ثمة سجايا وخصال تتميز بها شخصية رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، كثيرة، ليس اقلها الحزم والإقدام، فضلاً عن نزعة السلم والإبتعاد عن الدم، والتعطش للأزمات، ولكن برأينا المتواضع، أن الكاظمي يمتلك حاسة التقييم، والقدرة على انتقاء افضل الخيارات، بحيث يملك الرجل قدرة قراءة الأحداث من منظورها الخفي ( وهذا سر العمل المخابراتي)، لذا فأنهُ يُنعش الآن مؤسسات الدولة الأمنية بالكثير من القادة الأكفاء، استناداً لذلك الحس التقييمي المبني على قاعدة رصينة.
نسوق هذه المقدمة، لنعرج على قرار رئيس مجلس الوزراء، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، باختيار الفريق الدكتور الحقوقي، أحمد أبو رغيف وكيلاً لشؤون الاستخبارات في وزارة الداخلية، عقب تفجيرات ساحة الطيران الدامية.
ولا نريد التعرض لصفات ابو رغيف ولا لدوره السابق في بناء وزارة الداخلية، والذي يعد من ابرز مؤسسيها بعد 2003، وأبرز صانعي القرار الأمني فيها، وهنا نتحدث عن سنوات (النار والدم)، حين كانت اظافر القاعدة الغاشمة تنشب في جسد الوطن، وكانت القاعدة وابناؤها يعملون في السر والعلن، ويغتالون من يغتالون، ويهجرون من يهجرون، والحرب “شغالة على 24 قيراط”، فكان هذا الرجل بزيه المدني وبهيئته البارزة والمهيبة، يصول ويجول مع (مجموعته) الباسلة تلك في مطاردة هذه ” الخفافيش” التي كانت أخطر من خفافيش ووهان سيئة الصيت، حيث كانت فيروسات الموت تتسرب الى الشوارع، رؤوس مقطوعة، واشلاء متناثرة، فكان ( عقار الفريق ابو رغيف) العلاج الشافي والماحق لهذه الخفافيش، التي عرفت معه اياماً صعبة وعصيبة، الى أن أخمد نار فتنتها، وهدً خلاياها النائمة، ودمر بنيتها ببأس شديد.
من زامن هذا الفريق في مهامه الأمنية حتى 2014، سيعرف أي مهمة وطنية تحملها الرجل، وأي عمل جبار قام به ومعه ثلة من ضباط ومنتسبي مديرية الاستخبارات، وكيف تصدوا لأخطر عصابات فاتكة، وكيف سوروا الوطن بأسوار عالية، لو لا انتكاسات السياسة، والأعيب الخارج والداخل، لما تمكن “داعش” ان يدنس شبراً من أرض العراق.
حين وقعت تفجيرات الطيران المؤلمة، كلنا هتفنا مع انفسنا وفي مقاهينا وبيوتنا، “في الليلة الظلماء يفتقدُ البدر”، وكنا نستذكر مشاهد الفريق ابو رغيف وهو يحمل مسدسه الشخصي، متقدماً رهطه الباسل، مداهماً الخلايا النائمة، وأوكار الجريمة المنظمة، وكيف كان الرجل يصنع أمناً حديدياً لا تخترقه تلك الفيروسات الخبيثة.
هنا يمكننا أن نشير الى أن ثمة استجابة، أو لنقل توارد افكار عجيب حدث، فمثل ما فكرنا واستذكرنا، كان القائد العام للقوات المسلحة يكتب مذكرته أو قراره الصائب بإعادة هذا ” المقاتل” لموقعه المناسب، فبعد أن كلفه بمحاربة حيتان الفساد والجريمة الاقتصادية التي تدمر بنية الوطن، وتهز اسس الدولة، ها هو يعيده لأن يكون مهندس الأنتصارات، وصانع الضربات الإستباقبة، وهنا انتظرنا ان تُمطر سماؤنا خيراً وانتصاراً.
فكان ” أول الغيث رأس والي الجنوب القائد الغربباوي، المسؤول الأول عن مجزرة ساحة الطيران، وثانيه رعباً بثه في أوصال شبكات داعش المحيطة بالعاصمة..
لقد كان قرار الخبير المخابراتي مصطفى الكاظمي بإختيار ابي رغيف لهذا المنصب، شجاعاً وجريئاً، نظراً لكون ابو رغيف قد غادر العمل الميداني المكافح للإرهاب والجريمة منذ سنوات عدة، ناهيك عن أن الرجل يشغل الان مسؤولية خطيرة ، بل هي اخطر المسؤوليات في ماكنة المكافحة للفساد والجريمة، لكن الكاظمي لم يهتم لكل هذا، فإتخذ قراره، وكان نعم القرار.