smo946128@gmail.com
كل رجب يمر يذكرنا, بيوم المصيبة التي حدثت بهذا الشهر, ومن الوفاء للشهداء, وعلى رأس أسماء القائمة, السيد محمد باقر الحكيم, فقد كان عالماً بارزاً, وسياسياً فذاً, ومجاهدا مضحياً, وصاحب مشروعٍ مؤثر, وقائدٍ له كلمته المسموعة على الساحة العراقية.
تلقى السيد محمد باقر الحكيم, تعليمه الديني في حوزة النجف، وقد درس على يد العديد, من العلماء البارزين, وإضافة لدوره الديني, فإنه مارس الجهاد التوعوي, كونه من العلماء في المجلس التأسيسي, لحزب الدعوة الإسلامية, مما حذا بالسلطة البعثية, أن تشدد الرقابة, على أسرة آل الحكيم كافة, دون تمييز بين العالم منهم, والأكاديمي ومن هم في سن الشباب والأطفال؛ بالإضافة للتضييق قام الصداميون المجرمين, باعتقال الكثير من تلك الأسرة النجيبة, وتعدم منهم أكثر من ستين شهيداً.
بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران, ازداد إرهاب البعث, بعد اعتقال السيد محمد باقر الحكيم, وسجنه ثلاث سنوات, شعر أن النظام الدكتاتوري قد عقد أمره؛ في القضاء التام على آل الحكيم, ما دعاه ومن معه للهجرة خارج العراق؛ ليحط الرحال في جمهورية إيران الإسلامية, حيث استقبلهم, قادة الثورة بكل حفاوة وتقدير, ويمارس دوره السياسي بالجهاد من الخارج, فترأس تنظيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية, وكانت خطاباته ذات تأثير بالغ الأهمية, في الآلاف من المريدين المهاجرين, إضافة لكثيرٍ من الأسرى, العراقيين, على أثر حرب الطاغية صدام, على الجمهورية الإسلامية في إيران.
كان قدس سره الشريف قائداً إسلامياً, ذا رؤية إسلامية تقدمية, وقد شكلت حركته الإسلامية, المعارضة لنظام البعث الصدامي, الخطر الكبير فكان هدفه الأسمى, خلاص العراق من الحكم الدكتاتوري, الذي مارس شتى أساليب الاضطهاد, ضد الشعب العراقي فملأ السجون, وبالغ في القضاء على معارضيه, فعمد لدفنهم في مقابر جماعية, ولا فرق عند زبانيته, بين شيخ كبير أو شاب يافع, كما لم تسلم النساء والأطفال, من أعماله الإجرامية, لقد فاقت جرائمه بحدتها, جرائم كل طغاة عصره.
لقد جَسَّدَ شهيد المحراب بوضوح, فِكرَهُ في مفهوم الحاكمية الدينية، بصياغة عصرية تلائم, متطلبات الحياة السياسية، فكان من بين المفكرين القلائل, الذين استطاعوا أن يجسدوا افكارهم, على أرض الواقع، فلم تكن آرائه حبيسة الكتب التي اهتم بتأليفها، بل سعى إلى أن تجد آرائه طريقا الى التطبيق ومؤثرة حتى على بعض التنظيمات السياسية على الساحة, لقد ملك السيد الشهيد شروط القيادة, من الفقاهة والكفاءة والتصدي, كما هو في الفقاهة والعدالة, واتخاذ القرار المستقل.
بعد احتلال العراق, وقبل استكمال خطوات تكوين الحكومة, وركائزها الأمنية, ظهرت جماعات متطرفة, متخذة هدفاً معلناً لكسب شرعية لأعمالها, وهو إخراج المحتل, كوسيلة للسيطرة على البلاد, أما الهدف الحقيقي فكان, لإثارة الفوضى, وعدم السماح للأغلبية تكوين دولة, فلا دولة دون أمن, بوادر حربٍ أهلية يقودها تنظيم القاعدة, أبرز التنظيمات الارهابية, إضافة لخلايا من الأجهزة القمعية لحزب البعث, الذي كان له الباع الطويل, بالتنسيق مع كل من لم يعجبه, ما حصل وما سينتج من حكم ديموقراطي.
يوم الجمعة المصادف 29/ 8/2003, حضر السيد الحكيم لإقامة صلاة الجمعة, في الصحن العلوي الشريف, وسط تجمع شعبي كبير, كما في كل ظهيرة جمعه, منذ عودته الى العراق, وما أن انتهى مودعاً الجماهير, وقرب عجلته كان ما أعدته, الأيادي الآثمة من آلة الإجرام, ليرتحل شهيد المحراب, بانفجار كبير هز العراق بأكمله, لتقف عملية إنقاذ العراق.
بيان تأبيني مؤثر أصدرته المرجعية العليا, مما جاء فيه” لقد امتدت الأيادي الآثمة مرة أخرى, لترتكب جريمة مخزية, استهدفت في جوار الروضة العلوية المقدسة, سماحة آية الله السيد محمد باقر الحكيم؛ طاب ثراه, حيث أدى حادث التفجير المروّع إلى استشهاده”