الخميس, نوفمبر 14, 2024
Homeمقالاتطابع خريطة كردستان الكبرى.. هل هو مجرد خطاب دعائي أم حلم مؤجل...

طابع خريطة كردستان الكبرى.. هل هو مجرد خطاب دعائي أم حلم مؤجل لأكراد العراق؟ : صلاح حسن بابان

لم يتسبب إصدار أكراد العراق طابعًا يضم خريطة لكيان من أجزاء مقتطعة من العراق وتركيا وسوريا وإيران، بمناسبة زيارة بابا الفاتيكان مطلع الشهر الجاري، بغضب دول إقليمية مثل إيران وتركيا فحسب، بل استفزّ أيضا عرب وتركمان محافظتي نينوى وكركوك وعدّوها خطوة لزجّهم في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
ودفعت هذه الخطوة كلًّا من أنقرة وطهران إلى الاحتجاج الفوري ووصفها بالمخالفة للأسس والقواعد الدولية، وطالبتا بسحبه وتصحيح الإجراء الذي وصفتاه بأنه “غير ودّي”، لتُذكّر وزارة الخارجية التركية سلطات الإقليم بـ”خيبة الآمال”.
وفضلًا عن تركيا وإيران، أثارت هذه الخطوة كذلك غضب المكونات الأخرى ولا سيما العرب والتركمان بعد أن ضمّت الطوابع محافظتي نينوى وكركوك، ورأت فيها أنها مكمّلة لخطوات الانفصال التي قام بها الإقليم بعد 2003، وآخرها استفتاء الانفصال عن بغداد الذي أجري في سبتمبر/أيلول عام 2017 وصوّت عليه 92.7% من الكرد.
موقف الإقليم
وردًّا على هذه الاحتجاجات، يوضح المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان العراق، جوتيار عادل، أن فنانين قدموا نماذج من تصاميم طوابع مقترحة لطباعتها بمناسبة زيارة بابا الفاتيكان إلى العراق، التي تحدث عادة في كثير من الدول عندما يكون هناك حدث مهم وبارز، مثل اليوم الوطني أو الاستقلال، وهي خطوة طبيعية. إلا أنه حتى الآن لم يُعتمد أيّ من هذه النماذج، والتصميم الذي ستتم الموافقة على طباعته سيكون وفقًا للدستور والقانون.
ويضيف عادل أن لحكومة الإقليم ووزارة النقل فيها سلسلة من الإجراءات بالإضافة إلى قانون الوزارة، وفقًا للدستور والقوانين المرعية، وتراعي مبدأ حسن الحوار وتأخذ في الاعتبار كل ذلك انطلاقا من احترامها لسيادة العراق، مؤكدًا -للجزيرة نت- أن هذه الطوابع لم تكُ مصدّقة وهي بحاجة إلى إجراءات قانونية فعلية متبعة لدى الحكومة.
خطوات انفصالية
ولا يوجد أي تفسير لخطوة إدراج نينوى وكركوك ضمن خريطة كردستان الكبرى إلا أن تكون استفزازًا لمكونات المحافظتين، وتأكيدًا واضحًا وصريحًا منها بعدم التنازل عن الأفكار والمخططات الانفصالية، كما يقول المتحدث الرسمي باسم المجلس العربي في كركوك، حاتم الطائي، مؤكدًا أن وزارة المالية العراقية هي المخوّلة بإصدار الطوابع وليست أيّ جهة أخرى.
وانتقد الطائي سلطات الإقليم لقيامها بهذه الخطوة المخالفة للدستور العراقي الذي صوّتت عليه مع شعبها، والذي حدّد محافظاتها بـ3 فقط هي أربيل والسليمانية ودهوك، موضحًا أن هذه المخالفة تشير إلى وجود نوايا مبيتة وأهداف واضحة منها لتنفيذ مشاريع توسعية للتمدّد على حساب أراض غير أراضي كردستان لضمّها إلى الإقليم الكردي.
وللعراق تجربة طويلة مع الإقليم بهذا الصدد، وتحديدًا الاستفتاء الذي تقاطع مع الدستور، وما حدث من تداعيات بعده أنهت الموضوع تمامًا، وكيف تقدّمت القوات العراقية إلى كركوك والمناطق الأخرى ردًّا على ذلك، إلا أن حلم إنشاء دولة حق طبيعي لكل الأمم والشعوب لكنه له بُعد خارجي بالإضافة إلى لعبة توازنات خارجية تضطلع فيها إيران وتركيا بدور رئيس- حسب المحلل السياسي العراقي أحمد السراجي- معزّزًا رأيه بتساؤل: هل تسمح أنقرة وطهران ودمشق بإنشاء دولة جديدة تقتطع أجزاء منها؟
وسيبقى طموح وحلم إنشاء الدولة الكردية متوقفًا على لعبة المصالح الخارجية، فلو كانت أميركا وإسرائيل ودول الغرب جادّة في دعم كردستان لإنشاء دولتها ستدعم ذلك بقوّة، لكنه ما دامت لعبة التوازنات والمصالح ثابتة عند هذا المفصل، فلا تستطيع القوى الكردية -حسب السراجي- إنشاء دولتها، عازيًا السبب في ذلك إلى أميركا نفسها التي ستقف ضد ذلك، لأن المصلحة الأميركية الإسرائيلية هي الأساس في تحديد السياسات وطبيعة الجغرافية في المنطقة.
ويرى السراجي أن السلطات الكردية استغلت زيارة البابا -وهو شخصية دينية مؤثرة في العالم المسيحي والغربي- لترسل إشارة سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة إلى تركيا وكل المعترضين على إنشاء الدولة بأن الحلم موجود، لكن هذه الخطوة تتقاطع مع طموح أنقرة التي تمثل أحد الأدوار الرئيسة لمنع هذه الخطوة بالإضافة إلى طهران، لأن مشكلة الأكراد في تركيا هي أكثر تأثيرًا في الوحدة السياسية للدولة التركية، وهذا ما دفعها إلى الخروج بردّ سريع لتؤكد به أنها ستقطع الطريق أمام كل من يريد الذهاب نحو هذا التوجه.
العقلانية السياسية
بدوره يرى المحلل السياسي الكردي، عدالت عبدالله، عدم وجود أي رغبة لدى الإقلیم في معاودة المواقف والقرارات التي مهما كانت شرعیة ومعبّرة عن حقوق الشعوب، إلا أنها مضرّة بمصالحه وأمنه القومي.
ويشدد عبد الله على ضرورة أن تتفهم كل من أنقرة وطهران أنه لیس هناك أي مخطط خفي أو علني لإقامة دولة كردیة، لكن هذا لا یعني نهایة الحلم الكردي لأنه مشروع، غير أنه مشروط دومًا بالعقلانیة السیاسیة التي تقوم على حسابات داخلیة وخارجیة، الإقلیمیة منها والدولیة، لذا فلیس ثمة أي تطوّر یقلق الأتراك والإیرانیین، وموقفهما بخصوص الطوابع ربما مرتبط بخطاب دعائي سیاسي لأهداف داخلیة استهلاكیة لیس إلا.
وفي ردّه على سؤال للجزيرة نت فيما إذا كانت هذه الخطوة مكمّلة لخطوات استفتاء 2017، يؤكد عبد الله أنه لیس معلومًا لأحد حتی الآن إذا كانت هذه الطوابع أُعدّت من قبل الجهات الرسمیة في الإقلیم أم لا، مشيرا إلى أن المسالة طبیعیة جدا ولیس الهدف منها الإساءة لأي دولة.
ويتابع “فكما نجد أن ولایة الموصل لا تزال قضیة وتشكل جزءًا من الذاكرة التاريخية بالنسبة للأتراك، نلاحظ الشعور نفسه قائمًا و حاضرًا في المخیلة السیاسیة الكردیة بالنسبة للجغرافیا السیاسیة لخريطة كردستان، عدا ذلك لیس هناك شيء آخر یثیر القلق لأن الكرد و لاسیما بعد العواقب الوخیمة للاستفتاء الشعبي بخصوص الانفصال عام 2017 لا یریدون أي خطوة أخرى تسبب لهم متاعب سیاسیة واقتصادیة”.
وخیار البقاء ضمن الدولة الاتحادیة العراقیة هو الخیار المتبع والمفضل في التعاطي مع الطموحات السیاسیة، حسب المحلل السياسي الكردي، ومع ذلك لا شك أن الكرد لا یساومون علی تحقیق حلم إنشاء كیان قومي علی أرضهم التاریخیة، لكنه لیس باستخدام العنف والمواجهة العسكریة مع أي دولة جارة في المنطقة.
ويوضح ذلك بالقول إن “هناك سببین لذلك، الأول هو انعدام توازن القوى والثاني هو عدم نضوج دعم دولي للأمر حتی الآن، وهناك توجه قوي في إقلیم كردستان العراق یطالب حزب العمال الكردستاني التركي بإنهاء النضال المسلح ضد أنقرة و تبنّي النضال الدیمقراطي البرلماني”.
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular