الأربعاء, ديسمبر 25, 2024
Homeاخبار عامةهكذا تدور الحرب وراء الكواليس في كردستان العراق

هكذا تدور الحرب وراء الكواليس في كردستان العراق

اتخذت الأحزاب السياسية في إقليم كردستان العراق شكلا مغايرا للصراع الداخلي والتسقيط الخفي بينها، وبأساليب وتكتيكات جديدة بعيدا عن المواجهة العسكرية أو المباشرة كما كان الأمر خلال العقود الماضية.

 

ولجأت الأحزاب الكردية خلال السنوات العشر الأخيرة إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتحريك الشارع ودفع جماهيرها ضد الطرف الآخر، لخلق رأي عام بشأن أي قضية تحقق مرامها ومصالحها، معمقة بذلك الصراع النفسي لدى المواطن الكردي، وسط الانتكاسات والأزمات المالية والسياسية التي يشهدها الإقليم.

 

حرب شرسة

وتقود هذه الأحزاب حربا شرسة بجيوش إلكترونية خفية تجلس خلف أجهزة صغيرة تصب المزيد من الزيت على النار مستخدمة التواصل الاجتماعي ساحة شرسة لتمزيق وحدة الصف وتعميق الخلافات بين القوى السياسية، حتى صارت السلاح الأكثر استخداما لتعميق الأزمات.

 

وأثارت مواقع التواصل خلال الأيام الماضية عدة ملفات مهمة في الإقليم، وخلقت رأيا عاما حولها، أبرزها إطلاق وسم “#أين الـ400 مليون دولار؟”، في إشارة إلى رواتب موظفي كردستان المرسلة من الحكومة العراقية لشهر أبريل/نيسان الماضي بعد أن امتنعت حكومة الإقليم عن صرفها بحجة تخصيصها لديون الشركات النفطية.

ويمكن اعتبار شبكات التواصل الاجتماعي بالسلاح الخفي الذي يضرب، ولا يعرف من أين أتت الرصاصة، يضرب ولا صوت لمكان الإطلاق، سلاح يحرق الأخضر واليابس، وفي بعض الأحيان يحرق ويضرب مالكه وصاحبه أيضا إذا خرج عن السيطرة كما يقول عضو مكتب إعلام الإتحاد الوطني الكردستاني كاروان أنور.

 

ويضيف أنور للجزيرة نت أن هذه المواقع باتت تشكل خطرا كبيرا على السلم والأمن الاجتماعيين، وعلى العائلة والتربية والدين حسب التحذيرات والبلاغات التي تصدر عن دائرة الادعاء العام ومنظمات المجتمع المدني والجهات ذات الصلة والجهات الأمنية وخطباء وأئمة المساجد وذوي الشأن من علماء النفس والاجتماع.

 

غياب المعالجات

وتعتبر مواقع التواصل أكثر تأثيرا من الإعلام التقليدي، لأن ثمة اعتبارات وقوانين مدنية ومهنية ودستورية خاصة بتنظيم عمل الإعلام التقليدي في الإقليم تعاقب أي شخص أو جماعة أو حزب يرتكب ما تعرف بجريمة النشر، ولا سيما القذف والتشهير والإضرار المعنوي بالآخرين، بحسب أستاذ الإعلام في جامعة السليمانية عدالت عبد الله.

 

وقال عبد الله للجزيرة نت إن “الأمر يختلف مع الإعلام الجديد، إذ يكفي أن يكون لكل فرد يمتلك خط نت واحدا فقط وخط جوال حتى يفتح بمنتهى السهولة حسابا أو أكثر، صفحة أو أكثر، للمشاركة في أي نشاط إعلامي موجه من قبل جماعات سياسية، وهذه هي المشكلة، وليس ثمة أي معالجة أو طرح قانوني يخفف حدة مخاطر استغلال الأفراد والأحزاب السياسية في الإقليم لشبكات التواصل الاجتماعي”.

والإعلام الجديد ليس خاضعا للرقابة القانونية في مجتمعاتنا الشرق أوسطية، ولم تسن له قوانين خاصة عن كيفية تعاطي المتعاملين معه إن كانوا أفرادا أو جماعات وجمعيات، فقد أصبح من أسهل وسائل للتواصل والتأثير السياسي والتجاري والتسويقي في معظم النشاطات الاجتماعية للبشر.

 

ويقول عبد الله إن الأحزاب السياسية في الإقليم تلجأ للإعلام الجديد ومنصات ومواقع التواصل باعتبار أنها أكثر الوسائل تأثيرا على الناس وأسهلها اتصالا بهم وأشدها تلاعبا بعقول المتلقين والتحكم بأفكارهم وآرائهم من دون أي رقابة ذاتية أو قانونية تحد من خطورة هذه الحرية المطلقة في النشر والدعاية السياسية والتحريضات والتشويهات اللافتة للحقائق والوقائع.

 

رأي عام

ويكشف أستاذ الإعلام سببا آخر يتعلق بقدرة الأحزاب السياسية في الإقليم على تعبئة مؤيديها وتوجيههم في هذا الصراع المحتدم ضد الخصوم، وهو امتلاكها قدرة مالية كبيرة يتم استثمارها بشكل مبرمج وتوزيعها على أفراد وأعضاء شديدي الولاء داخل صفوفهم لإدارة ومواكبة مجمل الصراعات التي يقرر الحزب خوضها مع أحزاب أخرى أو شخصيات بارزة فيها للنيل منهم ومن سمعتهم دون أدنى خشية من الملاحقة القانونية.

 

وبات الصراع في هذا الميدان مألوفا ويوميا إلى حد كبير، إذ يلجأ الطرف المستهدف فيه أيضا لنفس المنابر المتاحة في مواقع التواصل وكافة وسائل الإعلام الجديد نفسه للرد على الخصم وتشويه صورته والتأثير على الرأي العام بشأنه.

 

ونجحت الأحزاب في خلق رأي عام وتحريك جماهيرها عبر وسائل التواصل بعيدا عن المهنية والمعايير الأخلاقية وبدون اللجوء إلى ماكنتها الإعلامية الرسمية كما يقول رئيس تحرير الموقع الرسمي لحركة التغيير الكردية آزا إبراهيم.

 

وقال إبراهيم للجزيرة نت إن “التغييرات التي شهدتها هيكلية الأحزاب السياسية خلال الفترة الأخيرة وظهور جيل جديد أديا إلى تغيير شكل الصراع بين مؤيدي الطرفين من المواجهة المباشرة إلى بناء رأي عام ضد الآخر عبر التواصل الاجتماعي”.

 

الربيع العربي

وقد انعكس الربيع العربي الذي انطلق عام 2011 على الوضع العام في كردستان العراق وأحدث تغييرا شاملا فيها، وجعلها من أكثر البيئات المتأثرة بمواقع التواصل كما يرى الصحفي المستقل إحسان ملا فؤاد.

 

ولو لم يكن لبعض الدول الإقليمية والقوى الكبرى تدخل واضح في الوضع العام بكردستان العراق -حسب ملا فؤاد- لشهد الإقليم اقتتالا داخليا تحت تأثير مواقع التواصل التي باتت تشكل تهديدا على المجتمع الكردي أخطر من الذي شهده منتصف التسعينيات من القرن الماضي، واصفا ذلك بـ”إرهاب تجاه الآخر” ساهم في هدم الأسس والمبادئ العامة للمجتمع وتحويل الأفراد الى أعداء فيما بينهم.

صلاح حسن بابان

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular