صدرت مؤخراً المجموعة الشعرية الاولى لشاعر ( امجد حميد لفتة الحريزي ) تضمنت العديد من القصائد النثرية , تمثل عنفوان الشباب بخياله اللامحدود وثقافته الواسعة والمدرك آياته لمديات الواقع وعتباته المرئية و اللامرئية . يقف في المواجهة الحادة والصريحة , أمام عورات الواقع وعثراته ومطبات , بالمصارحة الحقيقية بعلقم المر , تضع قافيتها على الداء والجرح بما يعانيه منه الوطن . هذه المكاشفة والمحاججة تمثل عينة من الشباب الواعي والناضج و المنتفض على خزعبلات مفردات الواقع المفروض فرضاً, في مجابهة التحديات التي تخنق الوطن , واصبح ( حائط انصيص ) لكل من هب ودب من الزعانف ذات المخالب الجارحة , وتتباهى بذيولها الطويلة بالخيانة المستعارة , وبذلك تأتي في مضامين القصائد النثرية بالمعنى والرمز البليغ والعميق , بقدر ماهي في حروفها الحادة كالسكاكين الباشطة , لكن في داخلها نتلمس الجرح العميق , انها تنتفض على احساسها المجروح وتتمرد على معاناة العراقي , التي أصبحت معاناة والصراع على الرغيف الخبز , مما خلقت حالة الغربة والاغتراب داخل الوطن , فلابد من المواجهة لوقف هذه تداعيات قبل الانفجار الكبير بالمأساة الكارثية . ومن المؤلم للوطن أن يعيش في خضم نزاعات وخصام عبثي نزق ومتغطرس ومتعالي , ونزوات طائشة تؤدي به الى التيه والمجهول , تكالبت عليه العورات واصبح عارياً تماًما في كل أبجديته وحروفه , قصائد المجموعة الشعرية تحاول ان تجد قافية وحروف بديلة يسميها قافية الرغيف على انقاض القافية البالية التي يتشبث بها أولياء الأمر والسلطة , ومن أجل الخروج من حالة التقوقع والانكسار والهزيمة , الى حالة الحرية والانعتاق في الفضاء الحر , فالشاعر ( امجد الحريزي ) عاشق الحرية والانعتاق وبما يمتلك من الخلفية الفكرية العميقة في دلالتها وترميزها الدال البليغ , تملك مقومات الإقناع , في محاولة انتشال الوطن من القاع بئر يوسف , وتأتي قصائد المجموعة بصوتها العالي والمدوي بقوة الشباب المتحدي والرافض الاستسلام والهزيمة , ان يصرخ بحروف ابجديته, كأنه ينقش او يحفر في الحجر من اجل استقامة العراق , في خياله الشعري الواسع وارضية أفكاره الناصعة والبليغة التي تقف بجانب الوطن . يحاول أن ينتشل الانسان المظلوم من قاع البئر , ويمنحه رغيف الخبز ويعلمه قافية الوطن , يحاول ان يقشع السحب الغيوم والدخان الكثيف عن سماء الوطن , ليؤكد حضوره في للوطن, لكي يبدد الاحزان , ولكنه يشير بأصابع الاتهام , الى الجناة والقتلة وذيول الخيانة والعمالة المستعارة , والذين يكنزون الذهب والدولار ويحرمون المواطن من حق رغيف الخبز . يحاول أن يبعد البارود والدخان الذي يحجب ضوء الشمس , هذه هي مضامين قصائد المجموعة الشعرية ( قافية رغيف ) :
× تحول المواطن الى مجرد خوذة صالحة لكل المعارك والحروب , حتى التبول فيها بكل غطرسة وانتهاك . يتزاحم عليه البارود بشهية كشهية العاهرة . وسط الصخب والضجيج يضيع صوته في انعدام الفراغ , لكي يبقى طريح المخاوف والقلق , فحين يحاول الهروب داخل نفسه , يصرخون به بكل عنجهية ويقولون له : أنت مجرد خوذة , ويبصقون على أحلامه , بأنه خردة .
تحاول …. الهرب الى داخلك
يصرخون هم …
أخرج …..
تعاود الكرة ..
يصرخون ….. هم
أخرج
هم ينعمون بكل تلك القصائد
والترافة التي
بنيت
وأنتَ …. كملعون ..
ترضى بدور
خوذة ….
مجرد خوذة ليس
إلا ….
كيف سمح لهم إنليل بالدخول . .
خلسة …..
خلسة أليك دخلوا …..
عابرين …
تيهك وكل حروفك
المتحركة
دون أن تبتلعهم لعنات بوحكَ الجائعة
لشظية عابرة !
