المونيتور/لامار اركندي
الرقّة – أعلنت قوّات سوريا الديمقراطيّة أنّها تمكّنت من قتل أمير من تنظيم “داعش” في قرية الرز في شرق مدينة دير الزور، ملقّب بـ”أبو عمر السوريّ”، وصفته بالعقل المخطّط والمدبّر لارتكاب هجمات إرهابيّة وتنفيذها في المنطقة. وكشفت “قسد” في تقرير نشرته في 26 أيلول/سبتمبر على موقعها الإلكترونيّ أنّها اضطرّت إلى قتل أبو عمر المسؤول عن تسليح الخلايا النائمة لـ”داعش” داخل المنطقة ونقلها، بعد المقاومة المسلّحة التي أبداها ضدّ القوّات الكرديّة والتي استخدم فيها حتّى القنابل اليدويّة.
وأكّد شيروان قامشلو، وهو مقاتل في قوّات سوريا الديمقراطيّة، في لقاء أجراه معه “المونيتور” أنّ “أبو عمر تمكّن في المرّة الأولى من الهرب بعدما ارتدى زيّاً نسائيّاً، لكنّ “قسد” تمكّنت من تعقّبه واعتقاله بنجاح هذه المرّة وقتله بعد مقاومته العنيفة”.
وأشار المقاتل الكرديّ إلى أنّ أبو عمر وغيره من مسؤولي الخلايا النائمة قد جنّدوا النساء لتنفيذ عمليّات إرهابيّة في بلدات وريف دير الزور الواقعة تحت سيطرة قسد والرقّة ومختلف مناطق شرق الفرات، ومن المعلوم أنّهنّ منقّبات ويرتدين ثياباً سوداء طويلة وفضفاضة ويغطين وجوههن بالنقاب كالمواطنات المدنيّات اللواتي لا زلن يرتدين تلك الثياب خوفاً من تعرّضهنّ إلى القتل على يد الخلايا النائمة التي تنشط في تلك المناطق وتتوعّد كلّ من يخالفها بالقتل , ويتخوفن من نزع تلك الثياب التي يطلق عليها داعش بالزي الشرعي، لا سيّما في أرياف الرقّة ودير الزور، ممّا يصعّب على “قسد” معرفتهنّ واعتقالهنّ في غالب الأحيان “.
وأشار قامشلو الذي شارك في العديد من حملات التطهير ضدّ خلايا تنظيم “داعش” في دير الزور والرقّة ومنبج والحسكة، إلى أنّهم اعتقلوا العديد من خلايا “داعش” من النساء خلال الحملات الأمنيّة التي نفّذتها “قسد” لتطهير تلك المناطق من خلايا الإرهاب، واعتقلوا الكثير منهم ليتّضح بعد ذلك أنّ بينهم رجالاً يرتدون الزيّ النسائيّ والنقاب.
ولضرورات أمنيّة، قالت قوّات الأسايش التابعة لقوات سوريا الديمقراطية في تعميم نشرت نسخاً عنه وألصقتها على جدران المحلّات التجاريّة في مدن مدينة الرقّة وبلداتها في 19 أيلول/سبتمبر، إنّها تحظر ارتداء النقاب، وحذّرت كلّ من تخالف القرار من تعرّضها إلى المساءلة القانونيّة, دون أن يحدد التعميم توقيت بدء تنفيذ القرار.
وحول التعقيب على قرار الأسايش، التقى “المونيتور” يوم الأحد في 29 أيلول/سبتمبر الصحافيّة والناشطة الحقوقيّة رنا هبّاش الأحمدي التي وصفت قرار الحظر بالخطوة الصائبة، وأضافت: “سيكون من الأفضل لو طبّق القرار في كلّ المدن التي احتلّها التنظيم في شرق الفرات وفي المخيّمات التي يقطنها عوائل “داعش” والنازحون من باغوز والرقّة ودير الزور الذين ما زالوا يتخوّفون من استهدافهم من قبل خلايا “داعش” التي تتوعّد من تسمّيهم “المرتدّين” من المدنيّين والمتعاونين مع قوّات سوريا الديمقراطيّة بالقتل”.
أشارت هبّاش الأحمدي إلى تفاقم الخطر داخل المخيّمات، لا سيّما مخيّم الهول في جنوب شرق مدينة الحسكة، الذي تقطنه عوائل مسلّحي “داعش” والتي يقدّر عدد أفرادها بنحو 29 ألف شخص، من بينهم أطفال المقاتلين الأجانب، وحذّرت من نشاط “داعش” في تجنيد أعضاء جدد لينفّذوا عمليّات قتل في حقّ المدنيّين النازحين في المخيّم.
