شفق نيوز/ لم يعد عبدالله شريم (46 سنة) يربي النحل او يبيع العسل منذ سنوات، ولم يعد يقيم في سنجار. هكذا استهل موقع قناة “سي بي سي” الكندي تقريره حول هذا الرجل، المقيم بالقرب من مدينة دهوك في اقليم كوردستان، والذي عمل بشكل سري من اجل انقاذ النساء الايزيديات اللواتي خطفهن تنظيم داعش.
وما زال عبدلله معروفا عند كثيرين بانه مربي النحل في سنجار، في ارض اجداده، بل ان هناك كتابا يحمل اسمه.
في العام 2014، قام عبدالله بتحويل بيانات معارفه مع المشترين المحتملين للعسل في سوريا المجاورة، الى شبكة من المنقذين المحتملين للنساء والاطفال الايزيديين الذين استعبدهم داعش عندما اجتاح مناطق سكنهم في شمال غرب العراق في أغسطس/آب في ذلك العام، وارتكب التنظيم ابادة ضدهم.
وبحسب حكومة اقليم كوردستان، فان داعش خطف نحو 6 الاف امراة وطفل، وباعوهم في اطار تجارة عبودية او منحوا لمقاتليهم كهدايا ومكافآت. ووقع دمار كبير في خلال معركة تحرير سنجار، ولم يعد سوى عدد قليل من أهلها الى المدينة.
وقال ابراهيم للقناة الكندية من قرية خانكي التي يقيم فيها حاليا بالقرب من دهوك، انه “عندما جاء داعش، أسر 56 فردا من عائلتي”. واضاف “لم يكن لدي خطة ابدا لانقاذ الناس، لكنه كان الشيء الانساني الذي يجب القيام به، والله ساعدني”.
واشار الى ان الشخص الاول الذي تمكن من استعادته كان بنهاية العام 2014، وهي احدى بنات العائلة. وما ان انتشر الخبر، حتى بدأ الناس يقصدونه طلبا للمساعدة منه.
وذكر الموقع ان معارف عبدالله من زبائنه المحتملين في مدينة حلب السورية نصحوه بالتواصل مه مهربي التبغ الذين يجازفون بأرواحهم بتجارة التهريب لبضائع تحظرها داعش من والى مناطق “الخلافة” التي كانت قائمة وقتها. وبمعنى آخر، فانه اذا تم اعتقالهم، فان عقوبتهم من المرجح ان تكون الموت، بحسب عبدالله.
وخلال وقت قصير كان عبدالله قد كون شبكة من المخبرين. وأوضح “كنا كوكالة استخبارات منظمة، وكنا نخطط وننفذ نشاطاتنا لوحدنا”.
وانتهى الامر بالعديد من النساء المختطفات في مدينة الرقة السورية، التي كانت معقلا لداعش. وافتتح عبدالله مخبزا هناك وحول العاملين لديه ممن يوزعون الخبز الى مختلف الاحياء، الى مخبرين كعيون وآذان للشبكة. كما انه جند سيدة كانت تطرق ابواب المنازل لتبيع ملابس للاطفال لان قدرتها على التواصل مع نساء المدينة أتاح لها ان تعرف ما اذا كانت هناك فتاة في المنزل تعمل كخادمة او انها مستعبدة ام لا.
وقال عبدالله ان “الناس يقولون ان الرجال فقط بامكانهم القيام بهذا العمل، لكن تلك المرأة كان لديها أهم دور لانه كان بامكانها الدخول الى البيوت”.
وما زال عبدلله يحتفظ بدفتر ملاحظاته الاولية التي تتضمن رسومات وخربشات تتعلق بالعديد من الخطط التي كان يفكر فيها، من بينها رسومات تتضمن مخططا وتعليمات لامرأة ستزور مقبرة للالتقاء بشخص يشكل مصدرا ينتظرها.