تجاوزوا جدرانك الخمس والعشرين …… ( من قصيدة / جعجعة )
× في هذا العالم الصاخب في الانتهاك الى حد اللوعة الموجعة . في قيظه الساخن والدائم . والإنسان اعزل لايملك لا يملك شيئاً أو مجرد هو لاشيء اطلاقاً , يجري بين المحطات ويقفز هنا وهناك , وعلامة الرفض تضرب وجهه , في صراعه الحياتي أصبح سلعة حرب ليس إلا , جندياً مرمياً في جبهة الحرب الطويلة . كأنه خلق للحرب والبنادق , ولا يمكن أن يعيش بدون حرب طويلة كأنها اغنية الحياة ( احنة مشينة للحرب ), والبندقية والخوذة جاهزة لخوض حرب طويل العناق , هب لنا حرباً , لاننا سلعة لا نصلح إلا للحرب وهو عزاءنا الأخير في أغنيتنا المفضلة . هذا شكل نفاق وتفاهة العصر في تجهيل واللعب بالإنسان ,
أن نعري المحطات ليقفز كل هذا الجري
أعتدنا . .
الحائط كثيراً
حتى آمنا أن لا خطوة في الظل
ما بالك
والخطوة تنزف السوق الآن
وعلى وقع الصحو
تشتبك
التجاعيد بأعقاب البنادق الاخيرة ….
جنودك …
نحن …
هب لنا حرباً
واترك العيون ورشقات الماء على عاتق أمهات الرحيل
هب لنا ….
حرباً طويلة البال …
نتوق لها ..
حرباً …
طرية العناق
ذخيرتها من العصر وأحاديث الليل
وبندقية …. الجندي
أغنية شعبية مالحة
هاهي خوذتنا
جاهزة
استعارة مفتوحة الجبيب من العزاء الأخير . ( من قصيدة / غرين كوفي )
× الام ايقونة العائلة المقدسة بالكدح والجهد والتعب , لا تستريح إلا توفير رغيف الخبز من التنور توفرها للأفواه العشرة , وتلقن دروس الخير والنعمة بضوئها الرباني بالعطاء , لا ترتاح إلا عندما تطل البسمة من الشفاه , هي ايقونة الحب والحنان الدفئ , بقلبها الكبير الزاخر بالعطاء والتواضع , والابتهال الى الله , ان يكونوا فلذات كبدها سنابل الطريق بالخير والعطاء . من قصب انكيدو الأخير , يرد كولدٍ صالح , يتعلم من نضج تنور الام .
أمي ….
تصفع الرغيفَ برجال عشرة ….
تُلقنَهُ درسَ التشبثِ ونحنُ
لا أسماء قدسية إلا أيقونتها الدافئة :
كفاها .. .
فوهة تنورها ….
تنضجنا
قمحاً ….. قطنا …
أو قوسَ قزحٍ على شقة جامعٍ مكتظ با لله ….
تقول أمي …….
لا ينضج الرغيف
حتى
يتعلمَ نظمََ الفقاعة الأولى ….!
واذكرُ الطين حين يردُّ
كأحدنا …..
نحن سنابلُ الطريق الطويلة من عيونِ الانتظارْ
نحنُ قصب أنكيدو الأخير ..
يردُ كولدٍ صالح :
بعض النار يا أماه ….
ويَسدُلُ النضج على ليلِ رغيف …. !
أمي …. ( من قصيدة / أمي …..)
× مسكينة هذه الجدران نكتب عليها بحروف من حجر . ننقش عليها أسم العراق لكنه يتصبب عرقاً ومعاناة هذه واقع الحال المتخشب في رمال المعاناة الوقحة , كيف تشطب اسمه من قائمة ذيول في خيانتهم المستعارة . يا وقاحة هؤلاء الرجال ويا عار ذيولهم , لا يخشوا من عاقبة السماء والدين . ويحاولون نزع أن قافية العراق وهو يقاوم ويستقيم , يريدون العراق قافية جائعة هاربة من حروفها , هذه أصل وقاحة الاوغاد الذين باعوا ارواحهم للشيطان , ليكون العراق تنور دخان بدون خبز , ينطقون بالعجمية الكتب السماوية بالخبز والفيء يعلمونا في درس التعليم ويكتبون درس الجوع , لكي تتمرن على الجوع والبطون الفارغة أو الافواه الفاغرة .
يا لهذهِ الجدرانُ المسكينة …
العراق يتصبب منها ..
حجراً … حجراً …
استقامة …. استقامة ..
تذوي المدينة ….. !
يا لهذهِ الرجال الوقحة …
ألا تداس بعُري الريح …… ؟!
ألا تخشى السماء باضطجاعها في حضن كُلّ بللْ
يالهذهِ المدينة …..
كطينة فائضةٍ في تجويف قرية
مرشوقة ً …. كقاطنيها
دون وجه ……
دون قفى ….
الاروقة في قعر السيد اليتيم …
فتحها نمل جاء بالصدفة ايضاً ….
عامةُ الناس :
تنطقُ بعجمةِ كتابٍ سماوي فصيح بالخبز والفيء
الرغيف لغتهم ….
يتقنون من سبورة درس الجوع
نطق بعض الفتاتِ
أسماؤهم ….. أفواه فاغرةُ القافيةِ . ( من قصيدة / قافية الرغيف )
× عنوان الكتاب : قافية رغيف
× المؤلف : أمجد حميد لفتة الحريزي
× الطبعة : الاولى عام 2021
× الناشر : مطبعة النبراس / النجف الاشرف
× تصميم الغلاف : مهند الحريزي
× عدد الصفحات : 125 صفحة
جمعة عبدالله