وقالت وكالة الأنباء الكرديّة الرسميّة “ANHA” المقرّبة من الإدارة الذاتيّة في 20 أيلول/سبتمبر إنّ قوّات سوريا الديمقراطيّة اعتقلت أكبر خليّة لتنظيم “داعش” في مدينة منبج، وعدد أفرادها 18 شخصاً، بينهم 7 نساء، نفّذت عمليّات اغتيال وتفجيرات إرهابيّة بالسيّارات في مختلف الأماكن، ونقلت أسلحة وموادأً متفجّرة إلى الخليّة.
وتمكّنت داعشيّتان من طعن شابّ عراقيّ بآلة حادّة في رقبته في مخيّم الهول في 11 أيلول/سبتمبر، تسبّبت بإصابته بجروح بليغة، حيث نقل إلى مشفى الهلال الكرديّ داخل المخيّم وتحسّنت حالته بعد تلقّيه العلاج.
وقالت وكالة “ANHA” إنّ شابّاً عراقيّاً آخر قتل في 5 أيلول/سبتمبر في مخيّم الهول على يد رجلين ارتديا زيّاً نسائيّاً، وتسلّلا إلى خيمته وضرباه على الرأس بأداة حادّة، حيث فارق الحياة بعد نقله إلى المشفى، ونقلت الوكالة عن شهود عيان داخل المخيّم أنّ الشابّ العراقيّ الذي يدعى محمّد شحادة نفّذت فيه خلايا “داعش” حكم الردة، وهو القتل، نتيجة رفضه أفكار التنظيم.
من جانبها، قالت إداريّة في مخيّم الهول، فضّلت عدم الكشف عن اسمها، في لقاء مع “المونيتور” في 29 أيلول/سبتمبر إنّه يصعب التعرّف على مرتكبي تلك الجرائم التي غالباً ما ترتكب خلال الليل، ويصعب العثور عليهم واعتقالهم.
وأشارت إلى عثور أسايش المخيّم على جثث نساء ورجال تحت خيامهم ، من قاطني المخيم من عوائل داعش والنازحين السوريين والعراقيينن.
ونوهت إلى أن الجناة المجهولين من خلايا التنظيم يصعب القبض عليهم في أغلب الأحيان. وأضافت: “النساء في مخيّم الهول يطلقن تهديداتهنّ ضدّ قوات الأمن الداخلي للمخيم (الأسايش) ، وينتهزن كلّ فرصة للانقضاض على أيّ عنصر داخل المخيّم، وطعنه بآلات حادّة من أدوات المطبخ كالسكّين، ويهرعن للتواري والاختفاء بين آلاف النساء المنقّبات والمكتسحات بالسواد، فيصعب العثورعلى تلك النساء”.
وأشارت إلى عمليّات اغتيال ينفّذها مجهولون يعتقد أنّهنّ نساء داخل المخيّم ثمّ يتّضح في ما بعد أنّهم رجال يرتدون زيّاً نسائيّاً.
وأضافت: “المخيّم بات قنبلة موقوتة قد تنفجر في أيّ وقت، وعلى الأمم المتّحدة وحكومات عوائل “داعش” إيجاد حلّ لهذه المسألة، وأخذ مواطنيها ممّن انضمّوا إلى تنظيم “داعش” ومحاكمتهم وتسوية أوضاعهم التي تتفاقم يوميّاً في شكل كارثيّ وتهدّد بدورها مستقبل المنطقة كلّها”.
وفي ظلّ فقدان الأمن في بلدات مدينة الحسكة وريفها، قال المرصد السوريّ لحقوق الإنسان، وهو مجموعة رصد مقرّها بريطانيا، إنّ قوّات الأمن الداخليّ وقوّات “قسد” منعت دخول الدرّاجات الناريّة في شكل نهائيّ إلى مدينة الحسكة، ابتداء من 5 تشرين الأوّل/أكتوبر وعزت الأسايش بحسب المرصد القرار إلى كثرة حالات القتل والخطف والسرقة والتفجيرات الإرهابيّة بواسطة الدرّاجات الناريّة في المدينة، والتي يتعرّض إليها المدنيّون على يد الخلايا النائمة”.
فتنظيم “داعش” يحاول العودة إلى السيطرة على المدن والبلدات التي اعتبرها حدود دولة خلافته في سوريا، من خلال تجنيد آلاف العناصر الجدد، خصوصاً من النساء، وتنفيذ عمليّات إرهابيّة من خلالهم، وإثارة الفوضى والخوف في قلوب المدنيّين ليثبت لهم أنّه ما زال موجوداً بقوّة.