بعد کل تلك التصريحات المختلفة التي صدرت عن المسٶولين في النظام الايراني والتي أکدت في خطها
العام على عدم الاکتراث بفوز ترامب وإن النظام لايعنيه من يحکم في البيت الابيض وإنه سائر في
طريقه، وهي تصريحات أخذها معظم المراقبين والمحللين السياسيين على إنها متسمة بالحذر والقلق من
المستقبل المنظور والذي لايبدو إنه سيکون مريحا للنظام، فقد بدأت سلسلة من التصريحات المختلفة عن
سابقاتها والتي تسعى کلها للإيحاء بأن النظام مستعد للتفاوض مع إدارة ترامب وإن خيار النظام هو
السلام!
ملاحظتان مهمتان لابد من ذکرهما في ضوء ما ذکرناه آنفا، الاولى بخصوص ترامب العائد بقوة
إعتبارية تکاد أن تکون مختلفة عن نظرائه السابقين، بل وحتى إنه وبشهادة معظم الاوساط السياسية
والاعلامية، فإنه عائد وهو في ذروة قوته ويحمل معه ملفات ساخنة يريد أن يحسمها ومن بينها ملف
الاوضاع المتعلقة بالنظام الايراني، أما الملاحظة الثانية، فهي متعلقة بالنظام الايراني والوضع والموقف
الذي يدعو من خلاله للتفاوض مع إدارة ترامب، وقطعا وکما إن هناك إجماع على قوة ترامب في عودته
الجديدة، فإن هناك إجماع أيضا على ضعف وتضعضع النظام الايراني وحتى إنه في أسوأ حالاته!
ضعف النظام الايراني وتضعضع أوضاعه، يعود الى عدة عوامل: من بينها؛ أوضاعه الاقتصادية
الصعبة جدا والتي لايتمکن من معالجتها والتراجع المريع في دوره وتأثيره في المنطقة بما يثبت إنه قد
صار لايشکل تهديدا کالذي کان يشکله قبل هجمة السابع من أکتوبر2023، والعامل الآخر، هو إن
الاوضاع الداخلية ساخنة الى أبعد حد من حيث تزايد الاصرار على إسقاط النظام من جانب الشعب
والمقاومة الايرانية. ولذلك فإن النظام ليس في موقف جيد أو حتى متوسط للتفاوض بل إنه في أسوأ
موقف ووضع يمکن تصوره، وفي هکذا وضع فإن التفاوض لن يکون من طرفين متساويين وإنما
مختلفين تمام الاختلاف وان الامور کلها في صالح ترامب.
النظام الايراني الذي صال وجال لأکثر من 4 عقود في المنطقة وأحدث الکثير من المشاکل والفوضى
والعبث کما أثار فيها الحروب والازمات من أجل تحقيق أهدافه وغاياته، وهو وبعد أن کلف المنطقة
والدول التي فيها مصالح في بلدان المنطقة وبالاخص الولايات المتحدة الامريکية، فإن إدارة ترامب
وبفرض إنها جلست على کرسي التفاوض مع النظام الايراني، فإنها ستأخذ الماضي الاسود والسئ
للنظام في المنطقة والعالم بنظر الاعتبار والاهمية وستطلب منها حتما مطالب من الصعب جدا على
النظام القبول والإيفاء بها ولکن وفي نفس الوقت فإن رفض وتلافي تلك المطالب لن يکون سهلا وممکنا
أبدا إذ سيصبح النظام في حالة من إستقرت شفرة في حلقومه، فلا يتمکن من بلعها ولا من إخراجها!