المصيبة ليس في ظلم الأشرار بل في صمت الاخيار. هذا القول المأثور للقس الامريکي المشهور مارتن لوثر، يبدو من الواضح جدا إنه صار يعمل تأثيره ومفعوله في المجتمع الدولي رغم إنه ليس لحد الان بالمستوى المطلوب والمناسب في ذلك الظلم الکبير الذي لحق بأکثر من 30 ألف سجين سياسي من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق تم إعدامهم في غضون أقل من 3 أشهر لمجرد کونهم يٶمنون بمبادئ مجاهدي خلق.
مجزرة صيف عام 1988، عندما قام نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بتنفيذها بمنتهى السرية، فإنه قد ظن بأن جريمته هذه ستمر مرور الکرام من جهة وستٶدي دورها وتأثيرها المطلوب على المنتمين لمنظمة مجاهدي خلق وتجعلهم يبتعدون عن المنظمة لکي ينجوا بأنفسهم من الخطر المحدق بهم من جانب النظام، لکن الذي أصاب النظام بصدمة کبيرة هو إن الجريمة لم تمر بسلام کما کان قد تم التخطيط لها، کما إنها لم تحقق الاهداف والغايات المرجوة من وراء إرتکابها، ومع ملاحظة إن النظام الايراني قد إستفاد کثيرا من الظروف والاوضاع الدولية السائدة عشية إرتکابه للجريمة وتمکن من التستر والتغطية عليها مستفيدا من علاقاته الاقتصادية والتجارية مع البلدان الغربية، لکن المشکلة التي واجهت هذا النظام هي إن منظمة مجاهدي خلق لم تلتزم الصمت وإستمرت وبصورة ملفتة للنظر في إثارة هذه الفاجعة الانسانية الفظيعة وتسلط الاضواء عليها دونما کلل أو ملل وإن الذي أصاب النظام بالقلق والتوجس والاحراج هو حملة المقاضاة التي قادتها زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي في عام 2016، بشأن تلك المجزرة وطالبت فيها المجتمع الدولي بالتحرك من أجل محاسبة القادة والمسٶولين المتورطين في النظام بتلك الجريمة وبطبيعة الحال فإن قلق وتوجس النظام کان في محله لأن الاوساط والمحافل الدولية باتت تلتفت الى هذه الجريمة الدموية ولاسيما بعد تلك التفاصيل المأساوية التي تم الاعلان عنها خلالحملة المقاضاة.
الموقف الرسمي الذي أعلنت عنه وزارة الخارجية الامريکية بشأن هذه المجزرة والمطالبة بتشکيل لجنة دولية للتحقيق بشأنها والموقف الرسمي الکندي الداعي لإدانة النظام الايراني بسبب إرتکابه هذه الجريمة، وماقد أعلنت عنه منظمة العفو الدولية من حقائق مروعة بشأن تلك الجريمة المروعة ومطالبتها بملاحقة المتورطين فيها، يبدو إنه أثار کثيرا من غيض وحنق النظام الايراني فبادر الى شن هجوم ملفت للنظر على منظمة العفو الدولية بسب قيامها بالكشف عن الحقائق الى جانب إنها ومنذ البداية إعتبرت هذه المجزرة بمثابة جريمة ضد الانسانية ولابد من محاکمة قادة النظام عليها، وإن الحملة الاعلامية غير العادية التي تشنها وسائل إعلام النظام وأوساطه السياسية ضد منظمة العفو الدولية ، تبدو في حقيقة وواقع الامر بمثابة محاولة بائسة وغير مجدية من أجل التهرب من المسٶولية، خصوصا وإن آثار ەتبعات وتداعيات هذه الجريمة ليس تطارد النظام فقط وإنما تتجسد له ککابوس لايمکن الخلاص منه.