واشار الى انه استخدم اسلوب المسلحين المتطرف، ضدهم. واوضح “كان أمرا ايجابيا بالنسبة الينا ان داعش يجبر كل النساء على تغطية وجههم. اذا أردت ان أنقذ فتاة عمرها 16 سنة، كنا نختلق هوية لها ونغير العمر الى 70 سنة لان داعش لن تقوم برفع الحجاب عن وجهها”.
وكانت أكثر المهمات تحديا بالنسبة اليه، تلك التي كانت متعلقة بأربع نساء من الصم والبكم، فقام تصوير أقارب لهن على انهن يؤدون أغنيات، لكنهم كانوا يعطونهن ارشادات ورسائل ضمنية، ثم أوصلت المرأة التي تبيع ملابس الاطفال التسجيل المصور لهن، وتمكن من العودة الى العراق.
وفي بعض الاحيان، كانت الترتيبات تستغرق شهورا لان بائعة الملابس لم يكن بامكانها ان تعود الى المنزل نفسه مرارا وخلال وقت قصير.
وبالاجمال، يشير عبدالله الى انه تمكن من مساعدة 399 فردا من الايزيديين، لكن مهمته لم تنتهي حتى الان. فما زالت هناك ثلاثة الاف امراة وطفل، لم يتم تحديد مصيرهم.
ومن المحتمل ان العديد منهم قد قتلوا خلال المعارك والغارات الجوية، لكن عبدالله مؤمن بان هناك أحياء منهم ما زالوا في سوريا ويحتاجون الى المساعدة. وقال عبدالله “نعم نشاطاتنا ما زالت مستمرة. لكن الحقيقة هي ان بعد التحرير (من داعش) فان مهماتنا أصبحت اكثر صعوبة”.
ومن المعتقد ان العديد من الايزيديات المعتقلات ما زلن مع مسلحي داعش او عائلات هربت في الايام الاخيرة من المعارك في سوريا، وتحديدا الى مدينة ادلب حيث لا يزال العديد من الجماعات المسلحة تقاتل ضد النظام السوري، او الى تركيا.
وبعد مرور هذه السنين، فان العديد ممن خطفوا وهم أطفال ربما لم يعودوا يذكرون هويتهم الحقيقية، وبعضهم ارسلوا الى مدارس لغسل ادمغتهم وتدريبهم ليكونوا مقاتلين او انتحاريين.
ويقر عبدالله بان بعض النساء ربما قررن اخفاء هوياتهن الحقيقية بدافع الخوف لحماية اطفالهن المرتبطين بنظر المجتمع برجال داعش، خاصة ان دعوات من الجهة الروحية للايزيدين قررت ان النساء اللواتي يسعين للاحتفاظ بهؤلاء الاطفال يجب نبذهن من المجتمع.
واشار عبدالله الى ان المشكلات الاكبر في محاولة العثور على النساء الايزيديات المخطوفات، يعود الى نقص الاموال التي يجب ان تدفع كفدية او للمهربين. وفي المرحلة الاولى من نشاط عبدالله، كانت الاموال تأتي من تبرعات خاصة، وفي فترة أخرى، فان مكتبا في اقليم كوردستان كان يقدم تعويضات للعائلات التي كان يتحتم عليها ان تدفع فدية لاستعادة احد ابنائها من الخطف. لكن الاموال جفت الان.
وقال عبدالله “المشكلة ان المجتمع الدولي لا يبالي بنا، وحتى الان، فان الحكومة العراقية لم تساعدنا، ولم تساعد النساء الايزيديات المفقودات”.
ومن أصل الى 56 فرد من افراد عائلته الذين خطفوا وسعى الى ايجادهم واعادتهم الى بيوتهم، ما زال هناك 16 بين المفقودين.
اما المرأة التي كانت تنتحل صفة بائعة ملابس الاطفال، فقد تم اعتقالها، واعدمها داعش.
قصة تستحق ان يجري الاهتمام بها من قبل المتجين السينمائيين وتصلح لاعداد فيلم متميز إذا دونت تفاصيلها ..