عدنان أبو وليد الصحراوي
.
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليل الأربعاء أن قوات بلاده قتلت قائد تنظيم “الدولة الإسلامية” في الصحراء الكبرى عدنان أبو وليد الصحراوي. ويشكل القضاء على الصحراوي نكسة جديدة للتنظيم بعد خسارته لعدد من قياداته خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن من الصعب التنبؤ بتداعيات هذا الحدث على المدى الطويل تحديدا فيما يخص مستقبل التنظيم وقدرته التنظيمية حسب صحافي فرانس24 المختص في الحركات الجهادية وسيم نصر. عن عملية قتل أبو وليد الصحراوي والتنظيمات الجهادية في منطقة الساحل يحدثنا نصر.
في عملية وصفها الرئيس الفرنسي بـ”النجاح الكبير في المعركة ضد الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل”، تمكنت القوات الفرنسية من القضاء على قائد تنظيم “الدولة الإسلامية” في منطقة الصحراء الكبرى عدنان أبو وليد الصحراوي، حسبما أعلن إيمانويل ماكرون ليل الأربعاء.
وفي تغريدة على تويتر قال ماكرون إن “الأمة تفكر هذا المساء بكل أبطالها الذين ماتوا من أجل فرنسا في منطقة الساحل في عمليتي سرفال وبرخان، وبالعائلات المكلومة، وبجميع جرحاها. تضحيتهم لم تذهب سدى. مع شركائنا الأفارقة والأوروبيين والأمريكيين سنواصل هذه المعركة”.
وأوضحت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي الخميس عبر إذاعة فرنسا الدولية أن الضربة الفرنسية ضد عدنان أبو وليد الصحراوي “نُفّذت قبل أسابيع ونحن اليوم واثقون من أن (الذي قُتل) هو المسؤول الأول في تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، مشيدةً بـ”نجاح كبير” للجيوش الفرنسية.
وقالت بارلي في مؤتمر صحفي إن الصحراوي “توفي متأثرا بجروح نجمت عن ضربة نفذتها قوة برخان في آب/أغسطس 2021. … بفضل مناورة استخبارية طويلة الأمد وبفضل العديد من العمليات لاعتقال مقاتلين مقربين من الصحراوي، نجحت قوة برخان في تحديد العديد من الأماكن التي كان من المحتمل أن يتحصن فيها”.
من هو أبو وليد الصحراوي وماذا كان دوره في التنظيم؟
وسيم نصر: يعتبر أبو وليد الصحراوي من قدماء الجهاديين في منطقة الساحل وكان له باع طويل في المنطقة إذ شارك في القتال بشمال مالي سنة 2012 عندما كان في تحالف مع تنظيم “القاعدة في المغرب الإسلامي” قبل أن ينضم إلى جماعة مختار بلمختار ليؤسس معه تنظيم “المرابطون” في منطقة الساحل.
وأعلن بيعته لتنظيم ”الدولة الإسلامية” في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 باسم “المرابطون” في خطوة رفضها مختار بلمختار، ما أدى إلى انقسام “المرابطون” إلى جزئين: جزء انضم إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” وجزء عاد تحت لواء “القاعدة في المغرب الإسلامي”.
ولم يعترف تنظيم “الدولة الإسلامية” ببيعته إلا بعد مرور سنة ولم يتبن عمليات خطط لها الصحراوي إلا في 2019 وهي السنة التي شهدت هجمات من تدبيره كذلك أبرزها مقتل 13 جنديا فرنسيا في حادث اصطدام مروحيتين فرنسيتين في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 بعد أن كان المسؤول عن مقتل أول جندي فرنسي على يد “المرابطون” في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013.
ومن بين العمليات الأكثر دموية التي خطط لها أبو وليد تلك التي جدت في منطقة “تونغو تونغو” بالنيجر في 2019 والتي راح ضحيتها أكثر من 20 جنديا محليا. نفس المنطقة كانت شهدت مقتل 4 من عناصر القوات الخاصة الأمريكية في 2017.
كيف تم القضاء على أبو وليد الصحراوي؟
وسيم نصر: القضاء على أبو وليد جاء صدفة بعد أن استهدفت طائرة مسيرة فرنسية في 22 آب/ أغسطس دراجة نارية على متنها مسلحان في منطقة حدودية مالية مع النيجر أدت إلى مقتلهما. وكان أحدهما أبو وليد الصحراوي. ومنذ ذلك الحين، انتشرت أخبار بمقتله ليؤكدها الرئيس الفرنسي ليل الأربعاء.
ويذكر أن أبو عياض التونسي قتل شمال مالي في 2019 رغم أن القوات الفرنسية كانت تستهدف حينها أبو الهمام الجزائري – القائد العسكري لجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم “القاعدة في المغرب الإسلامي” وتواجد معه أبو عياض بالصدفة.
ما تأثير مقتل أبو وليد الصحرواي على منطقة الساحل؟
وسيم نصر: سيكون لمقتل أبو وليد الصحراوي تأثير على فرع تنظيم “الدولة الإسلامية” في منطقة الساحل نظرا لسيطرته على الجماعة بحكم خبرته العسكرية. ويأتي مقتل أبو وليد بعد القضاء على عدد من القيادات الجهادية في المنطقة ومن بينهم محمود أغ باي المعروف بـ”إيكاراي” أحد قياديي التنظيم الذي قتل في منطقة ميناكا شمال مالي بالإضافة إلى القبض على أبو الدردار القاضي الشرعي للتنظيم قبل أشهر.
القضاء على قادة التنظيم يعد بمثابة المراهنة لأننا لا نعرف من سيخلفه في القيادة وما إذا سيكون أكثر أو أقل “فعالية” عسكريا وقدرة على ضبط مقاتليه.
وفيما يتعلق بالانقلابات العسكرية وانعدام الاستقرار السياسي الذي تشهده العديد من دول الساحل، فإن هذا الوضع يخدم الجماعات الجهادية من جهة غياب سيطرة دول المنطقة على حدودها في المثلث الحدودي ما يمنح مقاتليه حرية التنقل.
من جانبها، تضع باريس مقتل أبو وليد الصحراوي في خانة “الإنجازات” ما يسهل عليها سياسيا تبرير تقليل تواجدها العسكري المرتقب على الأرض في منطقة الساحل والتركيز أكثر على العمل العسكري الجوي والاستخباراتي.