الكاتب المغدور بكاتم الصوت ( علاء المجذوب ) الذي اغتيل بدم بارد ب 13 رصاصة من كاتم الصوت , كل جريرته أنه أنتقد الدور الإيراني بالتدخل بالشؤون الداخلية للعراق بشكل سافر , فكان الجواب هو الاغتيال في عتبة باب داره وفي وضح النهار , منذ اكثر من ثلاثة سنوات والقاتل مازال طليقاً وحراً يواصل مهنة الاغتيال . هذا الاغتيال أنذاراً موجهاً لكل من ينتقد إيران, صادر من المليشيات التي تعتبر أيران تحمل العصمة المقدسة . والروائي ( علاء المجذوب ) شخصية معروفة في الوسط الثقافي والادبي , له مساهمات مبدعة في الشأن العراقي , في السرد الروائي في فن الرواية الحديثة , تتناول المراحل السياسية السوداء والبغيضة قديماً وحديثاً . وهذا المتن الروائي يتحدث , عن الفترة قبل الاحتلال الامريكي وبعده . من زوايا المتعددة في الشأن السياسي والاجتماعي , ويغوص الى الاعماق في دقائق وتفاصيل بذور الانتهازية حتى اصبحت أشجاراً عملاقة بالتفاصيل التي رافقت فترة ما بعد الاحتلال , بالتوثيق الروائي والسياسي في سايكولوجية الانتهازية ومراحل تطورها على الخراب العراقي . التي صاحبت نهج الاحزاب الدينية التي جاء بها المحتل وسلمها مفاتيح العراق , لتدوس في بساطيلها على رؤوس العراق والعراقيين , لتلعب على تقرير مصيرهم وحياتهم , وفق ما تريد وترغب , بعدما اتخذوا من العراق مغارة ( علي بابا ) في النهب والفساد , وسرقوا البلاد والعباد , بمهارات شيطانية فذة في الاحتيال والاختلاس . في بيع مؤسسات الدولة واملاكها وعقاراتها . أو سرقة أموال المشاريع والصفقات والعقود منها عقود صفقات الكهرباء , التي ضخت لها ماكنة خرافية من الاموال , والتيار الكهربائي يشهد تراجعاً الى الوراء , بانقطاع ساعات طويلة للتيار الكهربائي , ورغم ضخ الاموال الخرافية فأنها لم تنتج وحدة انتاجية للطاقة الكهربائية , مما ظل المواطن يعاني من انقطاع التيار الكهربائي في عز قيظ الصيف الملتهب بنيرانه الساخنة لساعات طويلة , . ان النص الروائي يتابع ويرصد ويراقب عن كثب سلوك هذه الاحزاب الدينية لطريقة اسلوب حكمها ,بين الشعارات الدينية البراقة في الايمان والتقوى والنزاهة , وبين النفاق السياسي الداعر بالفساد . الذي عطل ماكنة الدولة وقادها الى الخراب , يوثق جمله من ألاحداث العاصفة التي مرت على العراق , من مرحلة الحروب , الى مرحلة الحصار الدولي , الى مرحلة الاحتلال ومابعدها , والتي تصدرت قمة المآسي والكوارث , في هذا الاحتلال البغيض الذي ( أحدث تغييراً اًستراتيجياً في العراق وحياة العراقيين . أنه ببساطة أحتل من قبل أعتى دولة في العالم ) ص83 . وجلب الديموقراطية التي تحولت الى ديموقراطية الدم , والانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات , ماهي إلا مهزلة صورية مزيفة , كل ما في الامر , تتتفق الاحزاب الحاكمة على المقاعد البرلمانية بالتقسيم الحصص سلفاً لتنتج مخلوقات فاسدة في البرلمان ( أعلب النواب عبارة عن بالونات ملونة , وقد سرقوا أموال الشعب والبلد ) ص231 , وما لعبة الانتخابات إلا مهزلة , لذر الرماد في العيون رأي العام الداخلي والخارجي . لان الاحزاب الدينية كل اهتمامها وانشغالها بالفساد المقدس والسحت الحرام المقدس , على نهب أموال خزينة الدولة . وترك الشعب تحت رحمة الارهاب والتفجيرات الدموية والانفلات الامني والفقر . والغريب ان تصادف هذه الاحداث في اشهر رمضان . وخصص لها المتن الروائي ست رمضانيات بالاسماء والالوان والمعاني البارزة وهي :
1 – رمضان أصفر .
2 – رمضان أخضر .
3 – رمضان بلون صدر الحمام .
4 – رمضان يشبه الاخرين .
5 – رمضان العراق الجديد .
6 – رمضان ليس الاخير .
