تطرق استاذ هشام عقراوي في مقال نشره في موقعه ) صوت كوردستان ( على قضية حساسة
ومهمة جدا , القليل من افراد شعبنا يعترف بها كجزء من سلوكياته,حيث اشار الى اظهار افراد الشعب نزواتهم
واطماعهم غير المستحقة امام االحزاب والمسؤولين معتبرا ذلك ) أن الشعب أو باالحرى غالبية الشعب يحب الفساد (
.
لقد فتح االخ هشام عقراوي في مقالته ) ”ترويض الشعب“.. بدال من أن يفرض الشعب النزاهة على الحكومة و
االحزاب، علمت الحكومة الشعب على الفساد.. ( مشكورا الباب على مصراعيه لمناقشة هذا االمر الحيوي في حياة
شعبنا لما له من تأثير كبير على ما يجري االن على الساحة الكوردستانية من كل النواحي السياسية واالقتصادية
واالجتماعية . واللقاء المزيد من الضوء على هذا الموضوع تناولنا ذلك في هذا المقال
يتجه الكاتب الى شبه تبرئة للحكومة واالحزاب بالمسؤولية عن الفساد وان الشعب يشارك مشاركة فعالة في تحمل
.اعباء هذا الفساد , وقد يتغلب على الحكومة في بعض مفاصل الفساد
الول وهلة يبدو لنا ان وجود بعض الدالئل تدفعنا فعال لالقتناع اننا شعب فاسد مثل
– بروز اشخاص وهم يملكون الماليين من الدوالرات , ولم يكن يملكون قوت عيشهم قبل فترة قصيرة
– انتشار المزارع الفارهة والقصور الفخمة التي تستنزف امواال طائلة في بنائها ال يمكن ان تكون هذه االموال
قد اتت بعرق الجبين وخالل فترة قصيرة فاالموال التي يتم الحصول عليها بالكد والتعب ال تصرف بهذه
. الطريقة
– شكوى وانتقاد غالبية افراد الشعب من االحزاب الحاكمة باعتبارها احزاب فاسدة تستولي على اموال هذا
الشعب ببيع موارده , ثم عند االنتخابات يمنحون اصواتهم لنفس االحزاب
– الحرية الواسعة الممنوحة للمرأة بصورة غير طبيعية في مجتمع ال زال مرتبطا ارتباطا وثيقا بأعراف
االقطاع واالغواتية وال ) مفتي ( الذين يملكون معظم اراضي كوردستان
– انتشار الرذيلة بسرعة كبيرة في نفس هذا المجتمع نتيجة هذه الحرية غير الطبيعية لكل افراد العائلة ,
. باالضافة الى اتساع نطاق استخدام المخدرات امام عدم جدية الحكومة في محاربتها
كل ذلك وغيرها الكثير هل تعني ان الشعب فاسد حقا ؟
كل فرد وكل انسان يطمح بالحصول على مكاسب يمكن الوصول اليها بطريقة سهلة وباالخص المكاسب التي تأتي
بصورة مجانية ,وهي حالة عامة موجودة لدى كل شعوب االرض , فعلى مواقع التواصل االجتماعي , نرى اعالنات
ودعايات عن مكاسب وهمية غير موجودة توجه للقراء من اجل خداعهم وجرهم للوقوع في شباكهم وذلك لعلم
اصحاب تلك االعالنات بوجود هذه الطباع لدى كل فرد في هذا العالم , وهكذا ايضا عندما يتوجه المسؤول الحزبي او
الحكومي عندنا الى اعطاء وعود للمواطنين بمنحهم االموال ) دون مقابل يذكر( , فمن حق المواطن تقديم طلباتهم الى
هؤالء المسؤولين لغرض الحصول على قطع اراض او اموال او مساعدتهم على توفير العالج الطبي سواء داخل
الوطن او تسفيرهم الى المستشفيات الخارجية , وبهذه الوعود وعن طريق تقديم االموال كسب الكثير من المرشحين
اصوات المواطنين . وقد انفق احد المرشحين امواال طائلة جدا على حملته حتى برزت بعض التساؤالت من اين له
. هذه االموال التي تصرف دون ) وجع قلب (
وعندما يرى اي شخص ان الطريق سالكة امامه للحصول على مكسب معين , وان الحصول عليه ليس من باب الفساد
: بل قد يظن ان ذلك حق من حقوقه النه يعتقد
انه قد خدم هذا البلد وان على البلد والحكومة وبقية افراد الشعب مكافأته – 1
او كما قال االستاذ هشام عقراوي انه من باب الشطارة فالغلبة مطلوبة كمنافسة شريفة بين االفراد – 2
كذلك هو يشاهد الكثيرين غيره يتحصلون على هذه المنافع بسهولة , وان القانون ال يعاقبه بل القانون نفسه يكون – 3
سندا له , لذا من حق هذا الشخص هنا ان يسلك هذه الطرق السهلة التي ال تتعارض مع ) قوانين حكومتنا او احزابنا (
: ولنضرب امثلة على ذلك
قدم بعض المهندسين القالئل طلبا الى محافظ سابق لدهوك للحصول على قطع اراض سكنية , بعد مالحظتهم ان احد
زمالئهم ) خدم كبيشمركة سابق ( تمكن من الحصول على اعداد كبيرة من االراضي النه يعرف المحافظ . يستلمها
ثم يبيعها , حيث كان هذا الزميل البيشمركة مقتنعا تماما
. اوال : بان من حقه الحصول على منافع من بلده النه كان بيشمركة سابق خدم البلد
