“علي وياك علي” هتاف تناهى الى سمع الإمام علي في السماء، ففرح به وهو يمنّي النفس بتحرر الفقراء من فقرهم وجوعهم وبؤسهم من قبل سراة شيعته وهم يحكمون في بلاد كانت فيها عاصمته. فهبط به جبريل بعد طلب منه ببغداد، وتركه فيها ليعود إليه وقت آخر. سار علي بين شوارع خربة وأزّقة يلعب فيها أطفال ذوي ثياب رثّة وآثار الجوع تظهر جلية على وجوههم. فاتكأ على جدار آيل للسقوط والدمع يبلّل لحيته وهو يجهش بالبكاء لحال الناس، فخرجت إليه عجوز لم يبقي لها الفقر والجوع الا جسد نحيل وتجاعيد تشهد بقسوة الأيام وشدّتها.
العجوز: ماذا تريد يا رجل، ولم تقف على باب دارنا؟
علي: أريد قليلا من الماء لأغسل به وجهي.
العجوز: لا ماء لدينا، فماء الإسالة غير متوفر وأنا إمرأة لا أملك المال لأشتري به ماء. وأني أراك رجل ذو هيبة والماء الذي عندي لا يليق بمقامك، فهو ماء غير صالح للإستهلاك البشري.
علي: “بحنان كبير” لا يهم أيتها المرأة، إعطيني بارك الله فيك قدح منه لإغسل به وجهي وأرحل.
العجوز: أراك غريبا وطيبا، فمن أنت؟
علي: أنا إمام الفقراء والأيتام والأرامل، أنا الإمام علي بن أبي طالب.
العجوز: وماذا تفعل هنا في مدينة الموت والجوع والميليشيات واللصوص فداك أمّي وأبي؟
علي: جئت لأرى الفرح والسعادة في حياة شيعتي وباقي أبناء العراق، الا إنني خُدعتُ بعمائم شيعتي وسراتهم على ما يبدو.
العجوز: لم يخدعوك وحدك يا أمير المؤمنين، فقد خدعونا وسرقونا وخدعوا الله قبلك وقبلنا.
علي: أين تقع المنطقة الخضراء، وهل هي بعيدة عن هنا؟
العجوز وهي تتحدث إليه، شاهدت إبنها وهو مقاتل في الميليشيات الشيعية يأتي من بعيد فقالت: إرحل بسرعة لأني أخاف عليك من غدر إبني وأصحابه، فهم قاتلوك كما قتل شيعتك قبلهم إبن أخيك مسلم بن عقيل، وهو يقف على دار عجوز مثلي بالكوفة.
تحرّك الإمام علّي مبتعدا عن دار العجوز، وحثّ خطاه بحثا عن المنطقة الخضراء ليقابل هناك معمّمي الشيعة وسراتهم من الساسة وزعماء الميليشيات، ليجلس إليهم ويسألهم عن سبب فقر الناس وجوعهم ودمار وخراب البلد. فجأة شاهد أمواج من البشر العراة الحفاة يركضون وراء سيّارة مضللة يجلس فيها معممان يضحكان وهما ينظران الى البؤساء الذين يحاصرون سيارتهم المحصّنة، وهتافات “علي وياك علي” تملأ السماء.
وقف الإمام صارخا صرخة إهتزّ لها محيط المكان، ووقف الناس ليروا صاحب تلك الصرخة فيما كانت السيارة المضللة والسيارات التي معها تبتعد بإتجاه المنطقة الخضراء. عدّل الإمام عمامته ووقف يقول: ” أيها الناس أنظروا، فإن أنكرتم فأنكروا. وإن عرفتم فآزروا حقّ وباطل ، ولكل أهل”. فأرتفعت أصوات تسأله من أنت أيها الإعرابي، فأجاب أنا علي بن أبي طالب، ووالله أنّ ضربة إبن ملجم على هامتي لأهون عليّ من ذلّكم وسجودكم للباطل.
أيها الناس، ها هو يحكمكم “من يعمل فيكم بأعمال كسرى وقيصر”، وهم والله من أهل “المكر والغدر”، “وأولي الجور والظلم”، “وأكلة الرشا”، وهم والله يسرقون الفقير الجائع وينهبون مال الله. ما لكم لا تكونوا من الساخطين على حالكم وواقعكم المزري، “الا تسخطون وتنقمون أن يتولّى عليكم السفهاء … فتعمّوا بالذلّ وتقرّوا بالخسف ويكون نصيبكم الخسران”؟. أيها الناس “إنمّا يجمع الناس الرضا والسخط: فمن رضي أمرا فقد دخل فيه، ومن سخط فقد خرج منه”. ما لكم لا تخرجون من العبودية وذلها وسوطها وفقرها وجبنها، نحو الحرية وعزّتها وسعادتها؟.
أيّها الناس: كذّبوا ساستكم ومن ورائهم من عمائم، هؤلاء الذين يدّعون موالاتي وهم يغتصبون أموالكم وأعراضكم، فأنا وأحكم بالعدل الإلهي “قشّرت المحتكرين من كل مال أغتصبوه، كما تقشّر عن العصا لحاها”. إسألوهم من أين لكم هذا، وكيف ملكتم القصور والضياع والمعامل والمولات والحسابات المصرفية في كل بلدان العالم؟
أيها الناس: “الجوع خير من ذلّ الخضوع”، ووالله لا أراكم وأنتم الجوعى والعراة الا أذلاء خانعين، وهذه ليست من صفات شيعتنا. وأضاف الإمام وهو ينظر الى الجموع التي طأطأت رؤوسها “شر الفقر فقر النفس” ولا أراكم الا فقراء النفس، فمن يرى طفله جائع وطفل الشيخ شبعان، ويرفع صورة الشيخ على أنها تاج رأسه ليس من شيعتنا. ومن يقف أمام معمّم يجمّل له الفقر ويسكت والمعمم يعيش في غنى وترف، لحاسبه الله يوم المعاد أشد من حسابه للمعمّم الكذاب.
أيها الناس: أتركوا العصبية والقبلية والعشائرية، فوالله ما فلح قوم نادوا بها، “فإن كان لا بد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال ومحاسن الأمور والأخلاق الرغيبة والأحلام العظيمة والآثار المحمودة، والأخذ بالفضل والكفّ عن البغي والإنصاف للخلق وإجتناب المفاسد في الأرض”.
أيها الناس: لقد قال معاوية لكوفي يوما “أبلغ عليّا أني أقابله بمائة ألف رجل ليس فيهم من يفرّق بين الناقة والجمل”، وأني وربّ العزّة، أرى أحفاد معاوية يقابلون الأحرار ويفتكون بهم وبوطنكم، كونهم يملكون الملايين ممّن لا يفرقون بين الحق والباطل، بين النزيه والمرتشي، بين القاتل والضحية. وما أن سكت الإمام علي حتى رأى الجموع من جديد تهتف “علي وياك علي”!! خلف مجموعة مسلحة يقودها رجل دين متعممّ بعمامة سوداء، يسيرون شاهرين أسلحتهم نحو الإمام علي الذي بقي وحيدا ينظر بأسى الى حال شيعته وواقعهم المزري وبؤسهم وذلهم أمام عمائم الشيطان. وقبل أن يصل الحشد اليه، سجد الإمام على سيفه ذوالفقار … وأنتحر.
زكي رضا
الدنمارك
26/5/2019
لكن مسلماً لم يقتله الشيعة , خذله العراقيونة ( التوابون) الذين خاب ظنهم فيه فقتله إبن زياد ولا علياً قتله الشيعة ولا الحسن ولا الحسين , أعد قراءة التاريخ بدقة في تلك الحقبة الزمنية ثم أنشر مقالأً ثانياً وكن صادقاً