الأربعاء, نوفمبر 6, 2024
Homeمقالاتتخطيطات انصارية : النصير يوسف أبو الفوز

تخطيطات انصارية : النصير يوسف أبو الفوز

* وردة النبي
حين لمحها عند منعطف الطريق وجلة، مترددة، خفق قلبه كجناح (كه
و) (1) فزع. ازاحت خصلة شعر عن جبينها وتورد وجهها بابتسامة
خلابة. لم يعرف ماذا يفعل؟ كان وجلا حد الارتباك. يرتجف مثل
مراهق، عاشق غر، مبتدئ، رجل ليس له خبرة بعالم النساء!
كل العيون، تتطلع إليها، أميرة وسط الثلج، وردته الجبلية، (كول مه
حمد) (2)، زهرة ربيعه المشعة كاضطراب مشاعره . أزاح عن صدره
حسرة، وهبط السفح سريعا. بندقيته في كتفه ويده على حزام الذخيرة،
كانت رمانته الهجومية تهتز، تصدر صوتا معدنيا، وكانت رمانتي
صدرها تهتزان وهي تشهق حين وقف قبالتها تماما، مضطرب
العواطف، ملتهب الأشواق، متوقد العينين. عيناها وجلتان، وشفتاها
ترتجفان، حين أطبقت كفها على كفه، همست:
ــ طال غيابك؟
ـــ كنت معي رغم البعد !
ــ حقا؟
ــ انكِ اشد اقترابا من القلب!
ــ شاعر!
ــ كفها الندي يلثم كفه، رفت رموشه، ضغطت بباطن كفها على كفه، ازداد وجيب قلبه، من أين لها كل
هذه الجرأة، وما الذي يفعله؟
ــ صورة طيفكِ، لم تفارقني طول الأيام الماضية!
ــ ملونة؟!
ملعونة هذه المرأة، وملعون حبه لها، حين تضحك تهتز روحه، الحيرة تسكن أفعاله الصغيرة، رفاقه
الأنصار يحدقون إليهما، هل يطيل الوقوف؟ يتفق معها على موعد للقاء غير بعيد عن نبع القرية، يتركها،
وينسل ليلحق المفرزة الى جامع القرية، وفي روحه يفيض الشوق اكثر وتتدفق مشاعر فرح متلاطمة .
يبدو مثل طفل عثر على شئ حبيب!

18 /1/1983
قرية ( مامه خه لان ) ــ ريف السليمانية

* سيدة الصباح

الى أبو آيار مع تضامني الشديد! (3)
تطل سيتاف ـــ لنسمها سيتاف! ـــ كزهرة نضرة، عيناها الواسعتان السوادوان، تشعان حياة وفتنة!
ووجنتاها المكتنزتان كتفاحتين من) برواري بالا ( متوردتان بدم القلب الذي ينبض بعنف مسيل صخري

. حين يتطاير شعرها الكستنائي، ويتحرك بفوضى على كتفيها العريضين القويين، تتهدل بعض خصلاته
على صدرها النافر المتحدي، المشرع بوجه الريح وقلبه، يصيح :
ــ ياويلي !
باسمة ، تطل سيتاف عند الصباح، شفتاها الممتلئتان شهدا، تنفرجان عن اسنان كحب الطليع، وتنطق
بجذل وحبور ، بصوت يثير اعطاف الروح :
ـــ صباح الخير!
يتيه مع قوامها، يتملاه، قصيرة بعض الشئ، ممتلئة قليلا، كبطة نزقة مترفة، تمر تتمايل غنجا، تهز
ردفيها الثقيلين رغما عنها، يشعر بأنهار الرغبة تصطخب في روحه. يفور دمه إذ ترمقه بنظرة مختلسة
… يكاد يجن لفوضى ما في داخله. امرأة كهذه تجعل الرجل يفقد صوابه ويحلم بالتوحد معها، لكنه
يتماسك، يصمت، يستدعي كل ثلوج العالم لتسكن عروقه ويدعها تمر، مهابة كأميرة قادمة من عمق
الأساطير، وبصمت وهو الملتاع، يسحقه الوله بالجمال، يكتفي من كل ذلك بخجل نبيل يقحمه في زاوية
الاتزان والعقل:
ـــ صباح النور!

نيسان 1988
قرية ( باني ) ـــ ريف دهوك
1. كه و : كلمة كردية وهي اسم طائر يتواجد في كردستان ، وهو نوع من الدراج ، يتميز بألوانه الزاهية الجميلة،
وغنائه العذب .
2. گول مه حمد : كلمة " گول " باللغة الكردية تعني ( وردة ) وهكذا يكون اسم هذه الوردة ، باللغة الكردية ،
يعني ( وردة النبي ) ويقابلها بالعربية ورد الجوري .
3. للأسف ، لم يدم تضامني طويلا ، استشهد العزيز أبو آيار (الفنان النصير فؤاد يلدا) في 11 / 9 / 1988 .

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular