الجمعة, سبتمبر 20, 2024
Homeاراءشؤون وشجون أيزيدية / أبطال من ورق :عزيز شمو الياس

شؤون وشجون أيزيدية / أبطال من ورق :عزيز شمو الياس

 

أبطال من ورق

لا جدال في حقيقة كون التغيرات المتسارعة وأبداعات الثورة المعلوماتية للتكنلوجيا المعاصرة قد جعلت هذا العالم الذي لابداية له ولا نهاية أشبه بقرية صغيرة والمخلفات الناتجة عن التفاعلات التي حدثت وتحدث والعمليات التي تمت وتتم أثرت وتؤثر بدرجات متفاوتة سلبا وأيجابا على مجريات الامور وغيرت الكثير من المفاهيم حول الحقائق وما مضى من أحداث جرت وتجري في حياة الانسان والمجتمع في يومنا هذا (على حد سواء).
هنا أحاول أعادة ذاكرة القاريء الكريم لمواقف عدة كنت طرفا فيها (لك أن تعتبرها جزءا من يومياتي الخاصة أو تجربتي الشخصية) لتكن مدخلا لموضوع أراه هاما على الاقل في هذه الايام وهو موضوع ظهور المناضلين والابطال في حياة الامم والشعوب وذلك لأدوارهم الفاعلة ونشاطهم المتميز في سبيل نهوض بنو جلدتهم والانسانية جمعاء نحو الرقي الحضاري والافاق الرحبة في المستقبل.
هنا أحاول تناول (الايزيدية نموذجا) لأسلط الضوء على مرحلة كانت في غاية الأهمية حيث أتون القادسية المشؤومة (حرب العراق مع الجارة أيران لسنوات ثمان 1980-1988) وجبروت عصابات النظام البائد أضافة لخصوصية مناطقنا الايزيدية في قضاء الشيخان وتوابعها القريبة من مدينة الموصل وتماسها المباشر مع المناطق المحرمة أمنيا والقرى المحررة أو الشبه محررة من قبل الثوار (البيشمه ركه)، حقا كانت الظروف أستثنائية أنذاك.
خلال سردي لبعض الوقائع (وكما هى دون زيادة ونقصان والله شاهد على ما أقول) عن المواقف والاشخاص الذين كانوا لهم أدوارا معينة في تلك الفترة كل على حقيقته، من المؤكد سيظهر للعيان العديد من الذين كانوا يتميزون بالاصالة والرجولة وأخرين من المزيفين والمنتفعين (لك عزيزي القاريْ الكريم حرية القرار في تصنيفهم ومهمة تقييمهم)، غرضي الوحيد من هذا كله أطلاع (للذين يرغبون الاطلاع) وخاصة أبنائنا وبناتنا من شباب الجيل الايزيدي الصاعد (مواليد ما بعد الانتفاضة 1991 وما بعد التحرير 2003) على مصائر وأحوال الجنود المجهولين من الايزيديين الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل خدمة أبناء شعبهم والمدافعين عن مباديء ديانتهم الذين أصبحوا الان في خبر كان دون تكلفة أحد الاهتمام بهم وحتى الى ذكر أسمائهم والاشادة بأدوارهم في المناسبات الايزيدية الخاصة وتدوين أسمائهم بحروف من ذهب في سجل الايزيديين الخالدين، وفي نفس الوقت كشف حقيقة الاخرين من الانتهازيين المتلونين الذين أصبحوا اليوم (وبقدرة قادر) مناضلين يتحدثون بأسم الايزيدية ويعدون أنفسهم ممثلين عنهم في المناسبات والمحافل الخاصة بالمكونات والاقليات العراقية وهم في الحقيقة ليسوا أكثر من (أبطال ورق ..!).
بداية، كان (….) ضمن (كورس الطلائع) في طفولته المبكرة اثناء مرحلة الابتدائية ينشد الاغاني التي تمجد الدكتاتور الارعن وزبانيته وبعدها (نصيرا) أيام الدراسة الثانوية وعضوا بارزا (راقصا ماهرا) في الفرقة الفنية التي كانت تشارك مهرجانات الربيع المقامة في مدينة الموصل وغيرها من المناسبات الحزبية وأسابيع قادسية صدام المتوالية والدائمة أنذاك ومن ثم تدرج ليصبح (رفيقا) في حزب البعث المقبور أيام الدراسة الجامعية وما تلاه، الغريب في أمره كانت المفردتين (الايزيدياتي، الكوردايتي) من بين أكثر الكلمات المحذورة في حياته وتعتبران أشبه بالممنوعات لغاية السنين الاخيرة لذا كنا نتجنب النطق بهما في المجالس التي يحضرها خوفا من تقاريره السرية المسمومة (كونه مخبرا) وتجنبا للمصير المجهول الذي كان ينتظرنا، اما بعد زوال الصنم (نيسان 2003) (سبحانه مغير الاحوال) أصبحت تلك (المفردتان) من بين أكثر الكلمات أستعمالا في نشاطه اليومي أذ يحاول جاهدا تكرارهما (بمناسبة كانت او دون مناسبة) والتركيز على (فونتيك الكلمتين) عند تلفظهما بنكهة تكاد تكون غير طبيعية بعض الشيْ، لكن الثابت في أمر وموقف هذا الشخص (أصراره – ألحاحه علنا) والسير على النهج القديم (مرحلة التسعينات من القرن الماضي وما قبلها) في تسمية الديانة الايزيدية وجذورهم (اليزيدية وأرجاعها لأصلهم الاموي) كأنه لا يزال غير مقتنعا بما حاول المثقفين والكتاب الايزيديين من تصويب المسار وتوضيح الحقائق التاريخية ومهمة التنقيب المستمر في بطون الكتب والبحث في المصادر الخاصة عن موضوع الاصالة الديانة الايزيدية وعن ما تبقى من جذورهم والاشارة الى تعمقهم في أرض بلاد ما بين النهرين وبحرية تامة خاصة في السنين الاخيرة التي تلت مرحلة انتفاضة شعب كوردستان في اذار 1991 وذلك بالأعتماد على ما نتجت وأشارت اليها الدراسات العلمية والابحاث الاكاديمية في تاريخ ملل ونحل المنطقة حيث يأبى السيد .. ان تلفظ (الايزيدياتي) كما هى بل ينطقها (اليزيدية) و(الكوردايه تي) بال(كردي) محذفا حرف (الواو) ..!؟.
أتذكر ذلك المساء بينما كنت مقررا نزول المدنية لغرض التسوق، لقد كنا نسكن القسم الداخلي المخصص لطلبة المحافظات الاخرى داخل حدود الكلية حالها حال المكتبة وقاعة الالعاب الرياضية المغلقة وشقق الاساتذة العزاب ودور المتزوجين منهم، حيث كانت (الكلية- كليتنا) متفردة واقعة عند مدخل المدنية عند طرفها الشرقي، كان … جالسا مع زملاء الدراسة من طلاب العرب الغير العراقيين (أردنيين وفلسطينيين) عند حديقة بوابة النادي الطلابي يشرح لهم عن الديانة الايزيدية بعد أن أنتبهوا لتصرفاته الغريبة ولاحظوا سلسلة مطرزة بالذهب عليها رموز ودلالات خاصة بديانتهم (في عنقه) وعلى صدره.
ما أن طلبوا مني الأنضمام والمشاركة في النقاش بعد ان تأكدوا أنني (أيزيدي الديانة) حالي حاله لكن بفارق ١٨٠ درجة، لاحظت تغيرا واضحا في ملامحه وخف نبرة صوته، جاوبتهم :
” زملائي الكرام في الحقيقة نحن أبناء الديانة الايزيدية نحترم كافة الانبياء والرسل ونقدر الرموز الخاصة بهم ونطلع على الكتب المقدسة لمختلف الديانات وندرسها، صحيح أنه هناك من الكتاب والمثقفين الايزيديين المهتمين بشؤون الاديان والمعتقدات والتاريخ والثقافة العامة يقرؤون ويحتفظون بكافة أنواع الكتب في مكتباتهم وبيوتهم لغرض الاطلاع عليها والاستفادة منها في ابحاثهم ودراساتهم، لكن مسألة تعميمها على عموم الايزيدية في أحتفاظهم بالكتب المقدسة لغيرها من الاديان في منازلهم وحمل رموز الخاصة بهم في الاعناق وعلى الصدور (كما اخبركم به ….) ليس صحيحا أطلاقا، مع هذا أقول – ربما يكون الامر طبيعيا بنظر شخص (ناقص) مثل زميلكم هذا لأنه وحده يتحمل تبعات سلوكه الشاذ هذا والايزيدياتي منه بريئة ..!؟ “.
بقي أن أقول، ما أحوجنا اليوم الى البحث عن المعلومات في مناطقنا والاطلاع على الاحداث لسنوات التي خلت ورصد ما يدور ويحدث الان والتركيز على دور الافراد القائمين والمنفذين فيها سلبا كان او ايجابا ليكن بمقدور أجيالنا القادمة مستقبلا العمل بمبدا الثواب والعقاب على الجميع بعدل وأنصاف متجنبين خسارة المزيد من الكبرياء الايزيدي وفقدان السمعة الطيبة حيث كانت من ابرز الصفات الايزيدي بسبب الخلط الحاصل بين الحابل والنابل عندنا الان، لذا لا استغراب في الامر حينما نرى أو نسمع بأن (……) أصبح كغيره وجها أجتماعيا وصاحب أعتبار وتم تكريمه لتقديمه أنشطة خاصة بالايزيديين والتي (لا تساوي فلسا أحمر) فكرا كانت أو محتوى والغالبية من أبناء الديانة الايزيدية على علم بماضيه الوسخ وحاضره الذي لا يشرف حاله حال غيره من أمري الافواج الخفيفة (الجحوش) ومسؤولي سرايا أبو فراس الحمداني الخاصة بالايزيديين ..!!.
هنا لا يسعني الا الدعاء وطلب الرحمة والغفران على أرواح جميع الشهداء والمؤنفلين المضحين من أبناء ديانتنا الايزيديين الذين لقوا حتفهم أثناء فترة الكفاح المسلح لثورة التحررية الكوردستانية في الثمانينات من القرن المنصرم وما تلاه وأنحني بقامتي امام أرواح كل من الشهداء :
الاستاذ والمربي الفاضل (حيدر نزام) والنصير البيشمه ركه (عادل قوال حجي) ورفاقه الابطال (عيدو شيخ كورو الهويري ورشيد حسين رشو) والخالد (خالد مشكو درويش) والمؤنفلين (أسماعيل باباشيخ)، والشقيقين (أرجان وفريد ماري حسن- الاكاديمي) وزملاء الدراسة المناضلين المهندس (صبري محمود بيرسته كى) و التربوي(خديدة خدر ايزيدين خؤرزى) والطالي المتمرد والشجاع (خديدة عيدو بوزاني) وعوائلهم والضحايا من شبابنا الايزيدي (نايف ردو سمو)و( عارف كرتان جيجو) و(أيزدو علي سعدو الشنكالي) وأخرين تخذلني الذاكرة أستذكارهم.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular