار التدخلات السافرة للنظام في بلدان
المنطقة، إذ أن النظام بحاجة ماسة لتصدير التطرف والارهاب وإثارة الحروب والازمات في المنطقة إذ
من دون ذلك فإنه لايتمکن من المحافظة على النظام.
بالسياق الذي ذکرناه آنفا، فقد أعلن رئيس النظام الايراني مسعود بزشکيان أثناء تقديم مشروع قانون
موازنة العام الايراني الجديد للبرلمان قائلا:" في أرقام الميزانية، تم التأكيد على أن تعزيز القدرة الدفاعية
يشكل إحدى الأولويات الأساسية للحكومة"، من ناحيتها، فقد أوضحت مهاجراني، المتحدثة باسم حكومة
بزشكيان، مفهوم "الأولوية" بقولها: "بذلت جهود قصوى لتلبية الاحتياجات الدفاعية للبلاد، ولذلك شهدنا
زيادة هائلة تجاوزت 200 في المائة في الميزانية العسكرية". ومن المهم هنا أن ننوه بأن هذه الزيادة
التي تفوق 200 في المائة في الميزانية العسكرية والأمنية تبرز بشكل أوضح عندما نقارنها بزيادة تبلغ
20 في المائة فقط في رواتب موظفي الحكومة، وذلك في ظل معدل تضخم رسمي يقارب 40 في
المائة.
غير إن هذا لايعني بأننا قد أعطينا الموضوع حقه وجعلناو واضحا للمتابع، إذ وکما نقلت
صحيفة"إعتماد" في 26 أکتوبر2024، عن خبير اقتصادي حكومي قوله: "تم تخصيص ما يعادل
510,000 مليار تومان لتوريد النفط الخام للقوات المسلحة و126,000 مليار تومان لوكالات تنفيذية
مرخصة أخرى" ضمن الموازنة، بمعنى آخر، فإن القوات المسلحة (وتعني في الأساس الحرس)
بالإضافة إلى زيادة ميزانيتها الرسمية بنسبة 200 في المائة، تحصل أيضا على كميات كبيرة من النفط
الخام لتبيعه بالطريقة التي تراها مناسبة لجني الإيرادات. بينما حصة "الوكالات التنفيذية الأخرى" مثل
الشرطة ووزارة المخابرات تبلغ ما يعادل 126 تريليون تومان من النفط الخام.
ومن خلال إجراء مراجعة دقيقة لما ذکرناه آنفا، تتوضح الصورة أکثر بخصوص الاوضاع الصعبة التي
يمر بها النظام الايراني وتخوفه البالغ من المستقبل الذي بات مجهولا بالنسبة له ولاسيما بعد أن صار
واضح خطأ حساباته التي اعتمدها بخصوص المراهنة على الحرب التي أثارها في المنطقة وتعويله
البالغ عليها من أجل تحسين أوضاعه داخليا والحد من عملية الصراع والمواجهة التي يخوضها الشعب
والمقاومة الايرانية من أجل إسقاطه.