رضا الشمري – واشنطن
في جلسة تكليف مصطفى الكاظمي بمنصب رئاسة الوزراء، كان أهم قادة الكتل السياسية العراقية، عدا نوري المالكي ومقتدى الصدر، حاضرين في قاعة كبيرة، امتلأت حتى آخرها تقريبا.
ورغم أن البعض كان يرتدي كمامات للوقاية من عدوى فيروس كورونا، تمكنت الكاميرات من التقاط ابتسامات على وجوه أغلب الحاضرين في القاعة الرئاسية؛ يومها بدا أن إمكانية حصول الكاظمي على ثقة البرلمان ستكون في متناول اليد.
لكن الآن، بعد أسبوعين تقريبا من التكليف، يبدو الوضتع مختلفا، فهناك أقاويل عن عدم رضا تيار الحكمة، أبرز داعمي الكاظمي، عن سير عملية تشكيل الحكومة، فيما أصدر كتلة الفتح الشيعية، أبرز ذراع سياسي للميليشيات العراقية، بيانا يتهم فيه الكاظمي بتشكيل حكومة محاصصة.
زعيما تياري الحكمة عمار الحكيم، والفتح هادي العامري كانا موجودين في الجلسة، بل أن مواقع إخبارية عراقية قالت إن الحكيم كان أحد أبرز داعمي تولي الكاظمي لرئاسة الحكومة.
وبعد التكليف، قامت كتلة الفتح بلجم أكثر الميليشيات تطرفا في العراق، كتائب حزب الله وحركة النجباء، التي كانت قد اتهمت الكاظمي بالمشاركة في التخطيط للضربة الأميركية التي قتل فيها الجنرال الإيراني قاسم سليماني، ونائب أمين عام هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.
وقتها قيل إن العامري تدخل شخصيا لإصدار بيان يبرئ الكاظمي من تلك الاتهامات.
الخلاف على المناصب يهدد تمرير الحكومة
لكن الآن، تقول كتلة الفتح إن “الرئيس المكلف يتعامل بازدواجية ويمنح الكرد والسنة مكاسب يرفض أن يمنح مثلها للشيعة”، بحسب تغريدة رئيس الكتلة ووزير الداخلية السابق محمد الغبان.
رفضنا الزرفي لأنه جاء من خلال آلية مرفوضة مخالفة للدستور والأعراف السياسية ، الرئيس المكلف الحالي جاء بتوافق الكتل السياسية ليس لأنه الافضل ولا بفوزه في الانتخابات ، وانما مخرجا وحلا للأزمة إذن عليه أن يلتزم بالمبادئ التي اتفقت عليها الكتل السياسية معه وبشكل مسطرة مع الجميع
يقول المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لموقع “الحرة” “الطرف الوحيد الذي يعترض على تشكيل الحكومة هو ائتلاف الفتح، فهم يرفضون الأسماء القريبة من الشارع، وبالأخص أسماء من قبيل حارث حسن المرشح للخارجية، وكاظم السهلاني المرشح للعمل والشؤون الاجتماعية، وهشام داوود المرشح للثقافة، إضافة الى اسماء اخرى”.
وبحسب المصدر فإن “الكاظمي أصر على هذه الأسماء ودافع عنها بقوة، فيما يمارس ائتلاف الفتح الضغوط على الكاظمي لاعتقاده أنه وكابينته يميلان الى الشارع”.
وأضاف المصدر أن الكاظمي “قسم كابينته بحيث يكون ثلثها من نصيب القوى السياسية، وثلثها للشارع، والثلث الآخر يحتفظ به الكاظمي لنفسه”، لكن كتلة الفتح “لم تقبل بثلث الشارع كما لم يرقهم موضوع أن يحتفظ الكاظمي بحق ترشيح الثلث”.
وبحسب المصدر فإن الكاظمي “رفض أن يتنازل أكثر، قائلا أنه قبل ببعض المرشحين ممن رشحتهم الكتل السياسية، وأنه ليس مستعدا لتخريب مستقبله السياسي لمجرد إرضاء طرف واحد”.
لكن هذا الطرف هدد بإفشاله في البرلمان في حال أصر على هذه الكابينة، كما يؤكد المصدر.
النظام فاسد، والأميركيون مشتتون، وإيران تحب العراق كما هو
الجمعة نشر موقع فورين بوليسي مقالا تحليليا عن الوضع في العراق، قال فيه إن “سياسات العراق في مرحلة ما بعد الغزو تشبه نظاماً من الغنائم مع ما يصاحبه من فساد ورقابة معدومة، ومعظم السياسيين والأحزاب السياسية متواطئون”.
وأضاف المقال “يمكن للسياسي أن يكون رفيع المستوى، ولكنه يعمل مع ذلك في نظام مع مؤسسات منحرفة تجعل من الصعب التغلب على الأمراض السياسية المتأصلة في النظام السياسي، ويبدو أن هذا هو مأزق الكاظمي الذي شهد العراقيون والأميركيون بكفاءته”.
وأضاف المقال الذي اصطبغ بصيغة متشائمة للغاية “بغض النظر عن شخصية المكلف برئاسة الوزراء، فإن الوضع في العراق غير قابل للإصلاح”، لأن “من شبه المؤكد أن المؤسسات السياسية في العراق ستقوض قدرة الكاظمي على الحكم”، مضيفا أن “النظام السياسي فاسد للغاية، والأميركيون مشتتون للغاية، وإيران تحب العراق كما هو”.
لكن المحلل السياسي العراقي مصطفى السماوي يبدو أقل تشاؤما، إذ يقول لموقع “الحرة” إن “الرهان على إفشال الكاظمي خطر جدا، فقد قبلت به الكتل على أنه أقل من خطرا من الزرفي، كما أن الأوضاع في العراق لا تحتمل المزيد من التأخير”.
ويضيف السماوي أن “اعتراضات كتلة الفتح تعني أن الكاظمي يتحداها، ومجرد معرفة إن هناك رئيس وزراء لا يمتلك أي مقاعد في البرلمان، وغير متبنى من أية جهة سياسية، وليس ثريا كبيرا أو زعيم ميليشيا، ويمتلك القدرة على تحدي الفتح، يعني أن الكتل السياسية والكاظمي مدركون لهشاشة الوضع السياسي الكبيرة، والتي تصب في مصلحة الكاظمي”.
ويعيش العراق ظروفا صعبة منذ انتشار فيروس كورونا، وانخفاض أسعار النفط، وتقوده حكومة تصريف أعمال استقالت عقب تظاهرات استمرت عدة أشهر احتجاجا على الفساد وسوء الإدارة، وقبل مصطفى الكاظمي لم يتمكن مكلفان بتشكيل الحكومة محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، من اجتياز عقبة تصويت البرلمان، أو حتى الوصول إلى مرحلة التصويت.