الجمعة, يناير 10, 2025
Homeاراءالجوكر الذي أعرفه : مراد سليمان علو

الجوكر الذي أعرفه : مراد سليمان علو

من ضمن الألعاب الشعبية التي كنا نمارسها في الصغر، في قرانا الشنكالية الطينية الجميلة، ألعاب الورق. (الكونكان، الأوغلان، قليج، الـ 21 … الخ). أغلب الظن ما تزال تلك الألعاب تتمتع بشعبية كبيرة بين الناس، سواء في الأرياف، أو حتى في المدن.

ألعاب الورق منتشرة في العالم كله. حالها حال كرة القدم. لا يكاد يخلو فلم من أفلام الغرب الأمريكي من لقطات منها. ومن الأفلام التي لا يمكن نسيانها، وقد كانت الأوراق نفسها تلعب أدوار مختلفة فيه، هو فلم فانتازي وسريالي مدهش اسمه: (أليس في بلاد العجائب).

الأوراق تبدأ من الواحد الذي يسمى (بالآس) ـ في صغرنا في محلات شنكال كنا نسميه باللهجة الشنكالية، بللي، ومحظوظ من يحصل عليه في لعبة الـ 21 ـ الى العشرة، وكل رقم يكون له أربعة أنواع وهي: الديناري الأحمر، والكوبة الأحمر، والسينك الأسود، والماجة الأسود.

أضافة الى الورقة التي تحمل حرف (J) ويقصد به الشاب، وهو (Jack)، ورقمها حسب ترتيب الورق هو: (11).

وأيضا هناك الورقة التي تحمل الحرف (Q) وطبعا تعني (Queen) أي الملكة، ونحن نسميها البنت. ورقمها في تسلسل الورق هو: (12).

وكذلك الورقة التي نسميها الشايب، وتحمل الحرف (K) وهو أول حرف من (King) ويعني الملك، ويكون تسلسله هو الرقم (13).

ولكن هناك ورقة أخرى من بين الـ (52) ورقة، تسمى (بالجوكر) وهي ورقة غريبة الشكل، عادة تمثل شخص مصبوغ الوجه بألوان فاقعة، وذو ملابس ملونة غريبة، ويحمل ابتسامة عريضة.

ويمكن استبداله بأية ورقة، أي تعويضه بأية ورقة، لذلك قيل في الأمثال: (مثل الجوكر، أو كالجوكر) أي إنه يصلح أن يكون مع أي واحد.

وأغلب الظن من ورق اللعب التي تحتوي على الجوكر، وبناء على اسمه وسمعته، والمساحة التي أعطيت له في اللعب، تم كتابة كل تلك الأفلام التي بنفس العنوان، أو يكون الجوكر نفسه هو الأسم الرئيس من العنوان، وكذلك القصص المصورة، والروايات والقصص القصيرة، والأشعار… الخ.

ولو تتبعت أصل تواجد الجوكر، سترى بأنه دخل السيرك أولا كمهرج وكان شبيها للصورة التي على ورق اللعب. يقدم الألعاب الخفيفة والنكات والمواقف الطريفة.

هذه صورة الجوكر التي أعرفها: 62228d1e8b335bbc042b9ba3870ba58b.jpg (736×1072)

ولو أدخلت اليوم اسم (الجوكر) في محرك البحث، ستخرج بنتائج أغلبها تشير الى الفلم الهوليوودي بجزئيه الأول والثاني (الجوكر) من بطولة خواكين فينكس. الذي حاز على الأوسكار في دوره. ولو بحثت عن معنى الجوكر من العم كوكل سيقول لك: بأنها شخصية خيالية، من الكومكس، وهو على الأغلب يكون الظل لـ الرجل الوطواط وهو شرير ومثير للفوضى. وطبعا هذه مفاهيم وأجندات هوليوودية وأفكار من الفلسفة الرأسمالية التي تحث على اتباع القطيع والاستهلاك دون تفكير. كما حصل مع إطلاق اسم (الفتاة الأخيرة) على كتاب نادية مراد. ويمكن معرفة المزيد من التفاصيل حول موضوع الفتاة الأخيرة بقراءة مقالي المنشور في موقعي الفرعي في الحوار المتمدن تحت عنوان (العرش الخالي) وعلى الرابط التالي:

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=687987

أنا أعرف الجوكر، ليس عنيفا، ولا شريرا، بل مرحا مبتسم الوجه، يوزع الفرحة والبهجة، ويغني ويرقص، وهذا ما كانت السينما تروج له سابقا. ففي فلم (اسمي هو الجوكر) للنجم الكبير الراحل (راج كابور). يمكن مشاهدته على هذا الرابط:

Mera Naam Joker (1970) – Superhit Hindi Movie | Raj Kapoor, Simi Garewal, Dharmendra, Rajendra Kumar

أنتاج عام (1970) نجد الجوكر شخصية إنسانية هدفه في الحياة توزيع الفرح على الناس، وفي أفلام أخرى كثيرة لا حقا نجد نفس الصفات. فكيف أنقلب الى شخصية مثيرة للجدل والفوضى، وأصبح عنيفا.

لا يخفى أن الأمر يعود الى كاتب الرواية، أو النصّ. بإمكانه تحوير الشخصية وأعطائها ابعاد إنسانية مسالمة، أو شريرة.

وهكذا يتم اعتماد تصوير الجوكر مقدما على أنه شخصية معقدة غير متوقعة، تجمع بين الذكاء الشديد والفوضى المطلقة. غالباً ما يتم تصويره كشخص سايكوباثي بلا رحمة. وقصص الجوكر تختلف حسب الإصدارات، لكنها غالباً تشمل حادثة مؤلمة أو تجربة من الطفولة غيرت حياته بشكل جذري.

للأسف شخصية الجوكر يتم تصويرها في الأفلام الهوليودية وهي تعاني من مجموعة من الاضطرابات النفسية مثل: الاكتئاب: يظهر الجوكر علامات الاكتئاب الشديد، بما في ذلك الحزن العميق وفقدان الاهتمام بالأشياء التي كانت تهمه. والهلوسات: يعاني الجوكر من هلوسات تجعله يرى ويسمع أشياء غير موجودة في الواقع وعنده اضطراب الشخصية الفصامية حيث يعاني في غرابة في التفكير والسلوك والمظهر، وهو ما يظهر بوضوح في تصرفات الجوكر. ويتميز بالاستغراق بالضحك، أي نوبات ضحك هستيرية غير قابلة للتحكم.

هذه الاضطرابات تجعل شخصية الجوكر معقدة، عكس ما كان عليه في الماضي، ومثيرة للاهتمام للشباب المحب للعنف، وهذا غريب.

يبدو أن الجيل قد تغير، فقد كنا نستأنس بوجود الجوكر، وحتى في اللعبة الألمانية الشعبية الشهيرة في التلفزيون (تليماج) عندما يختار فريق ما استخدام الجوكر ويربح يحسب له نقاطا مضاعغة.

في الختام أقول كما يقول (راجو) بطل فلمي الهندي المفضل في نهاية الفلم: العرض لن يتوقف، وسيستمر الجوكر في أداءه.

لا يمكن قتل الجوكر! الجوكر لا يموت، وكلما تم تنصيب خيام سيرك ما سنرى الجوكر وهو يوزع البهجة غير مباليا ما تقدمه هوليوود من أفلام سوداء عنه، كانت وما تزال لحظة مثيرة واستثنائية عندما يسحب أحدنا ورقة الجوكر، ويربح اللعبة رغم أن الورق كأداة للقمار عادة سيئة جدا لا أنصح بها.

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular