في شنغهاي وحدها.. انتحر 876 شخصاً خلال فترة لم تتجاوز 4 أشهر
منذ إعلانه قيام جمهورية الصين الشعبية يوم 1 تشرين الأول/أكتوبر 1949، أرسى الزعيم الصيني ماو تسي تونغ (Mao Zedong) نظام حكم دكتاتوريا تسبب في سقوط عشرات ملايين الضحايا. فإضافة لأولئك الذين أرسلوا نحو مراكز العمل القسري، المعروفة بلاوغاي (Laogai)، مارس نظام ماو تسي تونغ سياسة قمعية واتخذ إجراءات فاشلة عكّرت حياة الصينيين.
فبسبب المجاعة الكبرى ما بين عامي 1959 و1961، فارق 15 مليون صيني، 50 مليونا حسب بعض المصادر، الحياة بسبب قلة الموارد الغذائية. وأثناء حملة المئة زهرة، أزهق النظام الصيني أرواح مئات آلاف الأشخاص. ومع انطلاق الثورة الثقافية، تصاعدت وتيرة ملاحقة المعارضين والمشتبه بهم وأسفرت في النهاية عن سقوط ملايين القتلى.
إلى ذلك، باشر ماو تسي تونغ منذ البداية بملاحقة كل من شكك في عملهم ضد بلاده حديثة النشأة. وخلال الفترة الأولى، اتجه الزعيم الصيني ما بين عامي 1951 و1952 للتخلص من رجال الأعمال عن طريق حملة غريبة تحدّث من خلالها عن ملاحقته للفساد بالبلاد.
حملة ضد الأثرياء
خلال الحملة الأولى التي انطلقت عام 1951 بمنشوريا (Manchuria)، تحدّث الزعيم الصيني، الذي عاش حياة البذخ، عن سعيه للتخلص من الفساد المالي وإهدار الأموال والبيروقراطية. وعلى مدار أشهر، طاردت السلطات الصينية العديد من أعضاء الحزب الشيوعي والكومينتانغ (Kuomintang) والمسؤولين البيروقراطيين الذين تخوّف ماو تسي تونغ من آرائهم وتأثيرهم السلبي على نظام حكمه.
ومطلع العام 1952، أطلق ماو تسي تونغ حملة ثانية أكثر شراسة ضد ما اعتبرها المشاكل الخمسة الأساسية لبلاده. وخلال حملة العام 1952، طالب الزعيم الصيني بالقضاء على الرشوة والتهرب الضريبي وسرقة ممتلكات الدولة والتحايل على العقود الحكومية ونهب المعلومات الاقتصادية للبلاد.
وأثناء هذه الحملة الثانية التي كانت أكثر شراسة من الأولى، توعّد ماو تسي تونغ من وصفهم بالبورجوازيين والمتعاطفين مع الرأسمالية بعقوبات قاسية.
إلى ذلك، جنّد النظام الصيني نحو 20 ألف مسؤول و6 آلاف عامل للتجسس على المؤسسات ونقل المعلومات عن طريق الرسائل. وخلال الأسبوع الأول من شهر شباط/فبراير 1952، توافدت 17 ألف رسالة على المسؤولين الصينيين تحدّث من خلالها الجواسيس عن انتهاكات لتوجهات ماو تسي تونغ. وبحلول نهاية الشهر، ارتفع عدد هذه الرسائل ليتجاوز 200 ألف رسالة.
876 حالة انتحار
خلال هاتين الحملتين، تعرض رجال الأعمال الصينيين للمضايقات والإهانة وأعدم عدد منهم. فضلا عن ذلك، أجبرت هذه الفئة الثرية على تقديم مبالغ مالية طائلة للدولة لتفقد بذلك تدريجيا ثروتها ومكانتها الاجتماعية. ولإضفاء مزيد من الرعب على حملتي عامي 1951 و1952، تحدّث ماو تسي تونغ عن إمكانية اعدام 10 آلاف من الأثرياء لبث الرعب في نفوس رجال الأعمال الرأسماليين.
وبدلا من تحقيق نتائج إيجابية، أضرّت ممارسات ماو تسي تونغ بإقتصاد مدن صينية كبرى كشانغهاي وتيانجين وتشونغتشينغ كما دفعت بالكثيرين للإنتحار عقب خسارتهم لثرواتهم. فما بين شهري يناير ونيسان 1952، أقدم 876 صيني على الانتحار بمدينة شانغهاي وحدها.