إنني كمواطن كوردي أبسط من بسيط، سبق لي كتبت مقالاً ناشدت فيه مرجع الشيعة الأعلى السيد (علي السيستاني) كي يناصر الشعب الكوردي المضطهَد حصراً وتحديداً في مدينة كركوك الكوردية المغتصبة، التي تعرضت في زمن حكم حزب البعث المجرم لسياسة التعريب الممنهج، والآن أيضاً تتعرض من قبل السلطة الشيعية، للتعريب، والتطهير العنصري المقيت، وذلك بأمر من الجهات الشيعية المتسلطة في بغداد لاستيطان الأعراب فيها بفوهات البنادق. لكن السيد لم يحرك في حينه ساكناً في هذا الأمر الهام المتعلق بحياة آلاف العوائل الكوردية، ولا زالت الأحزاب والتيارات الشيعية الحاكمة في بغداد ترسل أعداداً هائلة من المستوطنين الأعراب من جنوب وغرب العراق إلى مدينة كركوك الكوردية السليبة، وتستولي عنوة على دور وأراضي الكورد، وتستوطنهم فيها رغماً عن أصحابها الشرعيين الكورد.
عزيزي المتابع، منذ عقود مضت ونحن نقرأ في بواطن كتب التاريخ القصص المشوقة وهي تتحدث عن مقارعة الإسلام للباطل، للغاصب، قولاً وفعلاً، ونصرته، واستصراخه للحق المبين. ومما قرأنا في هذه الكتب المعتمدة وصية الإمام (علي بن أبي طالب) لولديه الحسن والحسين (ع) حين أوصاهم بمقارعة الظلام والطواغيت، واختصرها بجملة ذهبية رائعة: كونا للظالم خصماً وللمظلوم عونا. لكن السؤال هنا، أين أنتم يا مراجع الشيعة من هذا الذي يخص الشعب الكوردي المسلم؟! هل استصرختم الحق وأصبحتم للمظلوم الكوردي عونا كما أمر إمامكم الأول (ع)؟! أنا على يقين تام، لو بعثتم قصاصة ورق للسلطة الشيعية الحاكمة في بغداد عندها لم يجرؤ محافظ كركوك بالوكالة، ذلك المستوطن العربي المدعو راكان الجبوري، ومعه الحشد الشعبي…، وكذلك الجيش العراقي… المحتل لكركوك، أن تقوم على طريقة المجرم اللعين صدام حسين بطرد العوائل الكوردية من دورها وأراضيها الزراعية وتستولي عليها وتمنحها للمستوطنين الأوباش، الذين جيء بهم من صحارى جنوب وغرب العراق، وذلك لهدف عنصري مقيت إلا وهو تغيير ديموغرافية مدينة كركوك الكوردية الكوردستانية عبر التاريخ. سيدنا الكريم،كما تعلمون، ليس فقط كركوك السليبة تتعرض للتعريب العنصري واضطهاد الكورد فيها بشكل وحشي، بل أنهم يقومون على مدار الأيام والأعوام بتغيير ديموغرافية المدن الكوردية الأخرى، بدأً من مدن بدرة وجصان ومروراً بمندلي وورازرو المستعربة إلى (بلدروز) وخانقين وشهربان المستعربة إلى (مقدادية) وخسرو آباد المستعربة إلى (سعدية) وجلولاء وشنگاڵ المستعربة إلى (سنجار) الخ الخ الخ، بلا أدنى شك، وكما أسلفت، أن كل هذه المدن المغتصبة عراقياً معروفة لديكم بالاسم واحدة بعد أخرى. يا سيدنا، إن المراجع الشيعية وفي مقدمتهم حضرتكم قد تكون قارئ هذا المقال لقد أفتيتم في أموراً كثيرة أقل شأناً مما تجري في كركوك من اعتداءات وجرائم دنيئة تقوم بها أناس أدنياء من المستوطنين والجهات الشيعية التي أشرنا لها أعلاه ضد أبناء الشعب الكوردي المسلم والمسالم. السؤال هنا، لما لا تفتوا ضد هؤلاء الأوغاد، الذين يغتصبون بيوت وأراضي الكورد، وتحرموا عليهم كما يقول الإسلام صومهم وصلاتهم التي يؤدونها على أراضي الكورد المغتصبة من قبل هؤلاء عديمي الذمة والضمير، الذين يسيئون إلى سمعة الشيعة والتشيع؟!. بلا شك، إنكم تعرفون قبل غيركم، إن الأرض المغصوبة هي تلك الأرض التي سلبت من مالكها ظلماً وقهراً بغير وجه حق، وغصب الأرض كما يقول الإسلام حرام، ولو كانت لبناء مسجد عليها. دعني أقوله لكم بكل صراحة و وضوح، لو ثار الكورد ضد الاحتلال العراقي لكركوك وغيرها من مدن وقرى الكورد وكسر قيد الاحتلال العراقي البغيض لنصف أراضي جنوب كوردستان ما كنا نتوجه إليكم بهذه الرسالة الملحّة، ونطلب منكم أن تقوموا بواجبكم الشرعي تجاه شعب مسلم ومسالم يُعتدى عليه من قبل من يدعون الإسلام، ويدعون أنهم يمثلون شعب مسلم آخر ينتمي لأهل بيت النبوة، ونحن هنا نذكر كلام الله جل وعلا: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. هنا نتساءل، هل أن غصب بيوت وأراضي الكورد في كركوك من قبل المستوطنين العرب أمر بالمعروف؟!، أم هو المنكر بعينه؟ وواجب على المسلم المحمدي والعلوي أن يوقفه بيده حتى يكون عبرة للمستوطن البدوي الأعرابي الذي قال عنه القرآن: الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله. سيدنا، فيما يتعلق جانباً منه بهذا الأمر، هناك نفر من كورد الجنسية، ليسوا من الحزبين الحاكمين في إقليم كوردستان، أنهم لا يتعدون على عدد الأصابع في القدمين، لقد كذب هؤلاء الأوباش في الانتخابات الاتحادية التي أجريت عام 2018 على الشعب الكوردي في جنوب كوردستان، فلذا اغتر بهم الشعب ومنحهم صوته، وبعثهم إلى بغداد لكي تمثلهم في البرلمان الاتحادي، لكنهم خانوا الأمانة والعهد، واستغلوا موقعهم كممثلين للشعب الكوردي وارتضوا لأنفسهم أن يكونوا مطية بسعر بخس إلى بعض الجهات الشيعية الحاكمة في بغداد، التي تعادي الكورد وكوردستان ولا تريد لهم الخير. سيدنا، إن هؤلاء الذين أغرتهم الجهات الشيعية بالمال العراقي المنهوب، تنفيذاً لأوامر تلك الجهات التي اشترتهم قاموا من خلال وسائل الإعلام الصفراء ببث الإشاعات الكاذبة ضد حكومة الإقليم التي استعبطت بعض السذج من الصبية والشباب الجاهل في بعض المدن الكوردية في محافظة السليمانية حتى يقوموا بأعمال الشغب والتخريب ضد مقرات الأحزاب الكوردستانية والمؤسسات الحكومية التابعة لحكومة الإقليم وعلى أثرها حدث ما حدث، وكان الهدف الأول والأخير من وراء هذا التخريب أن يجعل الأحزاب الشيعية الفاشلة المتربعة على دست السلطة في بغداد تقول للشعب العراقي المنتفض ضدهم في العاصمة بغداد ومدن الجنوب الشيعي انظروا أن الوضع الأمني والجماهيري والاقتصادي في إقليم كوردستان لا يختلف عما هو عليه في بغداد ومدن الجنوب العراقي. التي تفتقد إلى أبسط الخدمات، والتي تغرق في المياه الآسنة.
الذين نريد أن نقوله في نهاية هذا المقال، الذي مداده الدم والدموع، أن الواجب الشرعي يحتم على كل رجل دين أن كان شيعياً أو سنياً، أن كان شيخاً أو سيداً،أن كان آية الله العظمى أو آية الله فقط، أن كان حجة الإسلام والمسلمين أو حجة الإسلام فقط، أو كائن من كان واضع على رأسه تاج رسول الله بأسوده وأبيضه، يجب عليه، أن لا يسكت قط على الظلم الأسود الذي يتعرض له المواطن الكوردي في عموم الأراضي الكوردية التي لا زالت تخضع لسلطة بغداد، وعلى وجه الخصوص مدينة كركوك المغتصبة من قبل العرب… لأن الإسلام يقول صراحة ودون مجاملة: الساكت عن الحق شيطان أخرس، والناطق بالباطل شيطان ناطق.
” لا تنم على غلّ ولا تصبح على شه
اللهم أني قد بلغت اللهم فاشهد.
13 12 2020