ثانيا : بما انه سيتمكن بسهولة من الحصول على هذه االراضي دون عناء , فلم ال ؟
ثالثا : ال يتعارض ذلك مع القانون الن المحافظ الذي يمثل القانون هو الذي يمنحه اياها
رابعا: المهندسين الذين قدموا الطلب لم يفكروا ان ذلك يدخل في باب الفساد الن الكثيرين من االفراد يستطيعون ان
ينالوا هذه االراضي بمجرد ان يتمكنوا من زيارة المحافظ وتقديم طلب ) عريضة ( وهذا ما تهيأ لهؤالء المهندسين
. ولبقية الموظفين في حينه باعتبارها حالة طبيعية
: مثال اخر
دخلنا في نقاش مع احد الزمالء االخرين المعروف عنه تمسكه الشديد باداء فرائض الدين , عن الحقوق والواجبات
: تجاه الدولة حيث تبين ما يلي
ليس هناك ما ندعوه بالحرام والحالل ) حسبما نعرفه في شرعنا االسالمي ( واذا سنحت الفرصة للحصول على – 1
.اية مغانم من الدولة فمن حق الشخص نيلها حتى لو كنا نعتبرها نحن في العرف الدارج بانه سرقة الموال دولتنا
سلوك كل الطرق لنيل المكاسب حتى لو كانت مخالفة للقانون طالما ان ذلك يخدمه هو وعائلته فمن حقه – 2
. الحصول عليها الن عائلته جزء من هذا الشعب
الزال هذا الزميل من اكثر الموظفين نجاحا في العمل ) برؤيتنا نحن ( واكثرهم خدمة لعائلته من حيث الوصول – 3
الى االهداف المطلوبة لهذه العائلة . واقلهم تعبا النه يعرف تماما من اين تؤكل الكتف
: ولكن
هل يتمكن الجميع من الحصول على هذه المكاسب ؟
هل يريد الجميع ان ينالوا ذلك حتى لو علموا بانها تتعارض مع الشرع اوالقانون ؟
زميل آخر ال يتقبل نيل اي مكسب اذا كان الحصول عليه ليس من حقه , فكثيرا ما دخل هذا الزميل في جدال عميق
مع ) الفاسدين ( النهم يعتبرونه وال زالوا لحد هذه اللحظة بانه يشكل عقبة في مسيرة العمل نتيجة لتشدده وارتباطه
العميق بتنفيذ العمل بصورة حرفية ودقيقة دون مرونة , لذا يبقى هذا الزميل بعيدا عن تولي المسؤوليات , الن
المسؤول االعلى منه حاليا يريد من المسؤولين االدنى تطبيق تعليماته هو وليس قوانين العمل , يريده ان يكون
خاضعا لما يأمر به هو واعضاء االحزاب الحاكمة , ال ان يخضع لنظام العمل , وهكذا لن يتولى امثال زميلنا
المخلص اي منصب او عمل , هذا العمل الذي ال يرقى الى اي مقياس عالمي بل يسير وفق اهواء هؤالء الفاسدين .
لذا نرى تراجع نوعية هذا العمل وازدياد الشكوى والتذمر من االنظمة المعمول بها , علما ان هذا الزميل ال ينقصه
. اي شرط لتسلم احدى المسؤوليات من حيث الشهادة واالخالص في العمل وااللتزام بالدوام
امثال هذا الزميل المخلص في عمله كثيرون في المجتمع , وامثال ذلك الفاسد الذي ال يتوانى عن سرقة كل اموال
الدولة اذا ما سنحت له الفرصة ايضا منتشرون في المجتمع , وكذلك الزميل الذي خدم ايام النضال السلبي الزال
البعض مثله موجودا . والقانون هو الذي يوفر الفرصة امام المخلص في عمله ليوليه المسؤولية ولن يسمح لمن كان
حزبيا فقط لتولي المسؤولية على حساب االخالص في العمل , كذلك فان القانون يوضع من قبل الدولة لكي يخدم كل
شرائح المجتمع حسب ما يقدمه وما قدمه من منافع لبالده كالبيشمركة الذي كان يعرف المحافظ , واذا انعدم القانون
.وحلت محله المصالح الحزبية فقط فسنرى اضطرابا في النظام الذي يتحكم في المجتمع
ايضا علينا ان ال ننسى بأن الحالة الشاذة هي التي تبرز للعيان وتنتشر ويتداولها االخرون النها حالة غير طبيعية ,
حيث نسمع كثيرا عن االشخاص الذين استحصلوا على اراض بغير استحقاق , او اغتنوا بسرعة غير طبيعية النهم
يستغلون القانون لمصالحهم الشخصية , او اصبح احد االفراد مسؤوال على غير العادة دون بقية زمالئه المستحقين
النه ينتمي الى احد االحزاب , هذه الحاالت تنتشر وتصبح على لسان افراد الشعب النها حاالت ال تظهر بصورة
.طبيعية وليست صحيحة
اما اذا تولى احدهم منصبا بجدارة وباستحقاق وبالتدريج نتيجة المثابرة في عمله واخالصه فلن يكون غريبا عن
السياق العام ولن يكون معروفا بانه تسلق الساللم غير العادية , كذلك عندما يتم توزيع االراضي على مستحقيها فلن
يبرز في هذه العملية شخص دون آخر اال اذا لم يكن ضمن المستحقين. لذا فان اخبار الفساد والفاسدين تطغى على
. االخبار الروتينية الطبيعية , فيتهيأ لنا ان الصحيح لم يعد متوفرا وان النقيض قد استولى على الساحة
وللحديث بقية
دهوك
22 / 11 / 2024