الإثنين, ديسمبر 23, 2024
Homeمقالات قراءة في رواية ( أنتهازيون ... ولكن ) على خراب العراق :...

 قراءة في رواية ( أنتهازيون … ولكن ) على خراب العراق : جمعة عبدالله

الكاتب المغدور بكاتم الصوت ( علاء المجذوب )  الذي اغتيل بدم بارد ب 13 رصاصة من كاتم الصوت , كل جريرته أنه أنتقد الدور الإيراني  بالتدخل بالشؤون الداخلية للعراق بشكل سافر  , فكان الجواب هو  الاغتيال في عتبة باب داره  وفي وضح النهار , منذ اكثر من ثلاثة سنوات  والقاتل مازال  طليقاً وحراً يواصل مهنة الاغتيال . هذا الاغتيال أنذاراً موجهاً  لكل من ينتقد إيران,  صادر من  المليشيات التي تعتبر أيران  تحمل العصمة المقدسة   .  والروائي ( علاء المجذوب )  شخصية معروفة في الوسط الثقافي والادبي , له مساهمات مبدعة في الشأن العراقي ,  في السرد الروائي في  فن الرواية الحديثة  , تتناول المراحل  السياسية السوداء والبغيضة  قديماً وحديثاً . وهذا المتن الروائي يتحدث  ,  عن الفترة قبل الاحتلال الامريكي وبعده . من زوايا المتعددة في الشأن السياسي والاجتماعي , ويغوص الى الاعماق في دقائق وتفاصيل بذور الانتهازية حتى اصبحت أشجاراً عملاقة بالتفاصيل التي رافقت فترة ما بعد الاحتلال   , بالتوثيق الروائي والسياسي في سايكولوجية الانتهازية ومراحل تطورها على الخراب العراقي . التي صاحبت نهج الاحزاب الدينية التي جاء بها المحتل وسلمها مفاتيح العراق ,  لتدوس في  بساطيلها  على رؤوس العراق والعراقيين  , لتلعب على تقرير مصيرهم وحياتهم ,  وفق ما تريد وترغب , بعدما اتخذوا من  العراق مغارة ( علي بابا ) في النهب والفساد , وسرقوا البلاد والعباد , بمهارات شيطانية فذة في الاحتيال والاختلاس . في بيع مؤسسات الدولة واملاكها وعقاراتها . أو سرقة أموال المشاريع والصفقات والعقود منها عقود صفقات  الكهرباء , التي ضخت لها ماكنة خرافية من الاموال , والتيار الكهربائي يشهد تراجعاً الى الوراء , بانقطاع ساعات طويلة للتيار الكهربائي , ورغم ضخ الاموال الخرافية فأنها لم تنتج وحدة انتاجية للطاقة الكهربائية  ,  مما ظل  المواطن يعاني  من انقطاع التيار الكهربائي في عز  قيظ الصيف الملتهب بنيرانه الساخنة لساعات طويلة , . ان النص الروائي يتابع ويرصد ويراقب عن كثب  سلوك هذه الاحزاب الدينية لطريقة اسلوب  حكمها ,بين الشعارات الدينية البراقة في الايمان والتقوى والنزاهة ,  وبين  النفاق السياسي الداعر بالفساد . الذي عطل ماكنة الدولة وقادها  الى الخراب  , يوثق  جمله من  ألاحداث العاصفة التي مرت على العراق , من مرحلة الحروب ,  الى مرحلة الحصار الدولي ,  الى مرحلة الاحتلال ومابعدها , والتي  تصدرت قمة المآسي والكوارث , في هذا الاحتلال البغيض الذي  ( أحدث تغييراً اًستراتيجياً في العراق وحياة العراقيين . أنه ببساطة أحتل من قبل أعتى دولة في العالم ) ص83 . وجلب الديموقراطية التي تحولت الى ديموقراطية الدم , والانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات , ماهي إلا مهزلة صورية مزيفة , كل ما في الامر , تتتفق الاحزاب الحاكمة على المقاعد البرلمانية بالتقسيم الحصص  سلفاً لتنتج مخلوقات فاسدة في البرلمان  ( أعلب النواب عبارة عن بالونات ملونة , وقد سرقوا أموال الشعب والبلد ) ص231  , وما لعبة الانتخابات إلا مهزلة ,  لذر الرماد في العيون رأي العام الداخلي والخارجي . لان الاحزاب الدينية كل اهتمامها وانشغالها بالفساد  المقدس والسحت الحرام المقدس  ,  على نهب أموال خزينة الدولة . وترك الشعب تحت رحمة الارهاب والتفجيرات الدموية والانفلات الامني والفقر  . والغريب ان تصادف هذه الاحداث  في اشهر رمضان . وخصص لها المتن الروائي ست رمضانيات بالاسماء  والالوان  والمعاني البارزة وهي :
1 – رمضان أصفر .
