الحصار الاقتصادي وما يخص البرنامج النووي مأساة يعيشها الشعب الإيراني، العراقيون يعرفون جيداً من خلال تجربتهم المرة كارثة الحصار الاقتصادي ضد الشعب انه ليس حصاراً على الطغمة الحاكمة وهرمها صدام حسين لانهم لم يتأثروا به واستأثروا بكل الخيرات والرفاهية مثلما حال أي اباطرة في التاريخ، فالحصار ليس بلعبة للمرح او قضاء الوقت الممل، الحصار يعني تجويع الشعب حتى موتهم البطيء على مراحل، يعني الامراض والاوبئة والعاهات الاجتماعية ، الحصار ينتج زيادة الأسعار وبخاصة في النواحي الغذائية والمعيشية المرتبطة بغالبية الفقراء والبطالة والعوز وتصاعد وتيرة الفساد والجرائم بمختلف أنواعها واشكالها، ثم هناك نتائج مدمرة ملموسة ليس على الأوضاع الحالية فحسب بل على المستقبل القريب والبعيد، وهذه المؤشرات دليل دامغ على سياسة الحصار الاستعماري المدمرة وهي مرفوضة تحت أي حجة او ادعاء لأن هدفها تجويع الشعب وتسمين الحكام المسؤولين، ومثلما اشرنا حول المثل (العراق) في عهد الحكم الدكتاتوري، ونرى اليوم واقع الامر وما يجري في ايران وكيف تدرج الحصار الاقتصادي سلبا على حياة المواطنين الإيرانيين من ” موظفين وكسبة وعمال وفلاحين وكادحين وأصحاب الدخل الضعيف وبصراحة على الفقراء والعاطلين عن العمل وزيادة في التعقيد انتشار جائحة فيروس كورونا والنتائج السيئة التي ظهرت بسبب هذا الانتشار ” وقد وطالب نواب النظام الإيراني رئيس الجمهورية حسن روحاني ونشر الطلب في وكالة (فارس) ـــ توضيح أسباب زيادة أسعار المواد المعيشية وما لحق بالعملة الإيرانية من انخفاض لم تشهده من قبل وعن ازمة السكن وكذلك استفسارات حول الاتفاق النووي الذي يتعنت حكام طهران بالمضي لتخصيب اليورانيوم لتصنيع القنبلة النووية بهدف التهديد وتأجيج الصراعات وزعزعة الاستقرار النسبي للأوضاع والتهديد بالحرب الذي تقف بالضد منها شعوب المنطقة والعالم لما لها من كوارث ومآسي على حياة الملايين في الحاضر والمستقبل، ومخاطر البرنامج النووي الإيراني لا تقتصر على صنع القنبلة التدميرية فحسب انما تتجاوز اهداف التصنيع بحجة الدفاع عن النفس لأن حكام ايران يصرحون باستمرار حول تدمير إسرائيل ومسحها من الوجود وهي حجة واهية غير منطقية فهؤلاء الحكام يعرفون جيداً ان التحرش النووي بإسرائيل سيقابله ردع نووي ان كان من حكام إسرائيل او حلفائها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكية وسيكون الخاسر الأكبر هو الشعب الإيراني وشعوب الدول المجاورة وحتى البعيدة ، وحكام طهران يدركون ان الردع لن يكون محصوراً بمساحة جغرافية محددة لأنه سيمتد الى ابعد ما يكون ويشمل دول وشعوب المنطقة فضلاً عن تدمير واسع للموجودات البشرية والحيوانية والنباتية وتلوث واسع للأنهار والبحار ولمساحات جغرافية واسعة… الخ ، اذن التفكير الحقيقي لحكام طهران هو التهديد وتوسيع نفوذهم في المنطقة..
اولاً: سعي حكام إيران لبناء قوة عسكرية بدءً من تخصيب ا اليورانيوم حتى تصنيع القنبلة النووية لتهدد دول وشعوب المنطقة مع هدف التوسع وتصدير الثورة بحجة الإسلام دون أي اعتبارات لخصوصية وظروف المجتمعات في دول المنطقة.
ثانيا: التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار ومنها العراق والخليج وسوريا ولبنان واليمن وأجزاء أخرى من الوطن العربي.
ثالثاً: توجه طائفي عدواني ضد المكونات الأخرى ولكن تحت طائلة شعارات الدفاع عن الإسلام او تبني شعارات مغلفة بالوطنية وقومية ضد إسرائيل والشياطين على الأرض.
لكن المشكلة الكبرى في العقلية المتناقضة لحكام طهران، فهم يدركون حتماً مدى الاخطار المحدقة بالشعب الإيراني الصديق لكنهم يتناسون معاناته، ويدركون ماذا يعني الحصار الاقتصادي ونتائجه المدمرة، لكنهم يتغاضون بالتصور الساذج ان الجماهير الجائعة والفقيرة والمحرومة من ابسط الحريات سوف تشبع بالشعارات مع احترامي للحسين والأئمة المعصومين والشعارات الدينية او الطائفية لكن الحقيقة على الرغم من قساوتها هم يستغلون الدين والطائفية وأسماء دينية غير قليلة لتحقيق مآربهم ومخططاتهم الهادفة الى اخضاع المواطنين، إيران تعيش ازمة شاملة في مقدمتها الازمة الاقتصادية والمعيشية التي تدمر حياة عشرات الملايين الإيرانيين وتدفعهم للفقر والفاقة والعوز والبطالة وتفشي الامراض الاجتماعية والوبائية وهذه الازمة تتحمل مسؤوليتها
1 ــــ الحكومة الإيرانية وسياستها الداخلية المبنية على الاضطهاد والقمع وتقييد الحريات الشخصية والعامة، والخارجية غير الحميدة في ظروف عالمية تختلف عما سبق حيث أصبح القطب الواحد يتحكم بشراسة وعدوانية ويحتاج الى المرونة المبدئية بدلاً من العنجهية والتخبط والتطرف والالتزام بالقواعد الدولية والقوانين المرعية التي تقف بالضد من التدخل في الشؤون الداخلية لبلدان اخرى
2 ـــ عدوانية الولايات المتحدة الامريكية وعقوباتها والحصار الاقتصادي بالضد من الشعب الإيراني الصديق، وعموم سياستها التي تسعى للهيمنة والتسلط وفرض الامر الواقع على الدول والشعوب الرافضة للسياسة الاستعمارية العدوانية.
لقد اثبتت الحياة بما لا يقبل الشك ان النتائج التي تحصدها إيران من خلف سياستها منذ الثورة الإيرانية عبر الفشل في جميع المرافق الحياتية الا اللهم في مجال التطور في الأسلحة بما فيها الصواريخ المختلفة ثم تقوية الماكنة العسكرية للحرس الثوري وفيلق القدس، وعندما نحصد اثار جائحة كرونا نجد الطامة الكبرى لما يجري على الشعب الإيراني الصديق بسبب عدم جاهزية المرافق الصحية والخدمية بشكل جيد لان جائحة كرونا تكاد تؤثر على اكثرية المناحي الحياتية وفي مقدمتها الوفيات الكبيرة ثم طمس للنتائج الحقيقية التي تخفيها الحكومة الإيرانية والمراكز الصحية بما فيها وزارة الصحة، كما نلاحظ التفجيرات الأخيرة التي ضربت العديد من المؤسسات الصناعية وبخاصة في مجال عمليات تصنيع ” أجهزة الطرد المركزي المتطورة لإنتاج اليورانيوم المخصّب” فحادثة ” مبنى بمجمّع (نظنز) النووي في طهران وسط البلاد خلّف “أضراراً مادية جسيمة” وغيرها من الحوادث دليل قوي على المعارضة للبرنامج النووي وهو ايضاً لاحتمال تدخل القوى الخارجية ليبطئ عمليات التخصّيب وبخاصة إسرائيل التي تخشى من وتصنيع قنبلة نووية مع تهديدات ايران المستمرة في” الظاهر!!” لتدمير إسرائيل، وتخفي الحكومة الإيرانية نواياها في هذا الخصوص على الرغم من انها ” تشدّد على أنّها لا تعتزم صنع قنبلة نووية كما تتّهمها بذلك الولايات المتحدة وإسرائيل” ، لكن لا يعفي ما تخطط له ايران بتواجد الحرس الثوري وفيلق القدس العسكري في سوريا وغيرها والمحاولات لإنشاء قواعد عسكرية بالقرب من الحدود الإسرائيلية التي تقوم الطائرات الإسرائيلية في كل يوم بقصفها لتلحق بها وبالحرس الثوري وفيلق القدس الإيراني وقوات حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية التابعة لإيران التدمير والقتل ، لقد أدت مجمل سياسة ايران الى نتائج سلبية على حياة الشعب الإيراني بما فيها مخاطر الحرب والتدخل الخارجي فضلاً الى ما لحق من انتكاسات وتراجعات في الأوضاع الاقتصادية والصناعية والعملة الوطنية وهو باعتراف صريح من قبل رئيس الجمهورية حسن روحاني الذي اكد على ان ” “الحرب الاقتصادية التي يشنها العدو وتفشي فيروس كورونا جعلا الشعب يعاني من صعوبات ومشاكل وأن العدو، وعبر شن حرب نفسية معقدة وفرض الضغوطات الاقتصادية، يحاول إفشال تجربة الاقتصاد غير النفطي في إيران ” ونحن بدورنا نؤكد باستمرار، أن سياسة التخبط والعدوانية ومحاولات التدخل في شؤون الغير بما فيها تبني سياسة تصدير الثورة ثم السياسية غير الحكيمة للوضع الاقتصادي والمعاشي والاجتماعي سوف يؤثر بما لا يقبل الشك على افشال تجربة ” الاقتصاد غير النفطي ” لان ايران وبخاصة الشعب الإيراني الصديق يحتاج الى السلم والأمان والتوجه للبناء وبخاصة حياة المواطنين من جميح المناحي الحياتية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما فيها افساح المجال للحريات والتوجهات الديمقراطية ومنح حقوق القوميات المكونة للشعب الإيراني ، ان تحويل السياسة الإيرانية نحو تحقيق الرفاهية للشعب الإيراني بما فيها إقامة علاقات حسن جوار مع الدول المحيطة واعتماد اهداف السلم وعدم التهديد والعنجهية سوف تكون ايران في مقدمة الدول التي تبني دولة مدنية وطنية وديمقراطية، وليس السعي للحصول على السلاح النووي وتطوير القدرات الصاروخية الهائلة التي تهدد بها دول المنطقة والعالم.