تعدَ رياضة كرة القدم من أكثر الالعاب الرياضية الشهيرة والعالمية والتي تحظى بمتابعة وتشجيع مئات الملايين حول العالم ؛ وقد وضعت قواعد اللعبة بصورة دقيقة ؛ تفضي الى التنافس الشريف بين الخصوم والتحلي بالروح الرياضية الانسانية، وإمتاع المشاهدين والمتابعين والمشجعين ، وابعاد هذه الرياضة العالمية عن النعرات السياسية والطائفية والعنصرية والعرقية , وتنقية الاجواء الرياضية من الاحقاد والضغائن التاريخية والعقد والامراض النفسية والاجتماعية … ؛ اذ ان كرة القدم انما وضعت من اجل الرياضة والمتعة فحسب ؛ ولا دخل لها بالملفات والمواضيع السياسية والاجتماعية والدينية وغيرها .
نعم هي من اجمل الالعاب الرياضية لو خليت ونفسها ؛ الا انها وفي نفس الوقت هي رياضة خطيرة عندما تنخلع من ثوب الأخلاق والانسانية ؛ وتتأثر بالعقد الطائفية والعنصرية وبالنعرات السياسية وغيرها ؛ عندها لا يتحلى اللاعبون والحكام والمدربون بالروح الرياضية والاخلاق الكريمة والقيم الانسانية بل وتسري تداعيات تلك العقد والنعرات والامراض على المشجعين والمشاهدين والمتابعين ؛ مما ينعكس سلبا على تصرفاتهم وسلوكياتهم في الملعب وغيره فضلا عن الاعلام و وسائل التواصل الاجتماعي .
بعض الدول الخليجية والعربية رفعت راية مقارعة المسلمين الشيعة ومكافحة التشيع ومحاربة الاغلبية العراقية من ابناء المسلمين الشيعة منذ مئة عام تقريبا او اقل من ذلك , حتى عندما كان العراق تحت حكم الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة لم يسلم من تامرهم عليه وعلى شعبه ؛ لانهم يعلمون علم اليقين ان العراق التاريخي والهوية الوطنية تعني الاغلبية العراقية الشيعية اولا وبالذات وثانيا وبالتبع بقية مكونات الامة العراقية ؛ وبعد سقوط النظام الطائفي الهجين وانبثاق انوار الحريات والديمقراطية عام 2003 ؛ جن جنون الانظمة العربية وفلول الطائفية وشراذم القومجية والبعثية والعصابات والتنظيمات التكفيرية والارهابية , وتحالف الاعداء واجتمع الخصوم على اختلافهم ضد العراق والاغلبية العراقية , وبذلوا مليارات الدولارات من اجل اسقاط التجربة الديمقراطية وافشال العملية السياسية والحاق افدح الاضرار بالعراق والامة العراقية والعمل على ابادة واستئصال الاغلبية الشيعية , وسخرت المساجد والمنابر والفتاوى الدينية لهذا الغرض الاجرامي الدنيء ؛ فجاء الارهابيون والذباحون والقتلة المجرمون من كل حدب وصوب , وعاثوا فسادا في الارض وقتلا ودمارا وتخريبا وتفجيرا بالشعب العراقي ولاسيما الاغلبية العراقية , وعملت وسائل الاعلام العامة والخاصة على بث الفرقة الدينية وتأجيج الاحقاد الطائفية ونشر الافكار الظلامية والرؤى التكفيرية الحاقدة بين شعوب المنطقة , واصبح العراقي الاصيل والشيعي المسالم عدوا علنيا لكل تلك الانظمة السياسية والشعوب العربية ؛ ونتيجة لتلك المقدمات ساءت اخلاق تلك الشعوب تجاه الامة والاغلبية العراقية , وانحدر المستوى الاخلاقي لجماهير تلك الدول في البطولات الرياضية , و صرنا لا نستغرب عندما تصدح تلك الجماهير الحاقدة بالشعارات التي تمجد الطاغية صدام او الاهازيج التي تسيء الى الشعب العراقي : (( يله برا يله برا , عراقي يخرج زعلان كدامك شعب سلمان يأدبك بالميدان , يله برا برا …؛ روحه بلا رده وده الخبر وده … الخ )) فضلا التعليقات والردود الطائفية والتي تسيء الى مقدسات الشيعة المسلمين والاغلبية العراقية من قبيل : (( امام علي البليهي , جماعة هسين هسين , خسر فريق الشرك امام فريق التوحيد ؛ العطوانيون يلطمون بصمت ويصيحون يا علي هههه فمرة ياتيهم علي رضا من ايران وبعده النشمي علي علوان وبعده البحريني علي مدن واخرهم علي البليهي ههههه … الخ )) وكل المتابعين العراقيين وغيرهم من المنصفين استغربوا من هذه السلوكيات السلبية والتي تصدر من تلك الجماهير تجاه العراقيين سواء فاز المنتخب العراقي ام خسر , وكذلك الانظمة العربية التي تعمل على عدم اعطاء الفيز للعراقيين بشكل عادل وتقليل اعداد العراقيين المشجعين , وعلى الرغم من ذهاب القلة القليلة من العراقيين المشجعين الى دول الخليج و الدول العربية ؛ يحاربون هنالك بشتى الطرق والمضايقات ومنها اعطاء التذاكر للفريق السعودي مثلا بينما لا تباع التذاكر للعراقيين ؛ مما يؤدي الى زيادة اعداد الجمهور السعودي او الكويتي او البحريني على حساب الجمهور العراقي الذي بذل الغالي والنفيس من اجل السفر لتشجيع المنتخب العراقي … الخ .