2 – رمضان أخضر .
3 – رمضان بلون صدر الحمام .
4 – رمضان يشبه الاخرين .
5 – رمضان العراق الجديد .
6 – رمضان ليس الاخير .
هذه الرمضانيات تتراكم في فصولها على خنق العراق بالفساد وافقار الشعب  ,  بحرمانه من نعم اموال موارد النفط , التي تذهب حصة الاسد الى الاحزاب الدينية ,  ونجدها تتنازع وتتطاحن بالخلافات حتى لعلعة الرصاص بينها  , بسبب ان  حزب ما حصد اكثر حصة مالية من الاخر . او حصد المناصب والمشاريع والعقود الوهمية أكثر من الاخرين . او زج المقاولين من بطانته الحزبية  دون غيرهم ,  للنهب والسرقة اكثر من اللازم . يعني الخلافات على المغانم المالية ,  مما تؤثرسلباً  على الوضع الامني الهش , وحتى بعض هذه الاحزاب هي نفسها تلجأ الى  التفجيرات الدموية  في الاماكن والاسواق المزدحة بالناس , كعامل ابتزاز ومقايضة برفع سقف مطاليبها الى الاعلى ,   اي مقايضة ملف الامن بالمال .  أن الاحزاب الدينية في نهجها ترسخ  الفساد السياسي والاخلاقي , وتعتبر بيوتها الاخطبوطية ,  عصابات مافيوية بأمتياز  في أبتلاع البلاد   ,
             × احداث المتن الروائي :
 شخصية ( جبار ) المحورية في الحدث الروائي مع عائلته المتكونة من ( الاب والام والاخوان , عادل , حسون. ناهض . خالد , وشقيقتهم صباح ) وجبار يمثل المثال الساطع على تطور الانتهازية من مراحلها الاولى الى اقصى مراحلها المتطورة  . بزواجه من ارملة غنية طمعاً في المال والارث المتوفي  , وزواجه الثاني من زوجة شقيقه ( عادل ) الذي توفي في حادث مرور , وترك ارث مالي محترم , فتحت شهيته على زواج ارملة شقيقه المتوفي طمعاً بالمال , ولكن تحت غطاء صيانة العائلة والشرف والعرض . وزواجه الثالث من ( سلوى ) حين وصل الى قمة اشكال الانتهازية  وتبدلت احواله الى البذخ المالي  المجنون , فلابد ان يغيير حياته بالزوجة الجديدة في عشرينيات العمر , بداية اول صعوده السلم ,  حشر نفسه في حزب ديني وبالتملق والنفاق والانتهازية ,  فاز في عضوية مجلس المحافظة , لكن هذا لم يشبع طموحه الانتهازي حتى اصبح في مركز حزبي متقدم  , رئيس فرع الحزب في محافظته . ثم حصل على مقعد في البرلمان وأصبح بعد ذلك  صوت الحزب المسؤول عن صرماية  والاموال التي تدر من الصفقات والعقود ومن المشاريع  الوهمية . حتى جلب شقيقه ( حسون ) في ادارة المقاولات والمشاريع ليساعده على الخمط  والنهب . وجلب ايضاً شقيقته الارملة ( صباح ) وحصلت على مقعد في البرلمان , لكن لم يشبع طمعها وجشعها فطالبت بحقيبة وزارية وناطحت في الحصول عليها , لكن ساومها شقيقها ( جبار ) بدلاً من الحقيبة الوزارية , ان تكون مسؤولة اللجنة القانونية في البرلمان , وعبر لجنتها القانونية  تملك صلاحيات واسعة في  الاقرار والرفض  المشاريع والقوانين المقدمة الى اللجنة   . وهي تعتبر عش الفساد المالي  , وشكلت اللجنة قانونية من الموظفين , وانجذبت في علاقتها مع موظفها  ( توفيق ) وطرحت عليه الزواج مقابل فتح مغارة  ( علي بابا  ) وان يشكل جمهورية مالية كبيرة مثل جمهوريات الفساد الاخرى , وبهذه الاغراءات الخيالية وافق على الزواج . هذه فنتازيا الفساد للاحزاب الدينية التي آمنت بقدسية في مبدأ ( ميكافيللي ) الغاية تبرر الوسيلة . في السلوك في الفساد الاخلاقي والسياسي . فأصبح لكل حزب ديني امبراطورية مالية واسعة الاطراف كالاخطبوط . بهذا النهج اصبحت اكثر ظلماً وفساداً من اسلافهم . ومن اجل خنق الاصوات المعارضة , مارست أسلوب الارهاب الفكري وقمع الحريات بالتهديد بالقتل والاغتيال والبطش والتنكيل ,  ولابد من الاشارة المهمة والهامة . بأن الكاتب الشهيد ( علاء المجذوب ) كأن قد  حدس وبصر مصيره وتوقع اغتياله برصاصات عمياء من كاتم الصوت من مرتزق جاهل. ضمن خنق الحريات العامة , أو  بما يسمى بديموقراطية الدم  ( لم يدور في حسابي أن أموت مبكراً , أو يتم يتم أغتيالي بطلق ناري أعمى من مغفل لا يفقه من الدين إلا قشوره ) ص118 .  وهذا  فعلاً ما حصل وذهب مع قافلة مئات الشهداء . فأصبحت الاحزاب الدينية معزولة منبوذة وبغيضة من الشعب ( الاحزاب المسيطرة على الحكومة المركزية . التي وعلى مدى سنوات المنصرمة لم تقدم شيئاً أكثر من الوعود , بد أن أحاطت نفسها بكتل كونكريتية وعزلت نفسها عن الشعب ) ص107 . لقد تركوا فئات  الفقراء والجياع يقتاتون على حاويات القمامة للحصول على رغيف الخبز المر في بلد غني بموارد النفط .  هذه نتائج الاحتلال والقمامة التي جاء بها وسلمها رقبة العراق للذبح . ولكن  الغطرسة المالية تخلق النزعات والمشاكل والازمات داخل صفوفهم  . فزواج ( صباح ) لم يعمر طويلاً فقد مات ( توفيق ) زوجها بالسرطان مع شقيقها حسون الذي  توفى أيضاً ,  في زيارة الى موقع قصف من قبل  في الحرب واهمل , واصبح  مكاناً خطيراً بالاشعة المتلوثة , وكان غرضهم من زيارة الموقع , من اجل سرقته وتقاسمه بينهما . وكما دب الخلاف بين ( جبار ) وزوجته الثالثة ( سلوى )  ذات العمر العشرين  وهددته بالطلاق , ولم تعد تتحمله وتطيقه . وهذا  رمضان ليس الاخير في الصراعات الداخلية والخارجية  .
     
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular