.
* “التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينشر فيها، إذا أردت أن تتحكم في جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني.” (إبن رشد)
* “السلطة الروحية على الناس هي أبشع ألوان الإستعمار العقلي، هي منصب سيادي فاسد حتى النخاح” (الدكتور سيد القمني)
* وأنا أقول: الحرية هي أساس كل إبداع، والإنسان الحر يبني مجتمعاً متعافى. والانسان التابع الذليل والعبد يخلق حكاماً ديكتاتورين ويحطم المجتمع.
من الطبيعي لن أتطرق إلى كيفية تطور جميع أنظمة الحكم عبر التاريخ، بقدر ما أود الإشارة إلى ظهور مفهوم “الحق الإلهي” وكيفية استغلاله لحد الآن عند بعض الحكام والأمراء تحت غطاء الدين.
من يقلب صفحات التاريخ يجد صنوفاً من أنظمة الحكم، بعضها تسيد التاريخ لقرون طويلة، كحضارات وامبراطوريات بأشكالها المختلفة؛ أولى تلك الحضارات:
– الحضارة السومرية أو كما سميت في الكتاب المقدس (شنعار) ظهرت حوالي (3500 ق.م.) والبابلية (1894 ق.م.) ظهرتا جنوب بلاد ما بين النهرين (العراق حالياً) واستمرتا كديانة إلى حوالي عام 400 بعد الميلاد. والحضارة الآشورية شمال وادي الرافدين (1900-612 ق.م.). إعتنق السومريون، ومن بعدهم البابليون والآشوريون الملك كإله، أو نصف إله، كما الحال في شخصية كلكامش، وهو يدير شؤون المدينة، وكان لكل مدينة إله (ملك)، تزداد أو تقل أهميته بناءً على دور المدينة الاقتصادي والتجاري. (يلاحظ لحد الآن وجود ظاهرة “خودان-إله” لكل قرية ايزيدية يدير شؤونها “مجيور” الذي يمثل دور الكاهن السومري تقريباً!)
– الحضارة الفرعونية، ظهرت حوالي 3150 قبل الميلاد على نهر النيل حيث مقومات الزراعة وخصوبة الأرض. وقد اعتنق المصريون القدماء فكرة الملك المقدس يدير شؤون البلاد. وإعتقدو أن كل ملك هو “إبن الإله”.
– الحضارة الأغريقية (1200- 323 ق.م.)، كانت فيها أيضاً تعدد الآلهة.
– الحضارة الرومانية (735ق.م.- 1435م بسقوط القسطنطينية على يد العثمانيين)
– الحضارة الآرامية، وسط وشمال سوريا والجزء الغربي من بلاد الرافدين.
الحضارة الاسلامية/ التي بدأت من عام (570م)، ويتفق المسلمون على أن الاسلام دين ودولة، وتنطبق عليها النظرية الثيوقراطية الدينية التي ترجع أصل السيادة ومصدر السلطة إلى الله، فهو وحده صاحب السيادة واليه ترجع السلطة الآمرة.
محطتنا الأولى تبدأ كالعادة عند ظهور بذور أقدم ديانة في بلاد ما بين النهرين بناءً على إكتشاف أول دليل واضح عند إختراع الكتابة عام 3500 تقريباً قبل الميلاد في عصر ظهور السومريين في الألفية الرابعة قبل الميلاد. رغم أنه غير معلوم إن كان السومريون قد هاجروا إلى المنطقة في عصور ما قبل التاريخ أو فيما إذا كانوا من السكان الأصليين. على الرغم من أن هذه الديانة اندثرت بشكل كبير في عام 400 بعد الميلاد تقريباً، إلا أنه يعتقد كان له تأثير كبير على الديانات اللاحقة في جميع أنحاء العالم من ضمنها: الكنعانية والأرامية واليوناينة القديمة والديانات الفينيقية والديانات الموحدة.
تميزت الديانة السومرية بتعدد الآلهة إلى درجة أنهم وضعوا لمعظم الأشياء إلاهاً كالفأس وقالب الحجر والمسمار…الخ، ولكل شخص إله يحميه ويحقق طموحاته، واعتقدو أن هؤلاء الآلهة يعيشون كالبشر يتزوجون ويتناسلون ويتخاصمون، ولكنهم يمتازون عن البشر بالخلود، كما اعتقدو أن هناك مجمعًا من سبعة آلهة يقررون المصائر، ومجمعًا آخر من خمسين إلاهاً.
وذهب البعض أن ديانة بلاد ما بين النهرين كانت شركية، لأنهم يعبدون ما يقارب من 2,400 آلهة (تالكفست في كتابه:Akkadische Götterepitheta 1938) مختلفة ذكوراً وإناثاً معظمها كان لها أسماء سومرية (دنغر). صنفت خمسة من تلك الآلهة على أنها ذات أهمية خاصة وأرفع مكاناً من البقية ويعود تاريخها إلى عام 2600 قبل الميلاد تقريباً، وكل منها إرتبطت إسمها بمدينة أو ولاية معينة داخل بلاد ما بين النهرين، وترى الإله كحامي لها. من هؤلاء: كان الإله (إنليل) إله الهواء واحداً من أهم أوائل آلهة بلاد ما بين النهرين وهو في الأصل إله سومري يعتبر ملك الآلهة وحاكم العالم ارتبط بمدينة نيبور. بعد ذلك اتخذه الأكاديين إلهاً لهم. الثاني، كان الإله السومري (آن) إله السماء والذي عُرف بإسم (أنو) بين الأكاديين، مركز عبادته مدينة أوروك. الإله الثالث (إنكي) إلهة الأرض والتي عرفت بـ (إنا أو إيا) عند الأكاديين والبابليين، الراعية الأكبر لمدينة أريدو السومرية. الرابع (نانا) إله القمر السومري، (سين) عند الأكاديين. ارتبطت اسمها أيضاً بمدينة أوروك. الخامس (أوتو) إله الشمس السومري بإسمه الأكادي (شمش). ومع زيادة نفوذ البابليين في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، أعلن الملك حمورابي (مردوخ) إله وأعطاه منصب السيادة إلى جانب أنو وإنليل في جنوب بلاد ما بين النهرين، ارتبط اسمه بمدينة بابل. والإله (آشور) ارتبط اسمه بمدينة آشور، والإلهة (عشتار) ارتبطت بمدينة اربيل.
كان يُعتقد أن نشأة البشر هي فعل إلهي للخلق، وأن الآلهة هي مصدر الحياة وتمتلك سيطرة على المرض والصحة بالإضافة إلى امتلاكها سيطرة على مصير البشر. ويعتقد أيضاً أن الإنسان خُلق كخادم أو عبد (أردو) ليخدم الإله (بيلو). وكان المؤرخ جان بوتيرو يعتقد أن الآلهة لم يكن يُنظر إليها بروحانية بل كانت تُرى على أنها أسياداً يجب أن تُطاع وتُخشى لا أن تُحب وتُعشق. لذا فان أحد الأسباب التي جعلت الآلهة تعطي الملك السلطة هي أن يطبق العدالة والصلاح، أما في حال عدم التزام الناس وإقدامهم على الخطيئة، فان ذلك يثير غضب الآلهة ويجلب للناس الحرب والكوارث الطبيعية كعقاب لهم، وكان الملوك يستخدمون كأداة للنجاة.
جاء عصر اسكندر المقدوني، باحتلاله لبابل نهاية عام 331 ق.م. التي كانت تحت سيطرة الامبراطورية الأخمينية واتخاذها عاصمة لامبراطوريته، عاش وتوفي فيها (13حزيران 323 ق.م.) عن عمر الثلاثة والثلاثين عاماً، كما هو منقوش على حجر أمام العرش الذي كان يجلس عليه الملك نبوخذنصر. وإنتصاره على الامبراطور الفارسي دارا الثالث (323 ق.م.) في معركة إيسوس، وفتحه لمصر الفراعنة، ليظهر تقديسه لآلهة البابليين، ويأمر بإعادة تشييد (آي سجيل- ايزاجيلا) معبد الإله مردوخ الذي كانت قد تهدمت أجزاء كثيرة منه. ويتأثر بمركزية الفرعون في الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية في مصر ويتبنى فكرة كونه إبن الإله (رع) وكونه الإله (حورس)، ويعترف بالإله (آمون) الذي كان الكبش رمزاً له، ولهذا وضع الاسكندر قرني كبش على خوذته ليدل بذلك على أنه إبن آمون. كل هذا يعني أن أسكندر المقدوني أراد أن يرسخ نفسه حاكماً في الشرق عموماً وفق التقاليد الشرقية وليس وفق التقاليد اليونانية، وقد تحقق ذلك فعلاً حيث نصب الاسكندر نفسه كفرعون مصر على أساس “الحق الإلهي” فهو “إبن رع” وهو “حورس” الأمير القوي حامي مصر.
لم يكن (الحق الإلهي) أساساً لفكرة الحكم عند اليونان منذ أن عبروا مرحلة الحكم الملكي في تاريخهم المبكر، وباختفاء هذا الحق إختفت بالضرورة فكرة الحكم الفردي المركزي المطلق لتحل محلها فكرة الحكم الجماعي التي وصلت في بعض المناطق اليونانية إلى صورة الحكم الشعبي. وأن ذلك قضت على فكرة تركيز السلطات التي يمثلها الحكم الفردي لتحل محلها فكرة توزيع السلطات على القاعدة الشعبية..(يحيى، لطفي عبدالوهاب، دراسات في العصر الهلنستي، دار النهضة العربية، بيروت 1978، ص 47./مقتبس من كتاب: د. خزعل الماجدي، كشف الحلقة المفقودة بين أديان التعدد والتوحيد، المركز الثقافي العربي، 2014، ص37)
وبسقوط ملوك بابل وآشور والفراعنة المؤلهين الذين ذاب الفرد في سطوتهم، وكذلك سقوط عرش الطاؤوس في فارس، تحرر الفرد في الشرق من الكبت، وذاق حلاوة الابداع وحرية التفكير، ولم يعد يخاف لا من الكهنة- حراس العقائد- ولا من جبروت حكامه المؤلهين، فتحرر لأول مرة من نزعات السيطرة والاستبداد حسب رأي: (الناصري، سيد أحمد علي: تأريخ وحضارة مصر والشرق الأدنى في العصر الهلنيستي ، دار النهضة العربية، القاهرة 1992، ص 103-104./مقتبس من كتاب: د. خزعل الماجدي، مصدر سابق ص37).
أفلاطون في كتابيه الاثنتين (الجمهورية) و (القوانين) يتحدث عن فلسفة الحكم وعن الدولة الفاضلة التي يجب أن تكون بيد الحكماء. وجاء من بعده شيشرون، الذي لقب بخطيب الرومان، ألف أيضاً كتابين بنفس الإسم (الجمهورية والقوانين) لم يبتعد عن فكرة أفلاطون في الحكم.
أما في بلدان الشرق الأدنى وجنوب شرقي آسيا (اليابان انموذجاً)، كانوا يعتبرون أباطرتهم من نسل الآلهة. وفي اليابان يطلق على الامبراطور لقب “تينو” أي السيادة السماوية، في إشارة على فكرة أن الامبراطور هو سليل “إلهه الشمس” أماتيراسو، و شينتو (صوت الآلهة) اليابانية. وإحتفظت الاسرة الامبراطورية التي يرقى تاريخها إلى ما يفوق 2600 سنة بحق إله للحكم، لكن في القرون الأخيرة بدأت تلك الهالة حول الامبراطورية تتحدى فكرة أن الحكام هم أنصاف آلهة. وبعد الحرب العالمية الثانية وكجزء من استسلام اليابان في الحرب، أعلن الامبراطور (هيروهيتو) التخلي عما سماه الفهم الخاطئ بأن الامبراطور إلهي. ووفقاً للدستور الياباني في فترة ما بعد الحرب 1947 فإن الامبراطور أصبح رمزاً للدولة ولوحدة الشعب دون أي سلطة سياسية. وفي سابقة تاريخية أشار إمبراطور اليابان الحالي (اكيهيتو) في خطاب له مؤخراً، عن رغبته في التخلي عن العرش، وهو ما سيجعله أول شخصية ملكية في اليابان تتنحى عن الحكم طواعية منذ مائتي عام.
نظرية حق الملوك الإلهي، المستمد جذوره من ديانات الحضارات القديمة، هو مفهوم ديني وسياسي تبنته أوروبا في القرون الوسطى حيث سادت الملكية المطلقة، وتُعزى هذه النظرية إلى التصور السائد الذي يشير إلى منح الإله سلطة مؤقتة إلى حاكم سياسي، بينما تُمنح السلطة الروحية إلى رأس الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. ومع ذلك فقد وطد الملوك القوميون الجدد سلطتهم في جميع الأمور وعادة ما وضعوا أنفسهم على رأس الكنيسة إلى جانب رأس الدولة. وفي الإسلام لا يزال حاضراً في العديد من الدول الاسلامية، قائم على أن الملك/أو الأمير يستمد شرعيته من الله مباشرة ولا يحق لأي قوة أرضية أن تنازعه في حقه الإلهي من السماء، ويحكم بسلطة مطلقة ويعتبر أي نوع من العصيان والخروج عليه ذنباً بحق الله، ولا يحق للمحكومين محاكمة الملك/الأمير ومقاضاته فهذا من شؤون الله حسب المفهوم. يعد جيمس الأول من إنكلترة وإبنه تشارلز الأول أشهر من استمدوا شرعيتهم من خلال هذا المفهوم. وكان قسطنطين الأول من الكرسي الرسولي أول من إستعمل هذا المفهوم واعتبر الملوك ممثلين الله على الأرض من الملوك المسيحيين. تم التخلي عن المفهوم عقب الثورة البريطانية (1688–1689) ونجاح الثورة الفرنسية والأمريكية إلى أن تم التخلي عنه تماما في أوروپا والأمريكيتين في القرن العشرين.
أما الحاكمية في الإسلام فهي أقل وضوحاً من نظيرتها المسيحية، فدول الخلفاء لم تعتبر الخليفة ممثلا لله بقدر ماهو خليفة محمد، ولكن بالنتيجة يعتبر مقدساً لأنه يمثل النبي. وفي المرحلة السابقة للإسلام كان الملوك يستعبدون الناس لأنفسهم زاعمين أن لهم سلالة عرقية خاصة أسمى من العنصر البشري المشترك، فادعو أنهم آله أو من نسل الآلهة كما فعل أباطرة الروم، وكانوا يرون أن ما تقدمه لهم الأمم من مراسم الخدمة والولاء والخضوع المذل والتضحية بالنفس والنفيس لأجلهم ليس إلا واجباً مقدساً يقومون به تجاه عروشهم!.
الملكية المطلقة هي حكم مطلق يكون بيد فرد حاكم من أشكال الحكومة يكون فيه للملك أو الملكة أو السلطان أو الأمير سلطة مطلقة على كافة جوانب حياة رعاياه. وبعض النظريات السياسية المدافعة عن الحكم المطلق (الحق الإلهي) تعد الطاعة الكاملة لإرادة واحدة ضرورية للحفاظ على النظام والأمن!!.
ظل الحال هكذا إلى أن ظهر الراهب الألماني وأستاذ الاهوت مارتن لوثر (1483-1546م) ، الذي أبدى اعتراضه على الكنيسة و صكوك الغفران، وأطلق عصر الإصلاح في أوروبا ونشر في عام 1517م رسالته الشهيرة المؤلفة من خمس وتسعين نقطة تتعلق أغلبها بلاهوت التحرير وسلطة البابا في الحل من “العقاب الزمني للخطيئة”. مما أدى إلى إدانته مع كتاباته وإعتبروه خارجاً عن القوانين المرعية في الإمبراطورية.
باحتدام الصراع الطبقي في أوروبا وقيام الثورات التي رافقت مع تطور الفلسفة والاقتصاد والاختراعات الصناعية، أعلن الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه (1844-1900م) قوله المشهور: “لقد مات الله”. هذه المقولة كانت تأسيساً لمركزية الانسان كونه هو القيمة الأسمى، وإيذاناً بسقوط (الحق الإلهي للملوك) والحكام والأمراء، وأن الانسان لم يخلق عبداً لأحد، بل أنه القيمة الأسمى والأغلى الذي يجب أن تسخر جميع الامكانيات لسعادته.
جاء عصر الثورة المعلوماتية الجبارة التي نعيشها الآن لتضيف بعداً جديداً إلى مقولة الفيلسوف نيتشة “لقد مات الله” ، وتحطم الكثير من المفاهيم والمقولات والثوابت في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأساليب الحكم. وتحطم عروش الأباطرة والدكتاتوريين وتغير من أساليب الحكم.
ان الأيزيديون كمكون ديني الذين لا يربو تعدادهم في كل العالم على مليون وربع، ليسوا إلاّ قطرة من ماء بحر، ليسوا بامكانهم العيش بسلام خارج عاصفة التغييرات وخاصة فيما نشاهده الآن من صراع محتدم دائر على مركز الأمير ومستقبل الإمارة برمتها!. وإذا كان (إله أوروبا) الذي أعلن فريدريك نيتشه عن “موته” أواسط القرن التاسع عشر، فإن (الإله الايزيدي) المتمثل بالإمارة “قد مات” أكثر من مرة عبر التاريخ. “أقصد هنا موت الحق الإلهي للأمراء”.
– “مات الإله” بعد حملة إبادة السفاح أمير رواندوز (محمد باشا الأعور) وإبادته لأكثر من (120) ألف ايزيدي من وراء تهور الأمير ونزواته الشخصية وعدم تقديره للموقف!.
– “مات الإله” حينما أشهر الأمير الإيزيدي إسلامه ونطق بكلمة الشهادة عام (1892م) أمام القائد العثماني التركي (الفريق عمر وهبي باشا) في ولاية الموصل.مات من معه تحت التعذيب لأنهم رفضوا النطق بكلمة الشهادة، أم أميرهم فقد منح لقب “الباشا” جراء شهادته!.
– “مات الإله” عندما سلم الأمير مصيره لحزب حاكم وإهمل المركز بغداد، وغدى داعية على الفضائيات لحشد الايزيديين للإنتخابات والاستفتاءات!.
– “مات الإله” عندما لم يتجرأ الأمير من زيارة سنجار ويشارك أهله بعد كارثة الإبادة، ولم يحاول من إيصال ولو حمل عربة تراكتور من قناني الماء من رصيد ملايين الدولارات المدخرة عن خيرات الايزيدية إلى الهاربين من نار الارهاب الداعشي في سفوح جبل سنجار!.
– “مات الإله” عندما لم يصبح الأمير أباً لكل الإيزيديين بغض النظر عن إنتماءاتهم السياسية والفكرية، ووضعم الاجتماعي!.
– “مات الإله” حينما لم يصغي الأمير إلى الدعوات المخلصة لتنظيم خيرات لالش وبقية المقدسات وصرفها للمصلحة الايزيدية العامة!.
– أعظم خطأ، بل خطيئة، أن يستلم رجل الدين ، أميراً كان أم مجلساً روحانيا أم سدنة قائمين على خدمة المزارات رواتب من حزب حاكم، لأنهم حينها يتحولون من رجال دين إلى أبواق أو عناصر صامتة في أحسن الأحوال!.
– أتعجب، بل أشفق على بعض الأقلام التي صمّت آذاننا خلال الشهرين الماضيين حول تنصيب الأمير ومواصفاته وسبل إختياره، من دون أن يجهدوا ويسالوا أنفسهم: ماذا خلّف الأمراء السابقون واللاحقون من أثر حضاري يفتخر به الايزيديون غير ركام قصر في قصبة باعذره تسمى بـ (خزينة الرحمن) التي هي عبارة عن أربعة جدران تتكاثر فيها بعض الحيوانات!.
ألا تلاحظون أيتها الأخوات، أيها الأخوة، الايزيديون الكرام ان كثرة المرشحين وطول الفترة التي تناهز الشهرين في عدم التوصل إلى اسم بين العائلة نفسها لمنصب الأمير، دليل على أن الصراع هو من أجل السلطة والإستحواذ على الخيرات (السلطة والمال) بدليل أن بعض العوائل لم ترشح أحد من أفراد عائلتها لمنصب الأمير بل قالت: (نحن شركاء خيرات لالش وغيرها مع أي أمير ينتخب)!. إذن لتذهب مصلحة الايزيدية إلى الجحيم وبأس المصير!.
نقول لجميع المرشحين: كفى استهتاراً بعقول الايزيديين الغلابة. كفى التنازع على السلطة بإسم الدين. كفى الضحك على الذقون والتلاعب بمشاعر الناس. كفى ترديد خرافة “أن يكون والدي الأمير من العائلة”! الشرف ليس في النسب، بل الشرف في العمل والفعل للمصلحة العامة!.
أكرر ما قلته من رأي حول “الإمارة والأمير” والإصلاحات في مقالاتي السابقة: عام 2000، 2004، 2006، 2007 وآخرها 2019. مع إضافة إعتقادي:
( ان إبادة سنجار 3/آب/2014 سيكون البسمار الأخير في نعش الإمارة الإيزيدية!). حتى إذا تم إنتخاب أمير تابع لجهة سياسية، سوف لن يكون مقبولاً من جميع الايزيديين خاصة إيزيدية سنجار والمهجر، وسيتراجع العنوان من: (أمير الايزيدية في العراق والعالم) إلى (أمير الشيخان).
أقترح مخلصاً: أن تقتدي (العائلة الأميرية) بالإمبراطور هيروهيتو، إمبراطور اليابان تلك الدولة العملاقة (مع الفارق بين إمبراطور عظيم لدولة عملاقة، وإمير وإمارة لا تأثير لهما على الساحة)، في التخلي عن عرش الإمارة ويصبحوا رمزاً/أو رموزاً للايزيديين ولوحدتهم دون أي سلطة سياسية. أعتقد التاريخ الايزيدي أمام إستحقاق أن يتخطى (الحق الإلهي للأمير) إلى الحكم الشعبي، وتتحول الايزيدية إلى عمل مؤسساتي تفصل الشؤون الدينية (المجلس الروحاني) عن الشؤون الإدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وينبثق ذلك من مؤتمر عام وشامل ومصيري يجمع كل ايزيديي العالم. إنها ليست بالمهمة السهلة وسوف تأخذ وقتاً وجهداً، لكنها خطوة على الطريق الصحيح تتلائم مع التغييرات التي طرأت على المجتمع الايزيدي خلال القرن الواحد والعشرون عامة وإبادة سنجار خاصة.
خليل جندي
مانيلا في 8/نيسان/2019
يبدو انك يادكتور خليل مصر على تكرار افكارك ومقالاتك . مع هذا اليك الرد
عندما قال نيتشه جملته الشهيرة في هكذا تكلم زرادشت ” مات الاله” قصد به ان العلوم بقوانينه الفيزياىية هي التي تحكم الكون بدلا من قوانين الهية التي كانت ساىدة وان الكون لم يعد يحتاج الى الله في تكوينه اي بمعنى موت الميتافيزيقيا وكل ما هو حسي وليس مادي .
اما انتقادك لمن يتفاخر بنسبه وانتماؤه فلا تنسى اننا منظومة عشاىر ومكونات تؤثر فينا تقاليدنا وموروثاتنا واعرافنا الاجتماعية وان ديانتنا قاىمة على نظام طبقي او مايسمى السد والحد للحفاظ على الانساب وهذه نعمة من الله . لان الحسب والنسب استخدمها الشعراء للتفاخر فيما بينهم . ولا اقصد به التعالي او التكبر فهذه اساليب صبيانية مرفوضة اما دعاة الاصلاح والتجديد وانت احدهم فلا همكم سوى القضاء على هذه المنظومة العشاىرية من خلال العبث بالهيكلية الدينيةالتي تعتبر عامل استقرار وديمومة ديننا وهدفكم هو القضاء على الامارة التي هي اولى اهدافكم لاعتقادكم بانها اول درجات سلم التجديد ومن خلال الطعن بالامراء الذين جاهدوا وضحوا للحفاظ على الديانة من الاضمحلال .الامراء هم اناس ولاندعي كمالهم ولكل شخص اخطلؤه وقد يكون هناك مقصرين فهل يسحب هذا على الكل او لمجرد تقصير ما هنا او هناك تدعون لتهديم هيكلية المنظومة الدينية وسحب الامارة. حسنا وماذا عنكم انتم الشيوخ هل ستحاربوها ايضا وماذا عن الابيار ورجال الدين عموما . هل تريدون دينا مدنيا يكون كله مكون من ما يسمى بالطبقة السابعة .
ماهذا الهرج والمرج اتقوا الله في انفسكم وابحثوا عن مشاكل مجتمعنا لاننا مهددين في وجودنا وانتم من تصبون الزيت على النار .
مقال رائع …. أرجو أن يلقى صداه بين التخبط والفوضى التي تهيمن على المشهد الإيزيدي
أدعو السيدة عالية بايزيد أن تعيد قراءة المقال/البحث عدة مرات.