صدم العراقيون من هذه السلوكيات والتصرفات على صعيد الحكومات والجماهير والشعوب ؛ فبينما فتح العراقيون ابوابهم ومضايفهم امام الجماهير العربية عندما جاؤا الى البصرة وقدموا لهم كل شيء بالمجان ؛ ردت تلك الجماهير الاحسان بالإساءة والنكران , اذ لم يقدموا للجمهور العراقي اية خدمات او تسهيلات بل على العكس عاملوهم بمنتهى الخسة والدونية والحقارة :
ان أكرمت الكريم ملكته *** و إن أكرمت اللئيم تمرداً
نَعِفُّ ونصفَح فحسْبُكُمُ هذا التفاوتُ *** بيننا وكل إناءٍ بالذي فيه ينضح
وعندما تتابع مجريات المباريات الرياضية بين فرق ومنتخبات الخليج لكرة القدم ؛ تشعر وكأنك في حرب او حلبة لصراع الثيران المتوحشة ؛ فالكل حاقد على العراق والاغلبية والمنتخب العراقي ؛ بدأ من استوديوهات التحليل الرياضي والقنوات والكاميرات الرياضية ومرورا بأعضاء ولاعبي الفرق والمنتخبات الرياضية , و وصولا بالمشجعين والجماهير , وانتهاء بوسائل الاعلام ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي , حتى ان البعض استغرب من الاعلامي المغربي المدعو اشرف بن عياد فقد وصفه الكثير من العراقيين بالحاقد المتحامل على العراق والعراقيين والمنتخب العراقي , وبانه يحمل عقد مرضية واحقاد ومشاعر نفسية سلبية تجاه العراق ؛ وسلوكه كان بعيدا عن رسالة الإعلام الموضوعية النبيلة , حتى ان الذين تملق لهم من الخليجيين لم يقبلوا بسلوكه المشين واداءه الاعلامي الحاقد ؛ اذ رد عليه الإعلامي البحريني فهد عبد الرحمن , قائلا : ( لم تكن مهنيا وكنت سبب بالفتنة ) , والعجيب ان جماهير الفرق الخليجية والعربية كلها تجتمع ضد المنتخب العراقي , اذ يشجع بعضهم البعض , الا المنتخب العراقي فهو منبوذ من قبلهم ومكروه فضلا عن جمهوره , نعم هنالك استثناءات بسيطة تحدث هنا او هناك , فعندما سمع المنتخب والجمهور العراقي الهتافات المسيئة ضدهم من قبل الجمهور البحريني ؛ اعتذر البعض من اهل البحرين الاصلاء وقالوا ان الجمهور البحريني الذي اساء للعراق من الطائفة السنية وبسبب النعرات الطائفية هتف ضد المنتخب والجمهور العراقي , اما الجمهور الشيعي السعودي فهو لا حول ولا قوة ولا يستطيع التصريح مثل شيعة البحرين لأسباب معروفة , وكذلك البعض من الجمهور الكويتي من ابناء العراقيات شجعوا المنتخب العراقي , اما بالنسبة للعمانيين فهم قمة في الاخلاق والانسانية ويحبون العراق والعراقيين ولم ولن يتأثروا بالدعوات الوهابية والطائفية والتكفيرية ضد الشيعة طوال كل تلك العقود من الزمن .
واتمنى ان يتعلم العراقيون الدرس ويفهموا حقيقة القوم , فسلسة الاساءات والهتافات الشوارعية لن تنتهي ؛ اذا بقينا صامتين , فهؤلاء الاعراب والاوباش واجلاف الصحراء لا ينفع معهم الا المعاملة بالمثل , ورد الصاع بصاعين .
وماذا تنتظر الامة والاغلبية العراقية من هذه الجماهير الموبوءة بالأحقاد الطائفية والنعرات التكفيرية والسياسية والتي لا تمت بأية صلة للوحدة الاسلامية او قيم الامة العربية او المثل الانسانية والاخلاقية ؛ فبينما تشترط الانظمة العربية والحكومات الطائفية على الجمهور العراقي بعدم الهتاف بالهتافات الوطنية والشعبية بحجة الطائفية وبذريعة الفتن والقلاقل الدينية ؛ تسمح لشراذم جماهيرها بالهتافات المسيئة , وتغض الطرف عنها ؛ وكلنا نعلم ان سكوت تلك الانظمة علامة على الرضا وتشجيع لتلك الجماهير على التمادي بالإساءة للعراق والمنتخب والجمهور العراقي .
والعجيب في الامر ان البعض من سقط المتاع وحثالة المجتمع العراقي من لقطاء الفئة الهجينة وابناء الطائفة السنية الكريمة من المحسوبين على الامة العراقية ؛ يصطفون مع الجماهير والمعلقين والاعلاميين والمغردين والمدونين الاجانب والغرباء في وسائل التواصل الاجتماعي ضد منتخب بلدهم الذي جاء اسلافهم اليه وحصلوا على جنسيته بالأمس القريب ؛ بحجة التسنن وبذريعة القومية العربية , وليت البعض منهم كانوا عربا …!!