هذه الرمضانيات تتراكم في فصولها على خنق العراق بالفساد وافقار الشعب , بحرمانه من نعم اموال موارد النفط , التي تذهب حصة الاسد الى الاحزاب الدينية , ونجدها تتنازع وتتطاحن بالخلافات حتى لعلعة الرصاص بينها , بسبب ان حزب ما حصد اكثر حصة مالية من الاخر . او حصد المناصب والمشاريع والعقود الوهمية أكثر من الاخرين . او زج المقاولين من بطانته الحزبية دون غيرهم , للنهب والسرقة اكثر من اللازم . يعني الخلافات على المغانم المالية , مما تؤثرسلباً على الوضع الامني الهش , وحتى بعض هذه الاحزاب هي نفسها تلجأ الى التفجيرات الدموية في الاماكن والاسواق المزدحة بالناس , كعامل ابتزاز ومقايضة برفع سقف مطاليبها الى الاعلى , اي مقايضة ملف الامن بالمال . أن الاحزاب الدينية في نهجها ترسخ الفساد السياسي والاخلاقي , وتعتبر بيوتها الاخطبوطية , عصابات مافيوية بأمتياز في أبتلاع البلاد ,
× احداث المتن الروائي :
شخصية ( جبار ) المحورية في الحدث الروائي مع عائلته المتكونة من ( الاب والام والاخوان , عادل , حسون. ناهض . خالد , وشقيقتهم صباح ) وجبار يمثل المثال الساطع على تطور الانتهازية من مراحلها الاولى الى اقصى مراحلها المتطورة . بزواجه من ارملة غنية طمعاً في المال والارث المتوفي , وزواجه الثاني من زوجة شقيقه ( عادل ) الذي توفي في حادث مرور , وترك ارث مالي محترم , فتحت شهيته على زواج ارملة شقيقه المتوفي طمعاً بالمال , ولكن تحت غطاء صيانة العائلة والشرف والعرض . وزواجه الثالث من ( سلوى ) حين وصل الى قمة اشكال الانتهازية وتبدلت احواله الى البذخ المالي المجنون , فلابد ان يغيير حياته بالزوجة الجديدة في عشرينيات العمر , بداية اول صعوده السلم , حشر نفسه في حزب ديني وبالتملق والنفاق والانتهازية , فاز في عضوية مجلس المحافظة , لكن هذا لم يشبع طموحه الانتهازي حتى اصبح في مركز حزبي متقدم , رئيس فرع الحزب في محافظته . ثم حصل على مقعد في البرلمان وأصبح بعد ذلك صوت الحزب المسؤول عن صرماية والاموال التي تدر من الصفقات والعقود ومن المشاريع الوهمية . حتى جلب شقيقه ( حسون ) في ادارة المقاولات والمشاريع ليساعده على الخمط والنهب . وجلب ايضاً شقيقته الارملة ( صباح ) وحصلت على مقعد في البرلمان , لكن لم يشبع طمعها وجشعها فطالبت بحقيبة وزارية وناطحت في الحصول عليها , لكن ساومها شقيقها ( جبار ) بدلاً من الحقيبة الوزارية , ان تكون مسؤولة اللجنة القانونية في البرلمان , وعبر لجنتها القانونية تملك صلاحيات واسعة في الاقرار والرفض المشاريع والقوانين المقدمة الى اللجنة . وهي تعتبر عش الفساد المالي , وشكلت اللجنة قانونية من الموظفين , وانجذبت في علاقتها مع موظفها ( توفيق ) وطرحت عليه الزواج مقابل فتح مغارة ( علي بابا ) وان يشكل جمهورية مالية كبيرة مثل جمهوريات الفساد الاخرى , وبهذه الاغراءات الخيالية وافق على الزواج . هذه فنتازيا الفساد للاحزاب الدينية التي آمنت بقدسية في مبدأ ( ميكافيللي ) الغاية تبرر الوسيلة . في السلوك في الفساد الاخلاقي والسياسي . فأصبح لكل حزب ديني امبراطورية مالية واسعة الاطراف كالاخطبوط . بهذا النهج اصبحت اكثر ظلماً وفساداً من اسلافهم . ومن اجل خنق الاصوات المعارضة , مارست أسلوب الارهاب الفكري وقمع الحريات بالتهديد بالقتل والاغتيال والبطش والتنكيل , ولابد من الاشارة المهمة والهامة . بأن الكاتب الشهيد ( علاء المجذوب ) كأن قد حدس وبصر مصيره وتوقع اغتياله برصاصات عمياء من كاتم الصوت من مرتزق جاهل. ضمن خنق الحريات العامة , أو بما يسمى بديموقراطية الدم ( لم يدور في حسابي أن أموت مبكراً , أو يتم يتم أغتيالي بطلق ناري أعمى من مغفل لا يفقه من الدين إلا قشوره ) ص118 . وهذا فعلاً ما حصل وذهب مع قافلة مئات الشهداء . فأصبحت الاحزاب الدينية معزولة منبوذة وبغيضة من الشعب ( الاحزاب المسيطرة على الحكومة المركزية . التي وعلى مدى سنوات المنصرمة لم تقدم شيئاً أكثر من الوعود , بد أن أحاطت نفسها بكتل كونكريتية وعزلت نفسها عن الشعب ) ص107 . لقد تركوا فئات الفقراء والجياع يقتاتون على حاويات القمامة للحصول على رغيف الخبز المر في بلد غني بموارد النفط . هذه نتائج الاحتلال والقمامة التي جاء بها وسلمها رقبة العراق للذبح . ولكن الغطرسة المالية تخلق النزعات والمشاكل والازمات داخل صفوفهم . فزواج ( صباح ) لم يعمر طويلاً فقد مات ( توفيق ) زوجها بالسرطان مع شقيقها حسون الذي توفى أيضاً , في زيارة الى موقع قصف من قبل في الحرب واهمل , واصبح مكاناً خطيراً بالاشعة المتلوثة , وكان غرضهم من زيارة الموقع , من اجل سرقته وتقاسمه بينهما . وكما دب الخلاف بين ( جبار ) وزوجته الثالثة ( سلوى ) ذات العمر العشرين وهددته بالطلاق , ولم تعد تتحمله وتطيقه . وهذا رمضان ليس الاخير في الصراعات الداخلية والخارجية .